( بقلم : علي الشمري )
ان للحق سبحانه وتعالى جمال وجلال لائق بشانه ومختص به تعالى جل شانه . وعندما كان الله تعالى وما يزال منذ الازل الى الابد جميل ويحب الجمالا , اقتضت الضرورة الجمالية فيه ان يُضهر العوالم والموجودات من حيز العدم الى خير الوجود .حيث انه امر طبيعي في كل جميل .....ومن البديهي ان كل جميل لابد ان يظُهر جماله ويبينه لغيره ، لذا صار الجمال ظاهرا من الجميل,وكما ورد في الحديث القدسي ((كنت كنزا مخفيا فاحببت ان اعرف فخلقت الخلق لكي اعرف ...))) وبذلك يكون .... بالحب ظهر الوجود ، فالذات احبت وبهذا الحب خلق الخلق والوجود والعوالم كلها ,فكلها من فيض الوجود الاقدس .
وهنا سؤال يطرح نفسه في هذا المقام ؟؟؟؟ اذا كان الجميل احب الجمال وهو مطلق الجمال ، وبهذا الجمال المحبوب ... خُلق الوجود والعوالم ,.فلابد ان يكون المخلوق الاول والصادر عنده اجمل شىء في الوجود واعز شىء.... فما هو هذا المخلوق الاول والذي حسب قاعدة الجمالية يكون قد فاض من الجميل......فالجميل لايصدر منه الا جميل ..!! والاجابة عن هذا السؤال نجد بحسب هذه القاعدة الجميل لا يصدر منه الا الجميل , اضافة الى قاعدة اخرى وهي قاعدة الشرفية حيث ان (( الشريف لا يصدر منه الا شريف ، ولا يصدر منه الوضيع او الرذيل ...وبذلك فان المخلوق الاول والنور الازهر يستحيل ان يكون الصادر الاول عن الشريف الا الشريف ، والاشرف في الموجودات ....فالمتفحص في الفرآن الكريم والاحاديث الشريفة عن آل البيت (عليهم السلام ) يجد زخما من الادلة الكبيرة الناصعة البياض والبراهين الجلية .... والتي تدل دلالة قطعية على كون اول الخلق اشرفها . فقد جاء في الحديث الشرف : قال الرسول (صل الله عليه واله ) : اول ما خلق الله نوري وفي اخر : اول ما خلق الله العقل .. وهنا لا منافات بين كون الصادر الاول هو العقل او نور النبي (صل الله عليه واله) .فالعقل نور من نور الله سبحانه فتجلى نور نبينا من نور رب العالمين . ثم تجلت بقية الانوار الرحمانية المتمثلة في اهل البيت (عليهم السلام ) ومن قوله تعالى : يا احمد لولاك لما خلقت الافلاك , يتبين لنا ان النور الاحمدي هو قطب راحة الكون والنشىء الدائم فهو خاتم الانبياء (صل الله عليه واله) والخاتمة انما هي الفاتحة .
وقول النبي (صل الله عليه واله) : واول ما خلق الله يا جابر نور نبيك ............وبدلالة قوله تعالى وما ارسلناك الا رحمة للعالمين . الانبياء 107 فهو الرحمة الواسعة الحقيقية التي وسعت كل شيء فهو المفيض عليهم وجودهم وكمالهم ... فيتبين لنا ان الله تعالى اول ما خَلق ...وصدر منه هو النور ..... وهو نور نبينا محمد ( صل الله عليه واله) وخلق من هذا النور انوارا اخرى ، كانت هي الواسطة في افاضة وجود الخلق ...... كل حسب شرفه ومرتبته النورانية .... وهذا مصداق ما جاء عن الامام الصادق (عليه السلام) : نحن صنائع الله والناس بعد صنائع لنا .......وفي الحديث القدسي : يا احمد لولاك لما خلقت الافلاك ولولا علي لما خلقتك .......يتظح لنا ان هناك سر مستودع ما بين السر المحمدي والسر العلوي فما هو هذا السر ومن اين الدخول والوصول الى السر المحمدي ....
فقول نبينا الكريم (صل الله عليه واله) يا علي لم يعرف الله الا انا وانت ولم يعرفني الا الله وانت .,فاذا ما اردنا الدخول فبي السر المحمدي كان لابد لنا من معرفة السر العلوي قبل ذلك .....وقول النبي :: انا مدينة اعلم وعلي بابها فمن اراد المدينه فلياتها من بابها , وبذلك يتبين ان من اراد الدخول في الحقيقة المحمدية كان لابد له من السير في الحقيقة العلوية .
ولتكمله المقام .... نذكر بقول النبي (صل الله عليه واله) : كُنت نبيا وآدم بين الماء والطين . اضافة لقوله : اول ماخلق الله نوري , واول ما خلق الله العقل ، واول ما خلق الله القلم , واول ما خلق الروح , يتبين من كل ما ذكر انه عين الله الناظرة وعين العالم وهو المعبر عنه بالانسان الكامل فقوله تعالى :: لولاك لما خلقت الافلاك ........فهو ينظر بنظره الى العالم فيرحمه بالوجود لقوله تعالى : وما ارسلناك الا رحمة للعالمين , فهو مصدر الكل ومنشؤه وهو ايضا مرجع الكل ومبدؤه فهو المبدأ واليه المنتهى ..... وبتكملت الحديث القدسي ( ولولا علي لما خلقتك ) فهذا السر المستودع ما بين الاثنين مقام الرسالة ومقام الولاية ....
فمن اراد الدخول الى مقام الرسالة كان عليه المرور بمقام الولايه لمعرفة الرسالة ....واثبات ذلك ماجاء عن النبي (صل الله عليه واله) : كنت وليا وادم بين الماء والطين, وآخر : انا وعلي من نور واحد ..... وقوله في مقام اخر : خلق الله روحي وروح علي بن ابي طالب قبل ان يخلق الخلق بالفي عام ,وآخر : بُعث علي مع كل نبي سرا ومعي جهرا , واما اثبات : ان من اراد الدخول في الرسالة المحمدية كان عليه الدخول عبر امير المؤمنين (عليه السلام )
قال رسول الله (صل الله عليه واله) لقد اسري بي ربي عز وجل .. اوحى الى من وراء حجاب ما اوحى وكلمني فكان مما كلمني انه قال :يا محمد علي الاول , وعلي الاخر , والظاهر والباطن , وهو بكل شىء عليم ...فقلت يارب اليس ذلك انت ؟؟ثم فسر سبحانه بعد توصيفه نفسه قال .....علي الاول : اي ان اول من اخذ ميثاقي من الائمة , وعلي الاخر اي اخر من اقبض روحه من الائمة ، وهو الدابة التي يكلمهم .... يا محمد علي الظاهر . اُظهر عليه جميع ما اوحيته اليك ...
ليس لك ان تكتم منه شيئا .. يا محمد , علي الباطن ، ابطنته سري الذي اسررته اليك فليس فيما بيني وبينك سر دونه ....يا محمد علي عليم بكل ما خلقت من حلال او حرام ,وبعد بيان انا الاول وانا الاخر وانا الظاهر وانا الباطن وانا وجه الله وانا جنب الله ..... يدل ذلك على انه حقيقة علي وحقيقة النبي حقيقة واحده ...وهذا هو دلالة قول النبي (صل الله عليه واله) انا وعلي من نور واحد ..
وفي نهاية المطاف : يتبين لنا ان النبي (صل الله عليه واله) تجلت فيه ثلاث مراتب من المراتب المتعلقة والمفاضة من رب العزة وهي : النبوة والرسالة والولاية . حيث ان كل رسول يكون نبيا ولا يكون كل نبي رسولا . كما انه كل نبي يكون وليا ولا يكون كل ولي نبيا وايضا لا يكون نبيا الا وتكون ولايته اقدم على نبوته اي تكون متقدمة على نبوته. فالولاية باطن النبوة والنبوة باطن الرسالة وكل واحد منها اشرف واعظم من الاخرى فبواطن الاشياء اعظم من ظواهرها لانها محتاجة اليها وهي غيرمستغنية عنها. وعلى هذا الحال تكون كل مرتبة من المراتب التي ذكرناها الولاية ، النبوة ، الرسالة مِثلها كمثل اللوزة الكاملة في ذاتها . فان لها ظاهرا وباطنا وباطن الباطن ..... ونعني بذلك ان لها قشرا, ولبا ، ودهنا فالمرتبة الاولى هي القشر كالرسالة والثانية هي اللب كالنبوة والثالثة هي الدهن كالولاية ....
علي الشمري بكالوريوس علوم اسلامية
https://telegram.me/buratha