( بقلم : د.محمد الصالحي )
تقرير بتريوس – كروكر و الذي أثيرت حوله زوابع سياسية و إعلامية داخل و خارج العراق لم يأت بجديد فيما يخص الواقع العراقي و لم يتعد أن يكون تقريرا من مهنيين أمريكيين حول الحالة في داخل العراق.
تحدث التقرير عن جدية لحكومة المالكي في معالجة ملفات أمنية أهمها الميليشيات و عن محاولات حثيثة لرئيس وزراء العراق في إعادة الهيبة للدولة و لأجهزتها الأمنية ، أما على الصعيد السياسي فهناك حديث عن جهود كبيرة تبذل فيما يخص المصالحة الوطنية دون تقدم ملحوظ ، و هو أمر يعلمه الجميع . التقرير إياه تحدث عن تقدم نسبي في العراق دون أن يحدد سقفا زمنيا لتواجد القوات الأمريكية في العراق و بالطبع دون أن يحدد الإطار العام للإستراتيجية الأمريكية في بلاد الرافدين .
التقرير كان مخيبا لآمال البعض من السياسيين العراقيين و حلفائهم الإقليميين ، حيث كانت الآمال معقودة على تقرير يتحدث بسلبية عن الواقع العراقي و عن تغيير مطلوب للمالكي و حكومته كما كان البعض يتمنى . هذا البعض المدفوع من قبل قوى إقليمية أصيب بخيبة أمل كبيرة فعلى الرغم من ملايين الدولارات المصروفة في واشنطن على تحسين صورته و تقديمه كبديل لرئيس الوزراء ... و على الرغم من الجهود الدبلوماسية الواسعة النطاق لدول الجوار إسقاط الحكومة ..... و على الرغم من رحلات الطيران المكوكية بين عواصم عربية مشبوهة و اللقاءات مع الرفاق البعثيين القدامى ... على الرغم من كل ذلك كان التقرير إيجابيا فيما يخص المالكي و جهوده المبذولة للخروج ببلاده من عنق الزجاجة....
و لذا فلم تخف بعض دول الجوار خيبة أملها من التقرير عبر تقارير إعلامية من خلال الفضائيات التابعة لها و التي ركزت على خيبة أمل الديمقراطيين من التقرير و معها خيبة أمل الرياض و القاهرة و عمان بالطبع اعضاء القائمة العراقية أصيبوا بخيبة أمل كبيرة و ظهر ذلك جليا في تصريحات برلمانيين مثل عزت الشابندر و حسام العزاوي....إذن لا جديد تحت الشمس ، و لا حلول سحرية ، و كل ما في الأمر أن التقرير الموضوع أصلا للإستهلاك المحلي في واشنطن لم يأت بما كانت تشتهي سفن الإقليم الخليجي و حلفاؤها و سيصبح العراقيون غدا على واقع مرير اعتادوه في السنوات الأخيرة و يأملون في تغييره .
الكرة هي الآن في ملعب الساسة العراقيين و هم وحدهم قادرون على التخفيف من معاناة المواطن العراقي حيث أن التأخر في تحقيق تقدم سياسي سوف ينعكس سلبا على الواقع الأمني و الخدمي ، و على الكتل السياسية أن تدرك مدى خطورة استمرار الجمود السياسي و أن الإعتماد على سياسات الإنسحابات المتكررة من الحكومة و البرلمان و (الزعل) المستمر ليست مجدية و أن الإستقواء بعواصم الجوار لن يسهم بحل المعضلة السياسية العراقية و أن الحوار و الحوار فقط بين الفرقاء السياسيين هو السبيل الوحيد للوصول إلى حل مناسب يرضي جميع الأطراف .
https://telegram.me/buratha