( بقلم : المهندس محمد علي الاعرجي )
في رمضان وكما هي العادة تكثر أعمال الخير وتصل إلى نسبة عالية قد تفوق ما يحصل خلال الأشهر الأخرى مجتمعة، والتواصل بين الأهل والأحبة من خلال الزيارات وتبادل الأكلات اللذيذة حالة معروفة بين العوائل العراقية رغم انتكاسها في سنوات الحصار الذي فرض على الشعب العراقي أيام حكم الطغاة على خلفية احتلال الكويت عام 1990وما تبع ذلك من استشراء العوز والفاقة بين عموم العراقيين باستثناء الطبقة الحاكمة والمتزلفين لها طبعا .
واستطاع النظام القمعي السابق أن يوظف مأدبة رمضان لصالحه بان يصدر قرارا لتكريم العوائل العراقية بدجاجة أو ربع كيلو دهن طعام أو بضع غرامات من الشاي على أن تصرف قبل حلول شهر رمضان ! كما كان يقيم مآدب إفطار في جوامع معينة ومعروفة، الغرض منها هو الدعاء للقائد الضرورة وأمام كاميرات تلفزيون بغداد الذي لا يوجد تلفزيون غيره يشاهده المواطن العراقي آنذاك .
والملاحظ على تلك المآدب هو طغيان الزي الزيتوني على الحاضرين كون المدعوين هم من أزلام النظام وخدامه، فهؤلاء هم من يتقرب بهم صدام إلى الله بعد إشباع بطونهم الممتلئة أصلا هذا إن كان فيهم صائم !واليوم وبعد رحيل تلك الدمى الزيتونية وخلاص الشعب من مكارم أبو المكارم، تنفس الناس الصعداء وامتلأت الأسواق بالأطعمة والاشربة المحلية والمستوردة إلى حد انك بت ترى فاكهة الموسم والموسم السابق معروضة معا في الأسواق .
وكون الإرهاب المستورد والمحلي غزا كل حياتنا إذ لم يرضى الحاقدون إلا أن يعاقبوا هذا الشعب المسكين على فرحته برحيل الصنم واختيار حياته الكريمة، وهكذا أصبح العراق ضيفا على موسوعة (جينيس) للأرقام القياسية من حيث عدد القتلى والأرامل والأيتام والمخطوفين ودمار البنى التحتية وأخرها المهجرون في بلادهم وأنني لا أبالغ إذا قلت أن ذلك لم يحصل في أي بلاد أخرى سابقا . وبدلا من أن يصبح العراق مثل الإمارات أو الكويت كما قال المحتلون ذلك، أصبح العراق اليوم لا يختلف عن أي دولة افريقية متخلفة !
فالأمن والخدمات باتت في خبر كان وانتشرت بيوت السعف و(الجينكو) لتأوي المهجرين داخل وفي ضواحي المدن التي تسمى آمنة، مثل النجف الاشرف وكربلاء المقدسة على وجه الخصوص ولو مررت على تلك البيوت واستطلعت أحوال أهلها وسألتهم كيف امضوا الصيف اللاهب دون ماء أو كهرباء أو الشتاء البارد كيف أمضوه لأصبت بالذهول وأضنك ستقول، لهؤلاء يجب أن تقام موائد الإفطار ولأطفال هؤلاء يطبخ الطعام ويقدم وبهم وحدهم نتقرب إلى الله لا بغيرهم لأنهم تركوا الديار والأموال من اجل العقيدة لا غير وأية عقيدة .
ما جعلني اكتب هذه السطور هو المشهد الذي عرض من على شاشة قناة العراقية مساء يوم الأحد المصادف 30/9 لمائدة إفطار أقامها القائم بالأعمال العراقي في دولة الإمارات للجالية العراقية المقيمة في بلاد الشمس تلك .وكانت الدعوة موجهة للأدباء والفنانين وغيرهم من المهجرين الفقراء المقيمين في الإمارات !!!!!!!على من تضحكون وماذا ستقولون لرب العزة وانتم الآن مؤتمنون على أموال العراق، فهل المطرب ماجد المهندس والعراقي وجلال خورشيد وغيرهم آخرين من أدباء وصحفيين مجدوا طاغية بغداد وهربوا من العراق بعد أن ملأ البعض منهم حقائبه من أموال العراق ليستقروا في الإمارات، ومن ذا الذي يستطيع العيش في الإمارات وهي تتعامل بالدولار غير أصحاب الملايين، فهل تحل الصدقة على مثل هؤلاء، وهل نتقرب إلى الله بإفطار آكلي السحت ؟ وكيف سيتم صرف المبلغ الذي خصص لإطعام هؤلاء (المعوزين) وتحت أي باب .
ألا يخاف السيد الملحق من محاسبة الله قبل محاسبة السيد وزير الخارجية أم أن ذلك لا يعنيه فالمهم هو انجاز يسجل لسيادته بأنه راعي الجالية العراقية الفقيرة جدا في الإمارات . وكانت الصورة مقتضبة وسريعة ولم نلاحظ باقي (الصائمين) في تلك القاعة العامرة، ورب سائل يسأل هل كانت (البرتقالة) حاضرة ضمن المدعوين إذ لابد من الفاكهة بعد وجبة الإفطار الدسمة !
ولفقراء العراق أقول، لكم الله ولا تنسوا أن ترفعوا أيديكم بالدعاء فلعله سبحانه وتعالى يستجيب ويحنن قلب السيد رئيس الوزراء ويأمر بصرف عيديه محترمة تجعلنا لا نتحسر ونحن نرى موائد الإفطار تجتمع عليها الشياطين التي لم تكتفي بنهب بلدنا ولا ننسى أن نُذكر السيد رئيس الوزراء أعانه الله على أن يكون صرف عيدية عيد الفطر سريع ومباشر لا أن نستلمها بعد عيد الأضحى كسابقتها بسبب بيروقراطية المصارف .
اللهم لا نسألك رد البلاء بل اللطف فيه ... فما وقع علينا من أيدينا وحاشى لك يارب أن تظلم أحدا .اللهم ارحم فقراء العراق وأرامل العراق وأيتام العراق والمهجرين في العراق فلم يعد أحدا يرحمهم سواك .. وان كان لابد من غضبك فانزله على رؤوس كل من ظلم هؤلاء وتاجر بدينك واستحل حرمة شهرك الكريم بمعصيتك .
https://telegram.me/buratha