المقالات

بلير......حمامة السلام !


( بقلم : المهندس محمد علي الاعرجي )

بعد عشر سنوات من توليه رئاسة الوزارة البريطانية، غادر المستر بلير القصر الرئاسي مستقيلا لصالح وزير ماليته كولدن براون الذي خطف رجله على عجل قبل أن يستلم الكرسي الرئاسي وزار قوات بلاده في جنوب العراق الباسم ! وقطعا لم يكن سبب تلك الزيارة العاجلة المفاجئة هو الاطمئنان على حال الشعب (المتحرر) والوقوف على درجة التطور التي وصل العراق إليها بعد أربع سنوات عجاف، إنما السبب برأينا هو تجديد الدعم المعنوي لتلك القوات التي لا تعرف إلى الآن موعد انسحابها الذي طال اجله بعد أن تعددت الآراء والاجتهادات في تحديد موعد ثابت للرحيل، وأيضا للاطلاع عن قرب على حجم التهديد الذي قد تتعرض له القوات البريطانية وهي القريبة جدا من مدى النيران الإيرانية فيما لو تغابت أمريكا أو إسرائيل وشنت هجوما عسكريا على إيران .

وقد يكون الموقف البريطاني في هذا الشأن ونقصد الانسحاب من العراق مرتبط بالقرار الأمريكي الذي بات هو الآخر لا يجرأ على تحديد موعد أو سقف زمني لبقاء قواته والحجة إن ذلك عائد للحكومة العراقية (المنتخبة) .ونعتقد إن بلير أوفر حظا من كولدن براون ومن بوش نفسه كونه أصبح الآن خارج مسئولية اتخاذ قرار الانسحاب الذي قطعا لن يكون بتلك السهولة التي اتخذ بها قرار غزو العراق، فالوضع الآن على الساحة العراقية لا يحتمل، خصوصا بعد التغيير المتتالي لسياسة أمريكا وتخبطها الواضح وفرضها لرؤيتها الناقصة على الحكومات العراقية المتعاقبة، تلك الرؤية التي أثبتت عدم معرفة الأمريكان بطبيعة المجتمع العراقي ومدى الظلم الذي وقع عليه من قبل النظام البائد، وكون الناس فرحت بساعة الخلاص لا يعني رضوخها لإملائات الأجنبي .

وعلى هذا الأساس نعتقد إن الانسحاب من العراق أيا كان موعده سيكون صعبا ومؤذيا إن لم يكن كارثيا، والسبب هم الأمريكان أنفسهم عندما غيروا سياستهم واتجهوا نحو العصابات الصدامية المسماة بالمقاومة العراقية بناء على توصيات ونصائح السفير الأمريكي السابق زلماي خليل زاده ومشورة بني سعود الغارقين بالعمالة والطائفية حتى ذقونهم القذرة والمسخرين ثروات بلادهم رخيصة لكل ما من شأنه تدمير العراق وإلحاق الأذى الأكبر بشعبه وبكل أطيافه وأعراقه، وغبي من يصدق إن بني سعود يدعمون السنة في العراق، لكنهم وجدوا من العفالقة وعلى طول حكمهم الأسود في العراق خير معين لهم في تحقيق ما يتمنوه للعراق من دمار وقتل لأهله، كما إن السنة في العراق معتدلون وهذا لا يروق بأجمعه لوهابية السعودية .

وأهل السنة في العراق عرفوا قبل الشيعة ماهية المذهب الوهابي وعلى يد من أنشأ هذا الفكر المعادي للإسلام، وهم أي السنة وبمذاهبهم المختلفة يعلمون علم اليقين أن مذاهبهم تلك مستقاة من المدرسة الجعفرية لأهل البيت، وبالتالي فلا يمكن أن يخسروا دنياهم وآخرتهم ويقفوا مع قاتلي ومكفري أئمتهم ورمز الرجعية والعمالة في المنطقة، أما المنادون بحقوق أهل السنة ابتداء من حارث الضاري والدليمي وغيرهم فهؤلاء لا يمثلون السنة مطلقا بل ارتضوا لأنفسهم المذلة والخنوع والتسكع في دول الجوار لجمع الأموال باسم المقاومة (الشريفة) وبالحقيقة هي مشروع إقليمي قذر يهدف إلى عودة قتلة الأمس الفارين من ساحة المواجهة إلى الحكم وتسخير أبناء الشعب العراقي وثرواتهم لخدمة المشروع الأمريكي الجديد في مواجهة إيران ولا يهم عشرات الألوف من الضحايا والخراب بل المهم أن يحيا عربان الخليج بسلام ونصبح أضحوكة للمصريين والأردنيين ينعمون على لاجئينا من أموالنا التي نهبوها أو وهبها لهم صدام النذل.

ومع استمرار ماكينة الذبح بالعراقيين من كل الطوائف والملل والتخريب اليومي للبنى التحتية، في هذا الوقت بالذات غادر بلير الرئاسة غير خالي الوفاض من أموال العراق فضلا عن مكافئات بني سعود على موقفه المتميز في تدمير بلدنا، وقد رشح الآن لرئاسة اللجنة الرباعية الدولية التي تسعى لإحلال (السلام) بين الفلسطينيين واليهود، وحقيقة فان ماضي هذا الرجل لا يؤهله للعب هكذا دور، إلا إن الأجندة المعدة للمنطقة والدور الذي اسند لبني سعود لإدارة ملفات العراق ولبنان وفلسطين بعد تهميش الدور المصري جعل الإدارة الأمريكية ترمي بثقلها على بني سعود وهي تعلم جيدا إن (خادم الحرمين) بإدراكه السياسي البسيط وثروته الطائلة سيكون خير معين لها الآن بعدما نفخوه وجعلوا منه زعيما للعرب والمسلمين وهو لا يكاد يصدق ذلك .

كما لا يوجد أفضل من بلير لتزعم اللجنة الرباعية التي تريد فرض إرادة بني صهيون على الواقع الفلسطيني وعدم السماح بإقامة الدولة الفلسطينية، فهي مجرد حلم أو حبر على ورق طوي مع خفايا موت ياسر عرفات، وبعد إعداد الطبخة جيدا واستفراد حركة فتح وزعيميها أبو مازن ودحلان بالسلطة الفلسطينية والانقلاب على نتائج الانتخابات وإبعاد حماس، حيث رأى العالم بأم عينيه كذب الادعاء الأمريكي بدعم حرية وديمقراطية الشعوب، بعد الحصار والمقاطعة لحكومة حماس التي افرزها صندوق الانتخاب !!

وهل يمكن للباس الحمل الوديع وأجنحة الحمام أن يخفيا مثل هذا القاتل المحترف للعراقيين واحد المشاركين بمهزلة الحصار الظالم الذي فرض على الشعب العراقي، وإذا كان بلفور البريطاني سببا في كل المصائب والفتن التي نزلت بالأمة العربية والإسلامية على خلفية وعده المشئوم بإقامة دولة بني صهيون على ارض فلسطين فعلينا أن لا ننسى أن هذا حفيد ذاك، وسياسة الانكليز بشكل عام منحازة تماما لصالح الكيان الصهيوني وكونهم احد الأعضاء الخمسة في مجلس الأمن فهم دوما لم يدخروا وسعا في كل ما من شأنه الإيذاء والانتقاص من العرب والمسلمين، فهل يكون بلير خير ممن سبقه ويخرج عن إجماع الأمة الانكليزية وينصر العرب في قضينهم !وليس بعيدا عنا اغتيال أميرتهم ديانا بعد ثبوت علاقتها أو حملها من المليونير العربي دودي الفايد .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك