( بقلم : اسعد راشد )
هل جاء الهاشمي بشيئ جديد عندما طرح مشروعه الذي عرفه للاعلام تحت عنوان "العقد السياسي" ؟ ام ان للمشروع الذي يحتوي على بعض البنود الغامضة واخرى متفق عليها هدف اكبر من تعريف يتخطى ما وصفه بعض المراقبين بانه "حجر في بركة العملية السياسية" حيث ان الوصف الاخر الذي كشفت عنه جريدة الحياة اللندنية هو الاصح عندما اوردت خبر زيارة الهاشمي للامام السيستاني وقالت ان (( الهاشمي زار السيستاني للوقوف على رأيه بمزيد "من الاستقلال الامني للسنة" ..)) ؟!المراقبون وبعض المحللين السياسيين وعدد من المشاركين في قيادة العملية السياسية في العراق يجمعون ان الهاشمي يلعب دورا مزدوجا في تسويقه لمشاريع كمشروع "العقد السياسي" الاخير لا تحظى بواقعية ومصداقية على الارض وتكذبها الممارسات في الخلوات وفي دهاليز الاتفاقات السرية مع الامريكيين حيث الكثير من المعلومات تكشف ان الهاشمي وحزبه وجبهة الاحزاب المنضوية تحت اسم "التوافق" غير مكترثين بما تؤول اليه العملية السياسية بل ان المعطيات تشير الى انهم يسعون الى افشالها او تفريغها من محتواها الدستوري واضفاء طابع المناطقية والطائفية عليها وما مشروع العقد السياسي الا منفذ لتطبيق وتنفيذ ما تحمله للعراق اجندتهم الخفية التي تحظى بموافقة بعض الدول الاقليمية التي تساهم في تخريب العملية السياسية ونشر الارهاب والفتاوي التكفيرية في العراق ودعم من جهات معينة في الادارة الامريكية واقعة تحت تأثير التقارير المفبركة التي تقدمها لها تلك الدول .
مشروع الهاشمي لا يحمل شيئا جديدا بقدر ما انه محاولة اخيرة ويائسة للالتفاف على امر متفق عليه باغلبية شعبية وهو الدستور العقدي الذي صوت عليه اكثر من ثلثي العراقيين رغم كل العقبات والتدخلات الاقليمية لالغاءه او تغييره بما يتوافق مع اهواءها واجندتها ‘ نعم هناك "ايجابيات" في بنود العقد الا انها ليست جديدة اقرها الدستور العراقي وهي موجودة في بنودها وحتى مسئلة الفيدرالية والبند الذي يخصها في "عقد" الهاشمي رغم الاقرار بها الا ان هناك فقرات في بنودها تحاول الالتفاف عليها من خلال البند رقم 12 الذي اشار الى الفيدرالية الكوردية ومنحها خصوصية تحمل بعدا الغائيا يجرد هذا الحق من المحافطات الاخرى بل هناك من استخلص من المراقبين ان الهاشمي وعقده السياسي يسلبان هذا الحق من الجنوب والوسط ويحصرانه فقد في الشمال وفي مناطق غرب العراق وهو ما اشارت اليه جريدة الحياة الموالية للسعودية عندما وصف زيارة الهاشمي للسيستاني بانها "للوقوف على رأيه بمزيد من الاستقلال الامني للسنّة"!!
كما ان هناك ثمة بنود وردت في عقد الهاشمي تؤكد ان الهاشمي وجبهة احزاب التوافه يسعيان ليس فقط للالتفاف على الدستور بل الغاء العملية السياسية وكتابة الدستور الذي يوافق اهواءهما الطائفية وهو ما يعني ان "العقد السياسي" ما هو الا خدعة جديدة لا تؤمن بكل ماورد في مقدمات العقد حيث ان البند رقم 20 يشير علانية الى هذا الامر ويفند كل ادعاءاتهم حول ما اتوا به في البنود السابقة لهذا البند الذي ينص على (( الدستور عقد اجتماعي ملزم لجميع العراقيين وينبغي لذلك ان "يكتب بالتوافق"!!! )) ونحن نعلم ان الدستور الحالي للعراق ليس فقط كتب بالتوافق والاجماع عليه بل شاركت حتى في التصويت عليه ـ معه او ضده ـ كل القوى السياسية والشعبية وحتى حزب الهاشمي وقدحظي بموافقة ثلثي المحافظات ‘ وما يريده الهاشمي ليس الا العودة الى نقطة الصفر وتقديم دستور يوافق اجندة حزبه والجهات الاقليمية المخربة ..
الفيدرالية وحسب وصف البعض بانها لاول مرة يعترف بها الحزب الاسلامي امر أقره الدستور ولا تراجع عنها فيما الهاشمي وعقده الهزيل يسعيان لتفريغها من محتواها وتحريمها على الاغلبية من الشعب العراقي من خلال البند رقم 12 .
ومن هنا نعلم لماذا تحفظ الامام السيستاني على بعض البنود حسب ما يقول الهاشمي بعد ان زار السيد في منزله وهو تحفظ في محله يحمله معظم العراقيين على مثل هذا العقد الذي يحمل بداخله عناصر الغاءه وفشله .
ولعل تزامن طرح مشروع الهاشمي واقرار مجلس الشيوخ لتقسيم العراق الى ثلاث مناطق على اسس فيدرالية يحملنا نحن اهل العراق مسؤولية كبيرة في ان لا ندع اولا للمشاريع التاَمرية التي تجهض العملية السياسية بان تأخذ مجراها للتطبيق ونقف امام تدخلات الاخرين في شئون العراق خاصة وان الطريقة التي جاء بها مجلس الشيوخ الامريكي في اقراره لمثل هذا الامر يشكل خرقا لسيادة دولة مستقلة حيث يصورها وكأنها ضيعة امريكية الا انه في نفس الوقت فان الفيدالية حق دستوري لا يستطيع احد ان يسلبه من العراقيين كما ان اقرار الشيوخ الامريكي لا يعطي مبررا للاخرين في رفضه او التنديد به لان في الفيدرالية ايجابيات كثيرة وقد اقرها الدستور العراقي قبل مجلس الشيوخ وهي فرصة ثمينة لمحافظاتنا التي يسودها الحرمان والفقر والظلم التي لا تتمتع بمزايا اقليم كردستان وتقدمه ان تطالب بتسريع تفعيل البند المتعلق بالفيدرالية رغم انف أعداءها والمناوئين للعملية السياسية وللفيدرالية في العراق ..
فهل اذن مشروع الهاشمي "صحوة" متأخرة ام انه التفاف على العملية السياسية والدستور العقدي الذي صدق عليه ثلثي المحافظات العراقية وشاركت كل الاقاليم العراقية في عملية الاستفتاء عليه ؟!
المستقبل هو الكفيل بالاجابة رغم يقيننا ان الهاشمي كما قال السيد رئيس الوزراء عن محاولات البائس الاخر اي علاوي بانه اي الهاشمي يتصرف "كمن يحرث في الماء"!!
اسعد راشد
https://telegram.me/buratha