( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين )
لعل أهم ما يميز الحقبة الحالية التي قامت على أنقاض حقبة صدام هو تفردها باحترام الحريات العامة وإقامة نظام التعددية والشراكة والمنافسة الحرة الشريفة، وإقامة التكتلات وتشكيل القوائم وبناء الدستور والفصل بين السلطات وتحرير الإعلام والارتقاء بمستوى الخطاب وتدشين ظاهرة منح او سحب الثقة وتحكم الكتلة بوزرائها في الحكومة ونوابها بالبرلمان لجهة إبقائهم او سحبهم او تجميد او تعليق عضويتهم، فضلاً عن المناقشات الحادة تحت قبة البرلمان بهدف تشريع القوانين وفتح الممثليات الخاصة بالأحزاب والحركات في كل مدينة من مدن العراق وليست ادل على ذلك من فتح ممثليات لأحد الأحزاب الكردية في مناطق الجنوب كما هو الحال لممثلية الحزب الديمقراطي الكردستاني في محافظة الديوانية.
اتجاهات أخرى تنتمي للعهد الديمقراطي كثيرة غير التي مررنا عليها أعلاه قد تخفف من حدة ورفض الشارع لتلكؤ التجربة العراقية الجديدة فيما يصطلح عليه بضعف الخدمات وتلكؤ المشاريع بالرغم من اننا لسنا في وارد التبرير لاحد في هذا التقصير والقصور الحكومي الذي يدفع ثمنه مواطننا العراقي لكن المنطق والإنصاف يحتم علينا القول ان النصف الثاني للحقيقة بأن الظاهرة او العهد العراقي الجديد إنما قد ابتلي بما لم يبتل به أي نظام عرفته البشرية، فالحرب قائمة على الأمن، والمواجهات تستهدف الخدمات، والعبوات تفجر أنابيب الوقود، والنسف مصير محطات توليد الكهرباء، والمرتزقة احتكروا السوق، والدولة تأخرت كثيراً في معالجة مشاكل الناس.وفي العودة للظاهرة الأولى سنكتشف فوراً وقائع ما كان العراق يعرفها من قبل فالبرلمان الآن ليس كما كان عليه ما يسمى مجلس الشعب الذي ليست فيه سوى كوادر حزب البعث المقبور، البرلمان الحالي فيه القوائم والكتل كالعراقية مثلاً وجبهة التوافق والحوار الوطني والتحرر والمصالحة والائتلاف العراقي والتحالف الكردستاني وقائمة حزب الأمة العراقية وقوائم أخرى وبعضها تنضوي تحت عناوين حزبية وأخرى مستقلة بذاتها، وهكذا الحكومة فهي تشكيلة تتوزع بين هذه التيارات والكتل والأحزاب.
ولقد أكدت التجربة صحة مسارها من خلال احترامها لقرارات الكتل والأحزاب والتيارات سواء ما يتفق منها مع توجهات الحكومة ام تلك التي تتقاطع معها وفي هذا السياق فقد شهدت التجربة مثلاً انسحابات عديدة أهمها انسحاب كتلة جبهة الحوار والمصالحة برئاسة السيد صالح المطلك من البرلمان ولمدة ناهزت العام ثم العودة اليه بعد ان زالت أسباب الانسحاب ومنها ايضاً انفكاك حزب الفضيلة عن الائتلاف ويدخل في هذا المجال تعليق جبهة التوافق لعضويتها في الحكومة ومثل ذلك انسحاب وزراء التيار الصدري، نقول ان تلك قرارات جميعها يحظى بالاحترام في ظل نظامنا الديمقراطي الجديد ونعتقد ان القبول بها واحترامها هو العلامة الأصح من القرار ذاته بالرغم من اننا لا نتمنى ذلك او بالأحرى تدفع بنا الرغبة لمناقشة الأمور ذات الخلاف بالحرص والهدوء بعيدا عن القرارات القطعية تقويما للتجربة وخدمة للوطن.
https://telegram.me/buratha