( بقلم : قيس ابو محمد )
ابدأ مقالي هذا بمقولة للسيد الشهيد محمد باقر الصدر قدس سره الشريف ( إن مذهباً يثبت نفسه من كتب خصمه أحق أن يتبع ، وإن مذهبا يحتج عليه بما في كتبه فيلجأ للتأويل والتحوير أحق أن يتجنب عنه ) والتي تدلل مقدار الثقة المتناهية التي يمتكلها هذا الانسان المجدد لعصره فلقد واجه اثناء حياته مخاطر جمة شّخصها قدس سره الى نوعين الخطر الداخلي والخارجي ليقف بصلابة بوجه الخطر الخارجي المهدد لنسيج العالم الاسلامي في حينه وهو المد الاحمر الذي اكتسح طبقة كبيرة من الشباب الواعي وضمها لصفوفه ليبدا رحمة الله عليه عبر ضخ العلوم المضادة للفكر الماركسي وخاصة ما يتعلق بالفلسفة والاقتصاد وفي نفس الوقت تراه ينهمك بتوضيح العديد من الافكار التي اتهمنا بها من قبل فيما يتعلق بنشؤء التشيع وبذرته فتكونت اجيال صلبة وملمة بالفكر الاسلامي بالرغم من الملاحقات والمضايقات التي تؤدي الى ان تنتهي حياة الفرد بسبب هذا . فالمناظرات وتوضيح الحقائق ومواجهتها وايقاف زحفها من اولويات المذهب والدفاع عنه ليست وليدة عصرنا الحالي فالمناظرات تمت منذ ايام الامام الصادق عليه السلام بالرغم من الشدة والتضييق من قبل الحكام الفسقة الذين عمدوا الى توسيع الفجوة بين المكلف وبين المرجع لكي تنقطع تلك الصلة التي هي سبب ديمومة اي مذهب وبقاءه صامداً لكن يأبى الا ان يتم نوره ولو كره الكافرون .
ففي ايام الخوف وصعوبة الحصول على المصادر راينا طبقة كبيرة من الشباب التزمت خط الائمة الاطهار بنشر الوعي من خلال التفقه والتسلح بالعلوم اللازمة لحماية المذهب ويعملون على نشر الاصدارات بالرغم من المخاطر وبالرغم من قلة تواصلهم مع العلماء لذا رأينا كيف تجاوز هذا المذهب محن لاتحصى فالعصور المظلمة من الحكم الاموي مرورا بالعباسي ثم العثماني حتى حكم الطاغية واستخدامه ابشع الطرق لتفتيت المذهب عجزت عن تغير مساره بل العكس حصل وهو ظهور اجيال من العلماء فاقت بذكائها عصورها والتجديد اصبحت سمة ملازمة للمذهب والانسان المومن فيه تراه يملك خزينا لاينضب مستمد من علوم اهل بيت الرحمة عليهم السلام فحججهم وادلتهم اقوى من ان تناقش فتراها جلية وواضحة وضوح الشمس وتمكنهم من العلوم يجعلهم يستدلون بادلة غيرهم التي تملا كتبهم فتكون ملزمة لهم لذا انصّب النواصب على تغيير وتنقيح جميع الطبعات بما تماشي اهوائهم فجمعوا الاحاديث التي يرونها لاتمتلك تاويل او تفسير مناسب الى عزلها كما فعل الطحاوي بعزله عشرات الاحاديث ليعتبرها شبهه بالرغم من وجود هذه الاحاديث منذ قرون ولم يتجرأ اي عالم من علماء المذاهب الاربعة بعزلها كما فعل النواصب الوهابية وها هم يصولون ويجولون بدون رادع يردعهم فلم نرى شخص تصدى لهولاء من خلال القنوات الفضائية فنحن بايام الرخاء لم نحرك ساكنا كما كانت الايام الخوالي فهل يعقل ان نطلب رجوع ايام الشدة لكي نؤمن بعقيدتنا اكثر منها بالرخاء فطبقة كبيرة من الشباب الواعي الذين اعرفهم قد غفلوا ومنهم من وقع بالمعاصي ومنهم انشغل بلهثه وراء العيش وهذا ما لم اتصوره يوما فما هو السبب ؟ فنحن الان بعيدين كل البعد عن علوم الله وبالدرجة الاساس القران الكريم ثم عترة رسول الله الذين وصفهم بانهم لايفترقا حتى يردا عليّ الحوض فهل تركنا القران ام تركنا اهل بيت الرحمة ام تركناهم سوية وربما يقول قائل فما بال الزيارات المليونية لاضرحة الائمة الاطهار فاقول هذه جموع كمية وليست نوعية , فلم نرى شخصا وقف بوجه ابن جبرين ليدحض كلامه وسبب فتواه المتعلقة بالتكفير فهل عجزنا ام اننا نعرف فقط لهجة الوحدة الاسلامية وهم لايعتبروننا من الاسلام اصلا ام اننا نؤجل المواجهة كما هي الحال بالسياسة فيستشري المرض الخبيث بجسدنا ثم لاينفع استئصال في حينه فالواجب الشرعي يحتم المواجهة بدل السكوت فهناك استفتاء للسيد الخوئي رضوان الله عليه بخصوص المناظرات فالسائل يخبره بانه كثير الاحتكاك مع اناس يحرجونه بالاسئلة التشكيكيةالتي لايعرف جوابها فكان الجواب هو بوجوب التسلح بالعلم وبالمسائل التي تتعرض لها لحماية المذهب فكيف والان نحن نملك القنوات والفضائيات التي لاتعرف سوى نقل شعائر فيها لطم وضرب ودماء تسيل فكيف يكون الجواب لشخص محمل بالسموم ان يقبل منك اي فكرة , فلابد من التمهيد لقبول الفكرة ( وطبعا هنا لا اقصد قبول فكرة الضرب بالسيوف والسلاسل ) بل قبولهم على اقل تقدير باننا اعتنقنا مذهب الحق عن دراية وليس جهل كما هم يتصورون فدعواتي لكل انسان مؤمن غيور ومهما كانت مسؤوليته بان يخط له خطا نحو الله وليخصص وقتا من اوقاته للتفقه والتعلم لكي نكون نواة ندافع عن مذهبنا الذي تشوهت سمعته بالكامل بسبب دعاية الوهابية الكبيرة وبسبب وجود الجهلة الرافضين لفهم الحق ( اكثرهم للحق كارهون ) ولتكن قنواتنا منبرا علمياً دقيقا نواجه به ضحالة الفكر الوهابي ولا نريد ان تختص المنابر بنقل الروايات التي من شأنها ان تعمل على رفض المذهب جملة وتفصيلا ومن تلك الامثلة هو مصحف فاطمة الذي يتهموننا بانه قراناً لنا فانا ومن خلال ثلاث محاضرات لمحاضرين مختلفين وباوقات مختلفة رايت اجوبة مختلفة فكيف لهولاء ان يقنعوا اشخاصا تأثروا بفكر ابن جبرين التكفيري ,
ولايخفى على الجميع بان مشايخ السوء في السعودية يعرفون متانة مذهب اهل البيت عليهم السلام لذا يوصون عبيدهم بعدم الانجرار بمناقشة مع الرافضي وهذه صفة المهزوم فالامام علي عليه السلام سئل كيف تغلبت على الشجعان (النقل غير حرفي) فقال عندما ابرز له اعرف باني سوف اغلبه وعندما يبرز لي يعرف باني سوف اغلبه فأكون انا ونفسه عليه لذا لم يتجرأ النواصب خلال العقود الماضية بالمواجهة كما هو الحال هذه الايام لشعورهم بالضعف الشديد الذي يواجه مذهب اهل البيت ومعرفتهم بتفككه بسبب الانقسامات الواضحة في صفوفه وانشغالهم بامور خرجت عن الخط الطبيعي منحرفين عن النهج الصحيح وهذا اول المصائب لذا لابد من الرجوع الى الصواب بدل من رفع شعارات تكفيرية جهادية ضمن نطاق المذهب الواحد ولا ينفع الاعتصامات والتظاهر امام السفارات لايقاف مسلسل الفتاوى القاتلة سوى مواجهة فتاواهم وضربهم بالصميم وتعريتهم وكشف جهلهم فهل نحن لها ؟ فلابد من ظهور دعاة ياخذون فرصتهم في المواقع الالكترونية وفي الفضائيات ( ليس بالضرورة ان يكونوا حوزويين معممين ) وهذا جانب نفسي للمستمع فهم لايطيقون رؤية المعمم بالتالي لاياخذون منه كلمة الحق مهما كانت بل لايستمر بالاستماع منه لذا لابد من تبني هذا المشروع من قبل الجمعيات والمراكز الاسلامية المرتبطة بالمراجع العظام ليقوموا بدورهم وبهذا نكسب حسنتين وهما تنوير المكلف بمذهبه وبنفس الوقت هو اظهار الحق للمخالفين مما يودي الى استبصاره ليكفوا عن تصديق تفاهات واتهامات لمذهب الحق ليس لها وجود مطلقا . فالهجمة شرسة جدا هدفها تدمير مذهب الحق مستغلين وضع العراق الحالي لمقارعته بعقر داره وهذا ماكانوا يحلمون به منذ غزواتهم القديمة لتدمير ضريح الامام علي عليه السلام قادمين من الحجاز والتاريخ واضح بهذا الشأن وهم الان موجودين بكل قواهم مدعومين من فئات عديدة داخل العراق فهل ننتظر ان ندين ونشجب ونرفع اصواتنا للمجتمع الدولي والاعتصام امام السفارات .
https://telegram.me/buratha