( بقلم : السيد عطا الله الموسوي )
خطرت في بالي قصة الخروف العنيد الذي لا يعبر النهر وخلاصتها أن خروفا كان يقوده مالكه وعندما وصل إلى القنطره رفض العبور وبذل مالكه عدة محاولات لاقناعه من تقديم البرسيم إلى الشعير إلا أن الخروف أصر على موقفه وبقي الفتى في حيرة من أمره حتى حضر رجل كبير فاستعان به الفتى ورغم أن الرجل الكبير ربطه بالحبل وسحبه إلا أن الخروف أصر على موقفه وعناده وهنا فكر الرجل بامر ما وهو الذهاب إلى القصاب وفعلا حضر القصاب ومعه سكينه وما شهر القصاب سكينه أمام الخروف فاذا به ينطلق راكضا لم يلحق به حتى صاحبه عابرا القنطره وهنا انتهى عناء الفتى بفكرة الرجل الكبير وخبرته هذه القصة تذكرني بوضع الدولة الفتية التي بدأت من الصفر بعد سقوط النظام المقبور والانفلات الأمني وغياب سلطة القانون.
إن سلطة القانون لم تغيب عن التطبيق في مناطق عديده من العالم بعد تغيير الأنظمة فيها وتحولها إلى أنظمة ديمقراطية أو ببقائها كانظمة شمولية إلا في الصومال وإقليم دارفور والعراق فقد عمت الفوضى هذه المناطق.أما الكارثة التي حلت بنا نحن العراقيون هو أن سلطة القانون كانت تطبق من قبل نظام شمولي لا يرحم وعلى أيدي أجهزة الأمن والمخابرات والقوى البوليسية المدعومة من قبل تنظيمات البعث المقبور وفجأة انقلب الأمر من نظام شمولي لا يرحم إلى ديمقراطية غريبة وبعيدة كل البعد من الواقع الذي يعيشه الشعب العراقي.
فالديمقراطية الفوضوية التي جاء بها الأمريكان لم تكن مطبقة في أي بلد من بلدان العالم لانها لم تكن مبنية على ثوابت قانونية أو أخلاقية أو وطنية وإنما أريد بها أن تعم الفوضى في البلد وتحت غطاء الديمقراطية.إن اشاعة الديمقراطية بهذه الصورة يراد منها فشل التجربة والتمهيد للعودة إلى الدكتاتورية وهذا الأمر بعيد التحقق فالعراق مر بفترة الحكم الديمقراطي أبان العهد الملكي والفترة التي حكم بها رئيس الوزراء الراحل عبد الرحمن البزاز أبان حكم المرحوم عبد الرحمن عارف وإن لم تكن حكومته منتخبه إلا أن أجواء التعبير عن حرية الرأي كانت سائدة إلى جانب سلطة القانون كما وأن هناك أنظمة عديدة تحررت من الأنظمة الشمولية إى أنظمة ديمقراطية ولم تتعرض سلطة القانون إلى الإنهيار كما حصل في العراق والسبب في ذلك هو:
1- بقاء قيادات وتنظيمات حرب البعث المدنية والمخابراتية والأمنية والعسكرية على حالها لا بل استطاعت وبحركة سريعة من الحفاظ على سرية التنظيمات من خلال الانتقال بين المحافظات وتبؤا مواقع متقدمة ضمن حركات وتيارات إسلامية وعلمانية وأخذت تظهر بوجوه متعدده بعد تغيير مناطق تواجدها وسكناها.
2- اتساع دائرة الجهل في الوسط الاجتماعي وانهيار البنية التحتية للمجتمع والتي عمل عليها النظام المقبور مدة حكمه مما خلف تركه ثقيله من الجهل والفقر استحوذ فيما بعد عليها من قبل تنظيمات البعث نفسه والعاملة تحت ستار أحزاب وتيارات إسلامية وعلمانية وتسخيرها في خلق الفوضى الأمنية واتباع نفس الأساليب التي كان يمارسها النظام المقبور من خلال السجون والمعتقلات بل أخذ تنفيذها بالعلن من خلال الخطف والتفجير والقتل والذبح والتهجير وغيرها من الأساليب القذره.
3- دور كل من رئيسا الوزراء السابقين في المهادنة السياسية مع البعثيين كما قام بذلك الدكتور أياد علاوي وما يقوم به الأن أيضا، أما الدكتور الجعفري فلا تزال تراكمات أخطاءه السياسية والتساومية يعاني منها الشارع العراقي وذلك من خلال دعمه لجيش المهدي وكذلك العناصر البعثية في المناطق الغربية في آن واحد والذي أشعل الحرب الطائفية وفسح المجال حينها للقاعده التمركز في تلك المناطق واستمرار تلك الأحداث الدامية حتى بعد انتهاء فترة حكمه الذي اقترن بالفشل الذريع وانهاء ما بقي من سلطة القانون، ولا يخفى على كل مواطن أن كلا الاثنان المستميتان على السلطة قد وضعا العراقيل أمام أية حكومة تلي حكومتهم وهذا ما حصل بالفعل حيث أخذ الاثنان من جديد وبمساعي فاشلة وخسيسة للعودة الى السلطة ولكن لا يرونها انشاء الله وستبقى فترة حكمهم نقطة سوداء في جبينهم.
ولكن هل لوزارة السيد المالكي والتي جاءت على أثر الطريق المزروع بالالغام أمامها من قبل السابقين أن تقف عند حدود الحوار والدبلوماسية أم عليها تطبيق سلطة القانون من خلال استعمال القوة ضد الخارجين ومهما تكن اتجاهاتهم عليه وهو مطلب جماهيري عاجل.
اما اسلوب الحوار والسياسة مع الخارجين على القانون سيقود الحكومة إلى الفشل وفقد ثقة الجماهير بها.وخاتمة المقال عليك يا أبا إسراء المالكي باتباع الحزم لتطبيق سلطة القانون لان الخراف العنيدة لا ينفع معها غير سكين القصاب ودليل ذلك هو ماحصل بالأمس في الديوانية والحلة وكربلاء على أثر الأحداث الأخيرة حيث استتب الأمن بنسبة عالية واختفت خفافيش الليل من الظهور حتى في الليل.والله من وراء القصد...
https://telegram.me/buratha