المقالات

الفيدرالية حق دستوري لا تخضع لامزجة المنفعلين والموتورين


( بقلم : كريم النوري )

كنا في زيارة لزميل في بيته لامر خاص فطلب زميلنا من طفله الخروج من الغرفة فرفض الطفل واصر على البقاء معانداً فحاول زميل اخر اخراجه بطريقة مهذبة فقال للطفل ابق في الغرفة ولا تخرج، فما كان من الطفل الا اسرع بالخروج من الغرفة! هناك الكثير من الاطفال طباعه العناد ويصر على فعل خلاف ما تأمره. وفي عالم السياسة هناك نمط من السياسيين يتعامل مع الواقع بردود الفعل ويعمل خلاف ما يتوقع ان يريده خصومه السياسيون.

التعامل مع الواقع السياسي بردود الفعل وانتظار الخصم السياسي لكي نبادر بفعل خلاف ما يمارسه سوف يفقدنا الكثير من الاهداف الاستراتيجية. والمفارقة ان اكثر المواقف المنفعلة لم تكن مدروسة وناضجة ولم تكن فاعلة وتقود اصحابها عادة الى التخبط والفوضى والمزالق. ومخالفة مواقف الخصوم قد تضع هؤلاء المخالفين امام انفاق مظلمة ومسارات قلقة وقد تكون قراءات الخصوم السياسيين تصب في نفس مراداتنا واهدافنا وقد نتفق في المواقف وتتحول الخصومة الى تحالفات وصداقة ووئام. فان السياسة تعني في افضل تعريفاتها فن الممكن وليس التحجر والانغلاق والعناد والمكابرة والعزة بالاثم فان هذه لا تمت للسياسة بصلة بل هي واحدة من مفردات البداوة والقبلية والعصبية الجاهلية. ولابد من اخلاق ترافق العمل السياسي فان السياسة لا تحرم حلالاً ولا تحلل حراماً كما اشار شهيد المحراب في احدى محاضراته القيمة ولا يليق بنا كأسلاميين او محسوبين على الحركة الاسلامية بان نتعامل مع الوسائل بطريقة ميكافيلية فاننا نعتقد بان الغاية لا تبرر الوسيلة مهما عظمت الغاية بل اننا نجعل السياسية واساليبها في خدمة المبادىء والقيم والاخلاق والا فليس من المستحسن ان نطلق على انفسنا اسلاميين فان للالتزام ضريبة علينا ان نفهم ذلك ونكون بمستوى المسؤولية التأريخية والشرعية والاخلاقية. ثمة حشود من الشركاء السياسيين يتعاملون مع مشاريعنا بطريقة المشاكسة والمعاندة والعمل خلاف ما نريد تحقيقه لشعبنا وان كانوا هم اكثر المستفيدين من هذه المشاريع.

وباعتقادنا ان هذا السلوك الناشز والغريب يأتي بسبب غياب الوعي المدرك للمصالح الوطنية ونقص التجربة السياسية الميدانية وبروز ظاهرة الارتجال والانفعال في اداء هؤلاء الشركاء.ومشكلة هؤلاء الشركاء يريدون الاشتراك في المكاسب والامتيازات والتنصل عن الاخفاقات والانتكاسات ويعيشون نشوة البطل والعظيم المعصوم الذي لا يخطأ ولا يزل.ونعتقد ان مشروع الفيدرالية الذي يمثل الحل الامثل للعراقيين جميعاً ويعوضهم من الحرمان والضياع والاهمال طيلة العقود المنصرمة من حكم الانظمة الطائفية المستبدة سيكونوا هم اكثر المستفيدين منه نظراً لما يحققه من تمكينهم من ثرواتهم المهدورة وحقوقهم المغتصبة.

لكنهم يعاندون بكل مكابرة ويقرأون اصرارنا على الفيدرالية بعيون عشواء ويتوهمون بان هذه الاصرار عليها هو بدوافع مصلحية حزبية ضيقة متناسين اننا نعمل لمصلحة المظلومين والمحرومين من ابناء شعبنا وخصوصاً اهلنا في الوسط والجنوب ممن عانوا من سياسات البطش الطائفي والمناطقي في الحقبة السابقة.والمؤسف حقاً لو انهم علموا اننا نسعى لرفض الفيدرالية لاسرعوا لفرضها والسعي من اجل بلورتها وتفعيلها.ان الفيدرالية هي حق دستوري وهي نمط للحكم الاتحادي التعددي تضمن حقوق وثروات جميع المكونات ولا تبخس حق الاقليات ولا تجعل الثروة بيد مجموعة طائفية او دينية او عرقية بل تكون موزعة على الجميع دون تفريق او استثناء. ثمة فرق كبير بين التقسيم والنظام الفيدرالي وهذا الفرق لا يمكن مناقشته لوضوحه فان توضيح الواضحات من اشكل المشكلات.والازمة ليست في الفيدرالية وقبولها او رفضها بل الازمة الواقعية هي ازمة وعي وازمة عناد ودود فعل غير منضبطة بل تصل الى حد الجهل بكل النظم الفيدرالية. ليس منت حق ان يفرض على شعبنا اجندته وقناعاته حتى الفيدرالية ستبقى مرهونة على قبوله وتصويته ولا نفرضها عليه بالقوة والاكراه.فان الاصوات التي تعالت برفض الفيدرالية في الوسط والجنوب هي اصوات منفعلة تتحرك بايحاءات المخالفة دون دراسة متانية ومتفحصة.

ليس من الصحيح والمناسب ان نتعامل مع شعبنا بطريقة الاكراه والضغط والقهر لقبول او رفض المشاريع فهذه طريقة صدامية قد انتهت دون رجعة. وشعبنا اصبح شعباً قادراً على تشخيص مصالحه ورسم مستقبله ولا يحتاج لقيمومة ووصاية احد مهما كان، وليس بامكان احد ان يفرض عليه قناعاته الخاطئة فان زمن الفرض والقهر لا يمكن تكرارها بعد نهاية الحكم الديكتاتوري والاستبدادي في العراق.

والمفارقة ان الفيدرالية هي الحل لتعويض تلك المحافظات من الحرمان والضياع والحروب لكي تمتلك ثرواتها بشكل عادل بينما يراد لها ان تبقى كوضعها السابق تسبح على بحيرات النفط ولا تمتلك منه ما يسعد ابناءها وينهي شقاءها بل يراد لابنائها ان يسيروا على بحيرات النفط وهم حفاة عراة.فأين تكمن مصلحة شعبنا بان يعيش كالحقبة الماضية بكل ظلمها وظلامها او ان يعيشوا حياة الازدهار والاستقرار والرفاهية.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
9-4-2003
2007-10-01
الاطراف الشيعيه التي ترفض الفدراليه تكون اما-1- جاهله والجاهل هومن لايعرف مصلحته-2-جماعات بعثيه مقنعه متاثره بداخلها بامراض العروبه الوهم الموحده من المحيطالى الخليج وهي الى الان متمسكه بالعلم لصدامي علم الحروب والماسي والدماء-3- اطراف تستلم اموال من دول فدراليه وغيرفدراليه خليجيه-4-اطراف منظره للشفافيه ليل نهارومناقضه بالتصرف-5- جماعات مانزل الله بها من سلطان سياستها تعمل فقط بالضدوالعكس من المجلس الاعلى ولا حول ولاقوة الابالله----اخيرااقول نعم للفدراليه وبعكس ذلك اقول الف الف نعم للتقسيم
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك