عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحريرصحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين
الأنبار التي عرفها العراقيون في الأعوام 2004 - 2006 هي غير الأنبار التي نعرفها اليوم، فخلال السنوات الثلاث التي تلت سقوط نظام صدام تكاد تكون هذه المحافظة قد انسلخت عن الجسد العراقي، وباتت أمارة او مقاطعة ليس لها علاقة ببيئتها وحاضنتها الى الحد الذي جعل من أهلها امر تكتنفه الحيرة، اذ ليس بإمكان غيرهم ان يصدق ما يجري وما يحدث باسم الأنبار وابنائها.. ولا بإمكانهم هم آنذاك ان يرسموا للعراقيين صورة أنبارية تؤكد ان الأنبار التي كانت عبر التأريخ هي نفسها الأنبار التي كانت وقتذاك لأسباب عديدة متعددة أهمها ان هذه المدينة قد تعرضت الى تسونامية قاعدية لم تشهدها أي مدينة عربية او غير عربية بما في ذلك المدن الافغانية المغلقة للقاعدة قبل وبعد المتغيرات التي شهدتها افغانستان.المؤكد في المشهد الأنباري في تلك الفترة هو ان الأنبار عراقية الهوى واهل الأنبار عراقيو الانتماء وبغير ذلك لا يمكن لاحد ان يتصور الأنبار وهي خارج هذين الوصفين او الحقيقتين.ليس معنى عدم قدرة ابناء محافظاتنا الوسطى او الجنوبية في المرور بتلك المناطق خشية الذبح او الخطف او التغييب هو ان اهل الأنبار قد انقلبوا على ابناء جلدتهم او انهم صاروا يرون فيهم غير اولئك الذين صنعوا العشرين والدولة العراقية التي سرقها خلسة رجال الثكنة واصحاب مفاتيح الغرف المغلقة اشباح دولة المنظمة السرية الذين كانوا يتخفون وراء المشروع القومي والذي تحول فيما بعد الى اضحية لسياساتهم وعدائهم للحياة والحضارة والانسانية.
الذي بدد تلك الغيوم التي كانت تظلل سماء الأنبار، الصحوة العراقية العربية التي قادها اهل الأنبار ضد كل ما هو غير عراقي وغير وطني وغير انباري، وقد كان اولئك الوافدون قساة طغاة اوباش لا يفقهون من الحياة الا قسوتها ولا من الآدمية الا شذوذها ولا من القبلية الا جاهليتها وعنجهيتها لكن رغم كل هذا وذاك ورغم الاسر والتكبيل الذي كان يعيشه أهل الأنبار انتصرت ارادتهم بالتالي، فعادت الأنبار الى ابنائها ومن ثم عادت الى عراقيتها وها هي تحث الخطى لاعادة جسور القرابة والمودة والتواصل بينها وبين شقيقاتها بابل والديوانية وكربلاء والنجف وميسان والكوت والبصرة والمثنى والناصرية ومئات المدن والقصبات العراقية.
قبل ايام ترك الوفد الحكومي الرفيع الذي زار الأنبار اثراً نفسياً كبيراً لدى كل العراقيين عندما اعلن نائبا رئيس الجمهورية الدكتور عادل عبد المهدي والدكتور طارق الهاشمي ومن الأنبار نفسها ان الحكومة قررت تخصيص سبعين مليون دولار كدفعة اولى لتأهيل محافظة الأنبار والبدء باعادة البناء فيها، فيما تقرر ايضاً صرف خمسين مليون دولار اضافية كتعويضات لأهالي الأنبار الذين تضررت مساكنهم وممتلكاتهم جراء المواجهات الميدانية التي حصلت مرة بين اهالي الأنبار وبين عصابات القاعدة او ما بين الأنباريين وقوات التحالف من جهة اخرى، لكن في نهاية الامر فان الامور تؤخذ بنتائجها وعندما يتابع العراقيون محافظة الأنبار وهي تزدهي بمظاهر الدولة العراقية باعلامها وقواتها ومؤسساتها ويأتي في مقدمة ذلك كثرة الوفود الحكومية التي تحط الرحال تارة وتغادر هذه المحافظة تارة اخرى فان ذلك هو الانجاز الاكبر والذي يؤكد بأن دولتنا قد بدت تستعيد عافيتها وان مواطنينا من كل الأجناس والأعراق والمذاهب بدأوا يتفاعلون مع عهدهم الجديد وهذا هو الانجاز الأهم بكل تأكيد.
https://telegram.me/buratha