( بقلم : ابو مرتضى العسكري )
قبل أيام وتحديدا في أواخر الشهر الماضي افتتح المقر الرئيسي لمؤسسة الشهداء التي شكلت وفقآ للقانون رقم ( 3 ) لسنة 2006 والذي كما جاء فيه مادته الثانية إلى انه يهدف لمعالجة الوضع العام لذوي الشهداء وتعويضهم ماديا ومعنويا بما يتناسب مع حجم التضحيات التي قدمها الشهداء والمعاناة التي لقيها ذويهم بعد استشهادهم، وعلى هذا الأساس شكلت مؤسسة الشهداء لتحقيق اهدافآ عدة غرضها الأساس توفير العديد من الأمتيازات للفئات المشمولة بأحكام القانون بتوفير فرص العمل والدراسة و السكن وتقديم التسهيلات والمساعدات التي تمكنهم من تحقيق متطلبات حياة كريمة لهم ولعوائلهم، إضافة إلى الجوانب المعنوية والاعتبارية في تمجيد الشهداء والتضحية والفداء....الخ ونطاق سريان القانون هو على الشهداء العراقيين ممن فقدوا حياتهم بسبب معارضتهم للنظام البائد في الرأي أو المعتقد...
والعراق اليوم بوضعه الجديد يقف إزاء مشكلة لا تقل حجما وتاثيرآ عن حجم مشكلة الشهداء التي نشأت بسبب سياسات النظام البائد, وهي امتداد لتلك السياسات بل أنها تنفذ بأيدي بقاياه وأذنابه.. فمشكلة الشهداء من ضحايا الإرهاب سواء الذين فقدوا حياتهم على أيدي عصابات الإرهاب المتكون من التحالف التكفيري - ألصدامي اغتيالا بالقتل المباشر أو الذين فقدوا حياتهم من خلال الاستهداف العشوائي والقتل الجماعي بالسيارات المفخخة أو العبوات الناسفة أو التفجيرات, مشكلة تتفاقم آثارها يوما بعد آخر وتتعقد مفرزاتها الاجتماعية والاقتصادية والوطنية. وكلما سقط شهيدا إضافيا تزداد المشكلة تعقيدا بإضافة كمية بمتوالية معقدة النتائج مخلفة بإسقاطاتها مشاكلا تتناسل عنها مشاكلا إضافية في مقدمتها تعقيد المشكل الوطني، وتقف حائلا بالطريق الذي تسعى إليه الدولة والحكومة و المؤسسات السياسية الوطنية للانتقال إلى السلام الاجتماعي والانطلاق للبناء الجديد على أسس الوطنية والمواطنة.. ومع انضمام المزيد من الشهداء إلى قافلة ضحايا الإرهاب تزداد المشكلة عمقا، سيما وان أعدادا من شهداء الإرهاب قضوا نحبهم في عمليات التهجير ألقسري الذي طال أسرهم التي أصبحت إزاء مشكلة مزدوجة، فهي إضافة إلى فقدها أبنائها - وجلهم من كان ينهض بمسؤولية إعالة هذه الأسر- فقد فقدت ايضآ مساكنها وأملاكها ومصادر أرزاقها بل وتأريخها وذكرياتها... ولعلنا لا نغالي إذا قلنا إن مشكلة ضحايا الإرهاب أكثر تعقيدا من مشكلة ضحايا النظام البائد, لأسباب عدة من بينها أنها لازالت طرية و حية وأسرهم التي فقدتهم حديثا لم تستطيع لحد ألان استيعاب آثار فقدهم بعكس عوائل الشهداء الأعزاء الذين استشهدوا بفعل النظام البائد المباشر أو غير المباشر بسبب السجن والتعذيب ونتيجتها، لان الزمن كان كفيلا بتخفيف بعضا من معاناة تلك الأسر بالتطبيع والتطبع..إن اسر شهداء الإرهاب تعتقد أنها لم تنصف ابدآ, ومعالجات الدولة لم تكن بمستوى المشكلة الكارثي، وبقيت تلك المعالجات في حدود ضيقة جدا، بل و خجلى، وهناك إطرافا سياسية تقف بالضد من إنصاف اسر شهداء الإرهاب، بل حولت الموضوع إلى ميدان للمساومة السياسية الرخيصة، ونسمع أنها تريد رواتب تقاعدية لأسر الإرهابيين الذين يسقطون قتلى بالمواجهات التي تحدث ضد القوات الحكومية، وأبناء شهداء الإرهاب وضحاياه من الأيتام وزوجاتهم الأرامل وأمهاتهم الثكلى يجدون أنهم تركوا يواجهون مصيرهم المجهول بلا حل, والشهداء الذين فقدوا حياتهم لم يفقدوها عبثا بل أنهم قضوا نحبهم على مذبح حرية الشعب العراقي وبناء دولته الجديدة على أسس جديدة، وحري بهذه الدولة أن تلتفت إلى أبنائها الشهداء، وان تنظر بعين العطف والمسؤولية إلى أسرهم والى عناء هذه الأسر، ويقينا أن حكومتنا الوطنية ومجلس النواب لم تغب عن بالهم هذه المشكلة، و حيرة اليتامى والأرامل والثكالى و وقوفهم على أبواب المنظمات الإنسانية أو مد أيديهم لطلب العون في المساجد أو الحسينيات لن يحل المشكلة ابدآ بل يعقدها ولن يشرف الدولة ومؤسساتها أن يستمر هذا الحال... ويرى ذوي الرأي أن هناك جانبا ينبغي أن لا يغفل عن أذهان من هم في موقع المسؤولية الوطنية، من حيث أن اسر شهداء الإرهاب ونتيجة العوامل الاقتصادية وضغوطات الحياة المترتبة نتيجة لفقد معيليها أصبحت أو ستصبح تحت براثن جهات معادية ممكن أن تسد عوزها لتوظفه في خدمة مأربها المعادية لمتطلبات شعبنا وآماله ولخطط الحكومة في بناء غد أفضل للعراقيين..
إن حل المشاكل الناتجة عن استشهاد من استهدفهم الإرهاب سواء مباشرة أو غير مباشرة أصبح ضرورة ملحة تقع على عاتق الدولة بمؤسساتها التشريعية والتنفيذية.. وأيسر الحلول هو شمول أسرهم بأمتيازات مؤسسة الشهداء بعد وضع محددات قانونية وتشريعية لتشمل فقط ضحايا الإرهاب من الشهداء وان لا تشمل قاتليهم.. وتزداد غصة اسر الشهداء عمقا فيما تطالعهم وسائل الإعلام والفضائيات يوميا وبزخم محبط أن هناك مساعي تبذل من أطراف رسمية حكومية وبعضها في مواقع متقدمة في المسؤولية لطي صفحة الماضي وتجاوز الآثار المترتبة عن الحقبة البعثية والبدء بعملية المصالحة مع رموز تلك الحقبة وأذنابهم من القتلة المأجورين الذين سفكوا دماء العراقيين في زمن الطغيان ألبعثي أو بعد سقوطه....
وتشعر اسر الشهداء بالألم وهي تجد أن الدولة ترعى فقط اسر الشهداء العاملين في مؤسساتها حيث يمنح الموظف الذي يتعرض لعمل إرهابي راتبا تقاعدي يصل إلى 100 % من راتبه وحقوقه الأخرى فيما تبقى اسر من لم يعمل أبنائها الشهداء في أجهزة الدولة تنتظر من يشغلها بالرعاية ونعتقد أن حكومتنا المنتخبة أهل لان تمسح على رؤوس اليتامى بلمسة المسؤولية الحانية....
https://telegram.me/buratha