( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين )
بالتأكيد ان يوم الخميس الموافق 14/ 9/ 2007 كان من الايام الصعاب عند العراقيين باستشهاد الشخصية الوطنية الميدانية التي انتفضت على نفسها وعلى واقعها وامتشقت السيف لتقاتل القاعدة في عقر القاعدة يوم كان الناس هناك بعضهم موهوم والاخر مغلوب. في 14/ 9/ 2006 اعلن ابو ريشة مشروعه الصحوتي وفي 14/ 9/ 2007 استشهد ابو ريشة بعد عام من المواجهة الدامية بين المشروع الوطني والمشروع الاخر فما الذي دفع بقتلة ابو ريشة الى ارتكاب جريمتهم تلك:
1- ان (ابو ريشة) وخلال السنة الممتدة بين عامي 2006ـ 2007 احدث بالفعل صحوة وطنية عراقية في اصعب مناطق البلاد الغربية بعد ان كانت هذه المنطقة ملاذاً آمناً للقاعدة والتكفيريين والصداميين وقد نجح هذا الرجل في اعادة هذه البقعة العزيزة الى حاضنتها العراقية الوطنية بعد طرد الوافدين منها وتمزيق شملهم وملاحقتهم في اقصى المناطق التي لجأوا اليها كهيت وعنة والرطبة والكرابلة وحديثة والقائم الى الحد الذي جعلهم يفكرون بالانتقال الى محافظات وحاضنات اخرى غير الانبار وذلك أثر الضربات الموجعة التي تلقتها القاعدة هناك2- التأثير الذي احدثته هذه الشخصية لدى ابناء المحافظات المحاذية كصلاح الدين والموصل وبعض المناطق الساخنة كالفلوجة والتاجي وابو غريب والضلوعية وسامراء والشرقاط وبيجي وسنجار وتلعفر وحمام العليل، ومناطق اخرى حيث نجح هذا الرجل من تعميم تجربته الوطنية في كل تلك المناطق الامر الذي جعل من القاعدة ان تفكر بالخلاص من هذه الظاهرة بعد ان وجدت نفسها تعيش حالة انحسار جغرافي وميداني في المناطق التي كانت تعتبرها ملاذاً آمناً لها. 3- اشتداد وامتداد الصحوة الى مناطق بغداد كالعامرية والغزالية والدورة وهور رجب والمدائن وجنوب بغداد وفي محيطها وانطلاق الصحوة باتجاه البديل الذي اختارته القاعدة(ديالى) التي قتل فيها الزرقاوي ومعظم قيادات القاعدة فضلاً عن التفكك الحاد الذي اصاب هذا التنظيم التكفيري الدموي4- استهداف ابو ريشة في الذكرى الاولى لانطلاق الصحوة محاولة بائسة للقاعدة ارادت منها اثبات وجودها في هذه المنطقة وهذا خلاف للمنطق ومعطيات الميدان فبالرغم من ان المحاولة كانت تمثل خرقاً خطيراً لمنظومة الصحوة إلاّ انها زادت بالتأكيد من وعيها وادراكها وبالتالي من اعادة هيكلية ادارتها للمواجهة القائمة بينها وبين هذا السرطان.5- توقيت الجريمة وتنفيذها بعد عشرة ايام من لقاء هذه الشخصية الوطنية مع رئيس الدولة العظمى في العالم وقبل اقل من اسبوع من القائه لخطابه امام الكونغرس الامريكي والذي سيشير فيه بالتأكيد للنجاحات الميدانية التي حققها في المنطقة الاصعب بالعراق كان يستبطن دلائل عقيمة ستدفع القاعدة ثمنها قريباً وقريباً جداً. 6ـ استطاع (ابو ريشة) ان ينقل مشروعه من حيز الرجل الظاهرة الى الظاهرة ذاتها فأصبحت منطقتنا الغربية جميعها تشكل مفردات هذه الظاهرة وهذا ما عكسه التشييع المهيب الذي شاركت فيه عشرات الآلاف من ابناء المنطقة تلك كذلك من خلال ردود الافعال الغاضبة التي صدرت عن كل عشائر العراق خصوصاً ابناء مناطق الجنوب والفرات الاوسط وكردستان العراق7- التفاعل الرسمي والسياسي الذي لم يتأخر في اعلان موقفه من هذه الخسارة الفادحة والذي وصف الرجل بأنه بات واحداً من شخصيات التاريخ والموقف الوطني المسؤول واعلان الدولة استعدادها المفتوح لاستمرارها في تقديم كافة اشكال الدعم والاسناد للمشروع الذي كان يقوده الشهيد ابو ريشة8- الانعقاد الفوري لمؤتمر صحوة الانبار وانتخابهم لشقيق الشهيد رئيساً لهذا المؤتمر انما يدل على الاصرار والتحدي والوعي السياسي العالي للمرحلة ومتطلباتها وخطورة ترك الفراغ واهمية اشغاله وهذا ما يبعث على الاطمئنان من ان المشروع الوطني في المنطقة الغربية سوف لن يتأثر بفقدان هذا الرجل رغم الشعور بخسارته الفادحة في الوجدان والضمائر.
لا شك ان ابناء العراق قد فجعوا جميعاً بفقدان رجل ينتمي الى رعيل الرجال الذين وجدوا في الوطن بحاجة الى دماء كدمائهم كي لا يموت، لكن حياة الوطن واسترداد عافيته تجعل من مصائبنا هذه كرنفالات للتاريخ العراقي الذي تعود ان يقدم لنا مشهداً كلما احتجنا لذلك.
https://telegram.me/buratha
