المقالات

الإمام زين العابدين قائد الجموع المليونية/ عباس الكتبي

1870 2015-12-02

عباس الكتبي

عن زرارة عن أبي عبدالله"عليه السلام": أن السماء بكت على الحسين ـ عليه السلام ـ أربعين صباحاً بالدم، والأرض بكت عليه أربعين صباحاً بالسواد، والشمس بكت أربعين صباحاً بالكسوف والحمرة، والملائكة بكت عليه أربعين صباحاً، وما أختضبت أمرأة منا ولا ادهنت ولا اكتحلت ولا رجلت حتى أتانا رأس عبيدالله بن زياد، وما زلنا في عبرة من بعده. [مستدرك الوسائل للنوري]

يقول السيد عبد الرزاق المقرّم:(
هذا الحديث يؤكد العادة المستمرة بين الناس من الحداد على الميت أربعين يوماً فإذا كان يوم الأربعين أقيم على قبره الأحتفال بتأبينه يحضره أقاربه وخاصته وأصدقاؤه لم يختص بها المسلمون، فإن النصارى يقيمون حفلة تأبينية يوم الأربعين من وفاة فقيدهم. 
يجتمعون في الكنيسة ويعيدون الصلاة عليه، المسماة عندهم بصلاة الجنائز، ويفعلون ذلك في نصف السنة وعند تمامها، واليهود يعيدون الحداد على فقيدهم، بعد مرور ثلاثين يوماً وبمرور تسعة أشهر، وعند تمام السنة، كل ذلك إعادة لذكراه وتنويهاً به، وبآثاره واعماله إن كان من العظماء ذوي الآثار والمآثر).

لمّا وصلت إلى العراق، قافلة السّبايا بعد رجعوهم من الشام، قالوا للدليل: مر بنا على طريق كربلاء، فوصلوا إلى مصرع الحسين، فوجدوا جابر بن عبدالله الأنصاري، وجماعة من بني هاشم، ورجالاً من آل رسول الله قد وردوا لزيارة قبر الحسين"عليه السلام" فتلاقوا بالبكاء والحزن واللطم، وأقاموا في كربلاء ينحون على الحسين ثلاثة أيام.

لم يجد السجاد"عليه السلام"بداً من الرحيل من كربلاء إلى المدينة، بعد أن أقام ثلاثة أيام، لأنه رأى عماته ونساءه وصبيته، نائحات الليل والنهار، يقمن من قبر ويجلسن عند آخر.
لما قرب من المدينة نزل علي بن الحسين وحط رحله، وضرب فسطاطه وأنزل نساءه، خرج الناس يهرعون ولم تبق مخدرة إلا خرجت تدعوا بالويل والثبور، وضجت المدينة بالبكاء، فلم ير باكٍ أكثر من ذلك اليوم، وأجتمعوا على زين العابدين يعزونه، فخرج من فسطاطه وبيده خرقة يمسح بها دموعه، وخلفه مولى معه كرسي، فجلس عليه وهو لا يتمالك من العبرة، وأرتفعت الأصوات بالبكاء والحنين، فأومأ إلى الناس أن أسكتوا فلما سكنت فورتهم قال عليه السلام:

الحمد لله رب العالمين،… أيها القوم، إنّ الله تعالى وله الحمد أبتلانا بمصائب جليلة، وثلمة في الإسلام عظيمة، قتل أبو عبدالله الحسين عليه السلام وعترته، وسبيت نساؤه وصبيته، وداروا برأسه في البلدان، من فوق عامل السنان، وهذه الرزية التي لا مثلها رزية.

أيها الناس، فأي رجالات منكم يسرون بعد قتله، أم أي فؤاد لا يحزن من أجله، أم أي منكم تحبس دمعها،… فلقد بكت السبع الشداد لقتله؛… أيها الناس، أي قلب لا ينصدع لقتله، أم أي فؤاد لا يحن إليه، أم أي سمع يسمع بهذه الثلمة التي ثلمت في الإسلام ولا يصم.

أيها الناس، أصبحنا مشردين مذودين شاسعين عن الأمصار، كأننا أولاد ترك وكابل، من غير جرم ولا مكروه أرتكبناه، ولا ثلمة في الإسلام ثلمناها، ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين، إن هذا إلا أختلاق، والله لو أن النبي تقدم إليهم في قتالنا كما تقدم إليهم في الوصية بنا لما زادوا على ما فعلوا بنا، فإنا لله وإنا إليه راجعون من مصيبة، ما أعظمها وأفجعها وأكظها وأفظها وأمرها وأفدحها، فعند الله نحتسب ما أصابنا، وما بلغ بنا، فأنه عزيز ذو أنتقام.

المصدر:(مقتل الحسين للمقرّم).

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك