( بقلم : المهندس محمد علي الاعرجي )
كثر الجدل وتعددت الاستفتاءات حول ما يسمى بالعلم العراقي، فالبعض يريد الإبقاء على هذه الراية انطلاقا من كونها تمثل رمزا للبلاد وماضيا يحن إليه فيما يرى آخرون إنها تمثل تاريخا من الإجرام والعبودية لا يمكن أن يمحى بسهولة من الذاكرة العراقية حتى لو طرزت تلك الراية بعبارة (الله اكبر) التي خطها القائد المهزوم عندما كانت خطبه الرنانة تجد لها آذان صاغية وأيادي لاتمل التصفيق، وقد انطلت تلك الأقوال المنافقة على الكثير من المؤمنين بالقائد الضرورة الذي تحول بين ليلة وضحاها من رمز الأمة العربية وقوميتها إلى القائد المسلم الذي سيحرر القدس بعد أن سلمه احد مرتزقتها مفتاحها الصدئ .
والغريب في الأمر انه وبعد الخلاص من عصر القادة الأفذاذ ساكني الجحور، كان أملنا أن تغيب عنا كل تلك الرموز المقيتة التي تذكرنا بالوجوه العابسة والعسكرتارية وعبادة الفرد، إلا أننا وبكل أسف لازلنا نعيش تلك الفترة شئنا أم أبينا فالكثير من جداريات صدام وأقواله ووصاياه لا زالت تطالعك في بعض الشوارع والساحات ودوائر الدولة ويمكنك أن تلاحظ أن يدا خجولة وخائفة قد امتدت وعبثت قليلا في تلك الجداريات دون أن تزيلها كليا وكأن العملية مقصودة أو لنفاذ مادة (البوية ) والمعاول من الأسواق !!!
ولو عدنا إلى الراية التي هي ما يعنينا الآن فعندما صدر القرار بإبدال تلك الراية أيام مجلس الحكم، قامت الدنيا ولم تقعد فتم التغاضي عن الموضوع واكتفي بتغير الخط الذي كتبت به عبارة (الله اكبر) إلى الكوفي أو المسماري ! إلا إن ذلك لم يعمم ولعل الحكومة لم تنتبه إلى أن الكثير من مسئوليها لا يروق لهم الحديث أمام كاميرات الإعلام إلا وخلفهم راية صدام المخطوطة بيده، علما إن هناك خطأ قواعدي ارتكبه الطاغية في وقتها عندما وضع (الشدة) في غير مكانها على كلمة الله !
والمثير في الموضوع هو استشراء الغيرة بين مسئولي الدولة المدنيين والعسكريين ومن مختلف الدرجات والرتب بوضع العلم داخل مكاتبهم ومنهم من يكتفي بعلم صغير كقلم الرصاص بينما الآخر لا يرتاح إلا بعدما يغطي العلم إحدى زوايا غرفته العامرة . ولا نريد أن ننكأ جراح المظلومين ونذكر الناسين، فهذا العلم كان يرفرف فوق جحافل جيوش الطاغية وهي تقتحم المدن الآمنة بعد الانتفاضة الشعبانية وتدنس المراقد المقدسة وتنسف الجوامع والحسينيات وتعتدي على الأعراض وتقيم الاحتفالات بقتل الجموع البريئة أو دفنهم أحياء في مقابر جماعية، أو تلك الصواريخ البالستية العملاقة التي يزينها علم صدام وهي تسقط على الأحياء السكنية في الوسط والجنوب مخلفة دمارا شاملا ومئات الضحايا، فهل يرضى الله الرحمن الرحيم أن يكتب اسمه الجليل على أدوات الدمار تلك أو يكتب على قطعة قماش يذبح تحتها الأحرار وكل من رفض الخنوع لسلطان الجور والبغي .
أبدا وحاشا لله أن يرضى بذلك، ولكن الطغاة والجبابرة ومنذ الأزل عرفوا كيف يستغفلوا الناس بتلك الشعارات والأساليب الرخيصة لتنفيذ مآربهم الدنيئة، والآن لابد أن يكون للأحرار والمثقفين وأهل الرأي صوت مسموع يعلوا على كل الزعيق الذي نسمعه حاليا وان يكون لهؤلاء موقف رافض لكل رموز وتبعات العهد ألصدامي النتن، والانتباه جيدا لما يراد بالعراق... وخيرا فعل الأخوة الأكراد عندما نظفوا إقليمهم من تلك الرموز والقذارات وتمتعوا بنعمة الأمن والسلام وبقينا نحن ندفع مئات الضحايا يوميا غير منتبهين إلى مصيرنا المجهول، ونثور ونزأر عندما يراد تغيير العلم متغافلين عن أمر مهم وهو أننا لحد الآن بلا سيادة والمحتل يصول ويجول ويعتقل ويقتل دون رادع أو قانون يحاسبه .
ولا نبالغ إذا قلنا أن ضحايانا نتيجة للإرهاب القادم مع الاحتلال يكاد يوازي أو يزيد على ما فقدناه على يد صدام اللعين بعد أن تحالف قتلة الأمس مع التكفيريين لإبادة ما تبقى من الشعب .إذن لابد من موقف ديني ووطني مسئول يفضح ما يدور في الغرف المظلمة وفنادق دول الجوار للالتفاف على إرادة الشعب المقهور وإلغاء الانتخابات والدستور وفرض نظام دكتاتوري عميل آخر بقوة السلاح، وعلى السيد رئيس الوزراء تقع مسئولية شرعية وأخلاقية للقيام بهكذا دور قبل فوات الأوان وسيطرة فلول صدام المحتفين بالمحتل والمستعدين لتنفيذ أجندته، هذا هو ما يجب أن يثيرنا لا أن نثور ونحطم ونعتصم على اثر قرار تغيير العلم أو نستنكر على بعضنا رفضهم لهذا العلم ونحن إلى الآن يجبرنا المحتل وبإشارة من يده على النزول من الشارع لتمر آلياته المدرعة وسلاحها مصوب نحو صدورنا، فعن أي علم وسيادة تتحدثون وقد غصت مياه دجلة والفرات بجثث القتلى وبلغت نسب الأيتام والأرامل في العراق أرقاما مخيفة وتدنت الخدمات ومصادر الطاقة عندنا إلى مستوى مضحك وكل ذلك بسبب السكوت والتنازل عن الاستحقاق الانتخابي والتفريط بالحقوق وتمكين المجرمين من التسيد على رقاب الشرفاء باسم المصالحة والوحدة الوطنية ولو علمنا بهذا مسبقا لما تجشمنا العناء والخطورة يوم الانتخابات ولجلسنا في بيوتنا لنرى هل سيمنحنا الآخرين من مقاعدهم أو يتنازلوا عن وزاراتهم لنا مثلما فعلنا، وبدلا من كوننا الأغلبية صرنا أقلية مهجرة، بعدما جردونا من عروبتنا ومن ديننا ونحن نحمل علمهم ولسان حالنا يقول :
لبيك يا علم العروبة كلنا نفدي ألحمـــــــــــالبيك واجعل من جماجمنا لعزك سلمــــــــــالبيك إن عطش اللوى سكب الشباب له الدمـا!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
https://telegram.me/buratha