المقالات

بعد عام وبضعة أشهر على تشكيلها الحكومة العراقية.. نجاحات ملموسة وإخفاقات يجب أن لا تستمر


( بقلم : علي حسين علي )

في خطابه أمام مجلس النواب أشار دولة رئيس الوزراء الى ان مسيرة عام وبضعة اشهر من عمر الحكومة المنتخبة كانت حافلة بالانجازات في شتى المجالات الامنية والسياسية والاقتصادية، ففي المجال الامني قال المالكي بأن خطة فرض القانون قد انزلت خط الارهاب البياني بنسبة 75% قياساً الى ما قبل شباط من العام الماضي، وان بعض احياء بغداد التي كانت محتلة فعلاً من قبل الارهاب وخارجة على سلطة الدولة قد خضعت برمتها الى حكم الدولة بعد ان فرّ الارهابيون منها، اضف الى ذلك فان الهجرة القسرية التي تعرض لها مئات الآلاف من العوائل قد انعكست بحيث عادت حوالي سبع الآف عائلة الى مناطقها التي هجرت منها، ومن المؤمل ان يرتفع هذا الرقم ويتضاعف قبل حلول السنة الميلادية الجديدة، واشار المالكي الى ان حكومة الوحدة الوطنية قد منعت الانزلاق نحو الحرب الاهلية.

ان ما شهده العام الحالي هو نجاح كبير في اهم المجالات الامنية فقد استطاعت مجالس اسناد العشائر ان تدحر الارهابيين الصداميين والتكفيريين في محافظات الانبار وصلاح الدين وديالى وبابل ومدن محيط بغداد وسنجار، فقد تطوع اكثر من ربع مليون من ابنائها في الاجهزة الامنية واشتركوا في عمليات المنازلة ضد الارهاب في تلك المناطق التي ظلت طوال ثلاث سنوات خاضعة للعصابات التكفيرية ومرتزقتها.. وقد تكون الحكومة احرزت نجاحات ملموسة اعترف بها الاعداء قبل الاصدقاء في المجال الامني، لكن ذلك لا يعني ان النجاح كان ساحقاً، فما زالت بعض العصابات التكفيرية والصدامية تحتل مناطق في محافظة ديالى وعدداً محدوداً من مناطق محافظة صلاح الدين، ومناطق ليست قليلة في محافظة الوصل.. لكن الجهد الامني الحكومي يبدو انه قد يتوجه بأكمله لاتمام تطهير تلك المناطق من فلول الارهابيين.. ان ما تحقق من انجاز في المجال الامني كان له اثره الكبير على مجمل الحياة العراقية، فقد توقف القتل الطائفي تقريباً وكذلك فان التهجير القسري قد انحسر الى درجة التضاؤل خلال الشهور الماضية وانعدمت تماماً عمليات القتل الطائفي على الطرقات الموصلة الى بغداد ايضاً.

هذا الانجاز الامني - كما قلنا- كان له الاثر الواسع على حياة الواطن العراقي، وان شابها الكثير من نقص الخدمات، فالكهرباء ما تزال في احط عطائها - ان كان لها عطاء- وكذلك فان المشتقات النفطية هي الاخرى لا يمكن توصيفها الا بالسيئة وهو توصيف مهذب دون شك. ولم تكن وزارة التجارة موفقة هي الاخرى في ادائها، بل ان مفردات البطاقة التموينية كانت رديئة في مجملها وقليلة في عديدها وتصل الى مستحقيها من دون أي التزام بالمواقيت المحددة.

ربما ترمي بعض الوزارات المقصرة مسؤولية تقصيرها على الوضع الامني المضطرب، ولا نجد في ذلك مشروعية او دقة في احسن الاحوال، لكن يجب الاعتراف بان الاضطراب الامني الذي كان سائداً ومستحكماً قبل تطبيق خطة فرض القانون في الرابع عشر من شباط الماضي كان له اثره على مجمل الخدمات.. لكن الحال الآن قد تغير بنسبة 75% عما كان عليه سابقاً، فهل سيظل السادة الوزراء يتذرعون بسوء الاوضاع الامنية ويحملونها سوء الاداء الاداري الذي اتسمت به مسؤوليتهم للوزارات؟

وفي مجال المصالحة الوطنية اشار السيد المالكي الى ان تقدماً ملحوظاً قد طرأ ويمكن لمسه لمس اليد، فالاطراف التي انضمت الى العملية السياسية ان في مجلس النواب او في الحكومة معظمها لا تزال تؤمن بالحوار، وعديد منها استطاعت ان تؤسس لقيام كتل نيابية قوية ومنسجمة، فالتجمع الخماسي الذي انبثق مؤخراً احد ابرز المؤشرات في الساحة السياسية العراقية، على الانسجام بين القوى السياسية الفاعلة والمصممة على النهوض بالدولة الى مستوى عالٍ من الرقي ان في مجال المصالحة الوطنية او في مجال الحوار واستمراره بين الكتل المتباينة في مجلس النواب.

لقد ذهبت الكثير من الاطراف السياسية وراء وهم تفجير الحكومة من الداخل وتعجيزها، من خلال تصعيد الخلافات والمقاطعات او من خلال تعجيز الاخرين بمطالب ثقيلة.. لكن مع مرور الوقت وصمود جبهة المتصدين للتيارات التي تسعى الى خلق البلبلة السياسية تبين لاولئك بان لا احد قادر على اجبار الاغلبية على التخلي عن الدستور والفيدرالية والديمقراطية في هذا البلد.. وان من المستحيل العودة بالعراق الى ما قبل التاسع من نيسان عام 2003، وان منجزات الشعب العراقي التي تحققت بعد سقوط الحكم الدكتاتوري لا يمكن لأية قوة ان تتجاوزها او تنتهكها.. اذاً، المصالحة الوطنية اليوم تتقدم بعد ان تيقن الجميع من ان لا احد يستطيع ان يدعي بانه وحده يمثل كل العراقيين، وبعد ان توثق الجميع من ان العمل خارج الفريق لن يوصله الى ما يريد.وفي المجال الاقتصادي الذي اثر عليه الى حد كبير تردي الوضع الامني قبل خطة فرض القانون لوحظ تحسن واضح في الكثير من مفاصله، والميزانية الحالية خير مؤشر على ذلك، وقد وضعت على خارطة العراق الاقتصادية الكثير الكثير من مشاريع الاعمار، وتعد الحكومة مواطنيها بانها ستجعل من قطاع الخدمات عنصراً في رفاهيتهم وليس كما هو الحال عاملاً مؤثراً في تعاستهم.

في خطابه أمام مجلس النواب كشف دولة رئيس الوزراء الكثير من الاسرار وواجه منتقدي حكومته او المعترضين على ادائها بالصراحة اولاً، وبروح ديمقراطية ثانياً.. في مجال المصارحة وكشف الحقائق أمام الشعب وصف المالكي المتورطين باحداث كربلاء بانهم عصابات مقنعة تسترت تحت عناوين دينية، وكان دولته دقيقاً في هذا الوصف الشجاع.. واكد على انه لن يتسامح مع كل من يخترق القانون، وان القانون سيطبق على الجميع دون النظر الى أي شيء آخر.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك