( بقلم : المهندس والاعلامي حازم خوير )
مما لاشك فيه ان الحكومة العراقية رغم حداثتها فقد اسهمت وبشكل كبيرفي تغيير واقع الاقتصاد العراقي على المستوى المحلي من خلال ضلوعها بالعديد من الخطط الاقتصادية والاستعانة بالخبرات والتجارب الاقتصادية الموجودة في دول الجوار ناهيك عن الاستعانة ببعض الخبرات الاجنبية لوضع انجع السبل للنهوض بالاقتصاد المنهار الذي خلفه وراءه النظام المقبور .
ومن اهم ما شمل بهذه الخطط التنموية هي شريحة الشباب العاطل عن العمل الذي وغيره من شرائح المجتمع الاخرى همش وبشل متعمد واقصي عن دوره الاساسي والرئيسي في بناء العراق الجديد،ومن هذه الخطط : فتح ابواب التطوع على كافة صنوف القوى الامنية واشراك العديد من الكفاءات العراقية في الكثير من مشاريع البنى التحتية والتربوية وغيرها.
ورغم الامكانات الكبيرة التي تمتلكها الدولة والحاجة الى سنوات من العمل الجاد والمضني لبناء البلد وجعله مماثلا للدول المجاورة على اقل تقدير ،نات الحكومة بنفسها عن هذه الشريحة المهمة بشروعها بتطبيق قانون الحماية الاجتماعية الذي طبل له كثيرا وذاع صيته الحسن بين الناس خصوصا العاطلين عن العمل وذوي الدخل المحدود والمحرومين وغيرهم من الضعفاء والمساكين ،وهذا القانون عندما شرع اخذ ت الدولة بموجبه على عاتقها تقديم يد العون للعاطل بتكفلها دفع راتب شهري له لحين حصوله على فرصة عمل،وفعلا طبق هذا القانون رغم تعثره والمشاكل التي تعترضه ووفق ضوابط واليات خاصة.ولكن لم يستمر ذلك اكثر من سنة ونصف تقريبا حيث سجلنا عليه عدة ملاحظات ابرزها:-تشخيص العديد من حالات الفساد الاداري وبكافة مفاصل تطبيقه.-اعتماد هذا القانون في البداية على المبالغ المستحصلة من الدول المانحة.-عدم انسيابية العمل به وفشل الخطط المحلية في ادارة وتنفيذ هذا المشروع الحيوي.-حالات الابتزاز والمحسوبية وشمول شريحة كبيرة من غير المستحقين بهذا القانون.-عجز الوزارة عن القيام بمهمة التوفيق بين مؤسسات هذا المشروع وهي :شبكة الحماية الاجتماعية ودائرة الرعاية الاجتماعية ومديرية العمل والضمان الاجتماعي.-عدم مصداقية الدولة في ضم مقادير الزيادة العالية التي اقرت لاول مرة نهاية عام2006 على اسعار المشتقات النفطية الى ميزانية هذا المشروع .-عدم كفاءة مخاتير المناطق واعضاء المجالس البلدية في تشخيص المستحقين دون غيرهم من غيرهم من غير المستحقين.وغيرها من المشاكل التي انتظرالمواطنين من الدولة وضع الحلول المناسبة لها وايفاء الدولة بوعودها التي قطعتها لهم سيما انها لم توفر لهم فرص العمل التي تكفل حصولهم على لقمة العيش.وفي مقابل ذلك لجات الدولة الى استحداث واشتقاق قانون اخر هو العمل بنظام القروض للخريجين والتي لا تتجاوز (5000 دولار) لاقامة المشاريع الصغيرة وبشرط يجده الكثيرون غير منطقي وهوان يوظف الحاصل على القرض في مشروعه (3-5) اشخاص من العاطلين المسجلين لدى دائرة العمل والضمان حيث ستقطع رواتبهم من الشبكة ويتكفل صاحب المشروعبدفع رواتب لهم بدل رواتب الشبكة.ان فرص نجاح تطبيق هذا القانون ضئيلة جدا وسط انحسار فرص العمل واحتكارالاخرى لصالح قوى اقتصادية وتجارية تتمتع بارصدة ومخزونات مالية التي لديها فرص نجاح عملية تفوق مستويات تطبيق هذا القانون بمئات المرات ويعزى ضعف هذا القانون في حل مشاكل العاطلين وخصوصا الخريجين الى عدة اسباب منها :-العامل الامني وتاثيره على توافر فرص العمل.-تراجع خطط الحكومة في دعم القطاع الخاص الذي يعاني اصلا من مشاكل عديدة يرجع اغلبها الى ما قبل سقوط نظام الطاغية مثل التوقف والالغاء التلقائي للبروتوكولات المبرمة بين النظام السابق والشركات العالمية في توريد المواد الاولية المدعومة واحتكار ذلك على القطاع الخاص بغياب النظام المصرفي المناسب والنظام الكمركي والسيطرة النوعية العاليتين الكفاءة والفعالية .-الارتفاع الفاحش في اسعار المشتقات النفطية وتراجع مستوى الخدمات مااثر ذلك على مستويات نجاح الجدوى الاقتصادية لكثير من قطاعات الاعمال .-غياب الدعم عن مفردات الحصة التموينية وضعف الرقابة المالية والتجارية عليها وابرام وزارة التجارة لاتفاقيات مع اطراف وشركات غير نزيهة.-ارتباط السوق المحلية في مجال السلع الاساسية على مبدا الاستيراد الغير ممنهج والخارج عن سلطة الدولة وتاثير ذلك على الاقتصاد العام من خلال افراغ السوق من العملات الصعبة .-تفشي الكثير والكثير من حالات الفساد الاداري والمالي في كثير المشاريع وفي دوائر الدولة دون رقابة او رادع او وازع من ضمير .- تباطؤ ومحدودية القروض والمنح المقدمة من الدول المانحة والصديقة وصندوق النقد الدولي رغم شروطه القاسية.-واخيرا وليس اخرا..ارتفاع مستويات التضخم في البلاد مع ندرة الحلول الجذرية واقتصارها على الحلول المرحلية كدعم الدينار العراقي بنسب ضئيلة مقابل العملات الاجنبية وانخفاض وتجميد نسب عالية من ارصدة العراق في الخارج.وهنا لابد للحكومة من وضع الخطط الناجعة والكفيلة بحل المشاكل المجتمعية وما خلفته الخطط السابقة من مستويات الفشل ،واختيار العناصر الكفوءة والنزيهة وتعميق التواصل والشراكة بين كافة قطاعات العمل وتنفيذ المشاريع وزيادة المخصصات المالية للقطاع الخاص ودعم مفردات الحصة التموينية وحل مشكلة المهجرين وغيرها من القوانين والاليات التي تعمل بمجملها كخطة اقتصادية واحدة يمكن ان تلقي بظلال نجاحها على بعض الخطط الضعيفة مثل قانون اقراض الخريجين ما يؤدي الى تنامي فرص نجاحه الى مستويات معقولة وهذا بالتاكيد يعتبر حملا ثقيلا يلقى على كاهل الدولة المتصدية لحكم العراق وهو احد اقطاب نجاحها الى جانب توفير الامان للشعب العراقي المظلوم.واخيرا لابد من الاشادة بدور الدولة في دعم العاطلين من خلال منحهم لرواتب شهرية دون مقابل ولكن ينبغي لها ان تعلم جيدا ان المواطن العراقي لا يقبل على نفسه الحصول على قوته وقوت عياله اليومي دون جهد يقدمه مقابل ذلك لان هذا الشعب الابي احترم وقدس العمل منذ الاف السنين كذلك فان الاسلام قد وضع العمل بالنسبة للعامل بمنزلة الشرف وهذا ما يترجمه العراقيون كل صباح صغارا وكبارا.
https://telegram.me/buratha