( بقلم : جاسم فيصل الزبيدي )
يقولون ان الفن رسالة انسانية سامية تعبر عن الحياة بصيغة تدل على الإبداع والتأثير بالذات الانسانية، وهي الربط المشترك بين شعوب الارض والتقارب بينهم كونها تحمل ثقافية تخلوا من التهريج ،فهي الروح التي تنصهر في جسد البشرية لتشيع فيها الحياة وتنشر بها الحب والسلام والطمانينة.
والفن ـ بكل فروعه ـ في العراق مر بازمة عصيبة في ظل النظام السابق حيث جُندت كافة طاقاته (لبعثنة)الفن لمصلحة القائد والحزب على حساب اصالة الفن السامي،مما جعل الفنان العراقي مجبراً على القيام باعمال لا ترتقي ومستواه الفني الرصين سواء رضي بتلك الاعمال ام لم يرضي مادام الاعتقال والسجن في اقبية المخابرات والامن العامة وغيرها من مؤسسات الرعب تلوح امام الفنان العراقي.
ان الذين فروا بفنهم بعد مغامرة شاقة وعصيبة ذاقوا من خلالها المتاعب والمشاق للهروب الى خارج الوطن ولسان حالهم يحاكي شطآن دجلة الخير وبساتينها:يانبعاً افارقه على الكراهة بين الحين والحينومن هولاء الفنانين على سبيل المثال(غزوة الخالدي/قحطان العطار/فؤاد سالم)وغيرهم من عمالقة الفن والغناء العراقي،فيما بقي البعض الاخر مهمشاً رغم الشعبية التي حصلوا عليها من جمهورهم الذي بنى لهم في قلبه تماثيل من ذهب وفضة ،حتى ان بعض الفنانين رحل عن دنيا الفن والجمهور من غير ان يعلم به احد بعد صراع مرير مع المرض والعيش الصعب كالفنان الكبير المرحوم(سليم البصري)الذي ماتزال ذاكرة الجمهور العراقي يتشوق ويتلذذ بمشاهدة رائعة الفن العراق الاصيل (تحت موس الحلاق)..فيما دفعت الظروف القاهرة والعوز المالي وضنك العيش ببعض الفنانين للجوء الى المسرح التجاري ابان تلك الفترة لتقديم مسرحيات دخلت عالمها الغجر وبنات الليل ومن لم تمت للفن العراقي الأصيل بصلة واللواتي اصبحن بين ليلة وضحاها فنانات الغلاف في صحف (عدي)من دون ان يعرفن أبجديات الفن،أما أصالة الفن فقد بقيت مركونة على رفوف النسيان.
بعد سقوط النظام ومؤسساته..لملم الفنانون ماتبقى من فنهم وقدموا له الدواء المناسب للشفاء من مرض(البعثنة) وسط لهيب النار ودوي الانفجارات ،فالفنان طاقة كالشمس تمنح ضوءها حين يشتد اللهيب لا تتوقف ولا تكل او تمل، لأنها كأهزوجة الجنون ودبكة الشمال وربابة البادية..فقدموا اجمل الاعمال الدرامية التي تنشر الحب والسلام بمنظور راقي ورصين فقد قدموا(بيت الطين)ذلك المسلسل الذي تعشقه السنة والشيعة والكرد لما فيه من معان عديدة للحب والتقارب بين طوائف الشعب بعد ان تفشى داء الحقد والكراهية بسبب القنوات الصفراء التي يريد من العراق ان يكون مجرد خربة تلهوا بها غربانهم.
كما قدموا(امطار النار)و(ملامح الوجه الاخر)اضافة الى البرامج العراقية الحقيقية والتي اسهمت الى جمع العراقيين على مائدة الصلح والمصالحة ومؤازرة العملية السياسية والمصالحة الوطنية كبرنامج(لعبة المحيبس)و(سؤال بليرة)وغيرها من البرامج الجميلة والممتعة ناهيك عن حياديتها وموضوعيتها في نشرة اخبارها .الا ان بعض القنوات ماتزال تحن الى ايام التهريج والكلمات البذيئة والتطاول على ابن الجنوب وابن شمال العراق الحبيب باعتبارهم مواطنون من الدرجة العاشرة او كأشياء قابلة للكسر ولكنها غير قابلة للتعويض...ومن هذه البرامج والمسلسلات مسلسل(أنباع الوطن او أنباء الوطن)الذي يشوه سمعة الوطن والعملية السياسية ويعرقل مسار المصالحة الوطنية التي يحاول قادة العراق القيام بها جهد قدرهم..هولاء القادة الذين تحملوا ماتحملوا من اجل اعادة الحرية والاصالة للعراق والعراقيين وللفن العراقي.
نحن لا نعتب على هذه القناة ولا على القائمين عليها فالجمهور العراقي يعرف من هم وكيف يحصلون على دعمهم ومن هي الجهات التي تقف وراءهم ولاجل ماذا يفعلون ذلك؟؟ولكننا نعتب على فنان له ثقله الفني حين هبط بتاريخه الفني الى مستوى الانحدار التجاري الرخيص لهذه الاعمال الهابطة.
ختاماً...شكراً لكل قناة عراقية اصيلة تسهم في نشر الابتسامة الصادقة على شفاه العراقيين ..شكراً لكل فنان يدخل الفرحة والبهجة والمتعة لبيوت العراقيين ...شكراً لكل كاتب ينثر امل الغد المشرق في دروب العراقيين..شكراً لقناة العراقية..شكراً لقناة البغدادية...شكراً لقناة الحرية..شكراً لقناة السومرية اللواتي اثبتن حقاً وصدقاً انهن من هذا الوطن وانهن من وحدة الارض،ووحدة الدم،ووحدة المصير..كالتقاء دجلة والفرات.
https://telegram.me/buratha
