تحدّث الدكتور حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي بمرارة قبل أيام عن التركة الثقيلة التي ورثها من الحكومات السابقة التي تعاقبت على حكم العراق ومنذ سقوط النظام الصدامي في 9 نيسان 2003. كشف العبادي عن وجود ثلاثة مليارات دولار فقط في خزينة الدولة عندما سلّمها له سلفه نوري المالكي وفوق ذلك فإن حكومة المالكي لم تسدد مستحقات الشركات النفطية لذلك العام والبالغة 15 مليار دولار والتي تحملت عبئها الحكومة الحالية. وهذا يعني أن العبادي تسلم خزينة فيها عجز مقداره 12 مليار دولار. وإذا ما أخذنا في الحسبان أن موازنة العام الماضي التي طبّل لها نوري المالكي وأتباعه وأسموها بالإنفجارية والتي بلغ مقدارها 128 مليار دولار, فإن هذا يعني أن حكومة المالكي أنفقت 140 مليار دولار ذلك العام!.
ذلك العام شهد العراق فيه سقوط ثلث أراضيه بيد تنظيم داعش الإرهابي الذي وصل الى مشارف العاصمة بغداد, وذلك العام غرق العراق فيه في ظلام دامس في معظم أيامه, وهو العام الذي لم تشهد فيه البلاد أي حملة إعمارية أو نشاط خدمي فلازال العراق يعيش التخلف والدمار وعلى مختلف الصعد. ولذا فمن حق العراقيين التساؤل عن مصير تلك المليارات وأين سلكت طريقها. فهي تعادل تقريبا الموازنة السنوية لأربع دول عربية مجتمعه وهي كل من الأردن (11 مليار دولار), مصر(80 مليار دولار), السودان (11 مليار دولار), المغرب (40 مليار دولار). واما تعداد نفوس هذه البلدان الأربع مجتمعة فيبلغ (170 مليون نسمة) مقارنة بنفوس العراق البالغة 30 مليون نسمة. وعند النظر الى الأوضاع الإقتصادية والأمنية والخدمية في تلك البلدان فهي أفضل من العراق بمراتب كبيرة.
هذه الحقائق تكشف عن حجم الجريمة التي ارتكبها المالكي وعصابته بحق العراق طوال سنوات حكمهم المشؤومة. فالمالكي لم يستثمر تلك الموازنات المهولة وطوال سنوات حكمه الثمان, لإعمار البلد أو احلال الأمن فيه أو بناء جيش قوي يصد قوى الإرهاب ولم يوفر دولارا واحدا ينفع العراق في الإيام السوداء ومع انخفاض أسعار الذهب الأسود التي تنذر بكارثة حقيقة العام المقبل. بل إنه سخّر تلك الأموال لشراء الذمم عبر توزيع العطايا من اجل الفوز في الإنتخابات, وعبر الصفقات الوهمية وكما كشف عن ذلك السيد رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي, الرجل الشجاع الذي وعد الإمام الحسين عليه السلام بمحاربة الفساد فوفى.
لقد سمّى العبادي الداء بعد ان شخّصته المرجعية الرشيدة ممثلة بآية الله العظمى السيد علي السيستاني في خطبة الجمعة الماضية عندما دعت الى محاكمة المسؤولين السابقين واسترجاع اموال العراق منهم. وبعد هذا التشخيص وهذه التسمية فإن مسؤولية تقع على كافة السلطات لتشخيص الدواء ألا وهو اعتقال المالكي وعصابته ومسائلتهم عن مبلغ الألف مليار دولار التي استولوا عليها وحولوا معظمها الى عقارات في مختلف بقاع الأرض وفتحوا بها حسابات في أشهر المصارف العالمية. إن كل إدعاءات محاربة الفساد هواء في شبك ما لم يتم إعتقال هذه العصابة ومحاكمتها.
https://telegram.me/buratha