( بقلم : المهندس محمد علي الاعرجي )
تركته يكمل حديثه بكل حماسة واندفاع غير خافيا أسفه على ما خسره العراق من الفنانين (العظام) الذين غادروا البلاد واستقروا في بلدان أخرى، واخذ يعدد لي الأسماء (الساهر والماهر والساحر والسامر والرسام والنحام والنعام والخليل والعزيز والعلي والغفور والمنصور و و و وكذلك ملايين ودنانير وهند وميادة وغالية ورخيصة وغزلان والحان وبعران و و و...) دون أن ينسى الطبالين والزمارين والراقصين .حسدته على ذاكرته القوية في حفظ هذه الأسماء، ثم بعد أن أكمل ولم يعد لديه ما يقول سألته ماهو رأيك لو كان لك جار ساقط خلقيا أو جارتك عاهرة تمارس الدعارة في بيتها ؟وهنا انتفض واقفا وقال لا اقبل ذلك أبدا وسوف أجبرهم على الرحيل وترك المنطقة ولو بالقوة !قلت لماذا، قال خشية على عائلتي وسمعة المنطقة !قلت له بربك هؤلاء الذين ذكرتهم وآخرون غيرهم أين كانوا يسكنون، أليس في بيوت وأحياء ومدن عراقية ولهم أهل وجيران ومعارف، بل إن بعض الناس يفتخر بمعرفته بهذا الفنان أو تلك الراقصة وقد يحتفظ بصورة حميمة تجمعهما معا .. وترى بعض المسئولين في دوائرنا يهبون لتلبية حاجة تلك الفنانة أو الرا .. قبل غيرها من عباد الله .فلماذا تأسف عليهم، وهم غادروا العراق بمحض إرادتهم بعد إن انقطعت أرزاقهم هنا فور سقوط الوثن الذي غنوا ورقصوا وتعروا أمامه في يوم ميلاده وميعاده ونومه وقيامه وصلاته واختفاءه .. وهم اليوم أحسن حظا منك ومني فسلامتهم مضمونة وعيشتهم مأمونة وبطاقتهم محفوظة وجواز سفرهم من فئة (ج) ويتمتعون بحصانة فنية وشهرة خلفية .. فالبرتقالة والرمانة والخوخة والموزة واللوزة تؤكل في فنادق النجوم الخمسة لدبي والقاهرة وعمان ودمشق، وأقداح الخمر تسكب وترشف من على نهود رفضت الحشمة والستر، وازدحم القمر (نايل سات) بفضائيات لا عد لها ولا حصر تصدح من الليل إلى الليل بزعيق مطربي العراق وأجساد الغواني أخوات صابرين الجنابي ... فاللحم العراقي أطيب وأرخص من اللحم المصري واللبناني والمغربي وخصوصا في دول الخليج اليعربي حيث تسوّق اللحوم ومن مختلف الماركات لهذه البقعة العائمة على القطران .ولتعلم أيضا إن الأرض التي تخلوا من أمثال الذين ذكرتهم تغادرها الشياطين وتسكنها الملائكة ويقل فيها المنحرفون، لذلك يجب أن تفرح عندما يغادرنا هؤلاء إلى غير رجعة لا أن تبتئس وتحزن، فنحن نقصنا وأولئك زادوا ...........أشار برأسه موافقا وأطلق من فمه زفرة كبيرة مصحوبة بدخان كثيف لسيجارته التي أوشكت على الانتهاء .
https://telegram.me/buratha