بقلم: عطا الله الموسوي
كانت الأجواء العبادية في كربلاء نوعان :
الأول: وهو الأكثرية الساحقة من الزائرين حيث افترشوا الأرض حول الحائر الحسيني والعباسي والساحة الجميلة بين الحرمين الشريفين وكان الخدم للروضتين يقومون بالتنظيف والقسم الأخر بالتفتيش وكان في النقاط أعداد قليلة من الشرطة تقوم بتنظيم دخول الزائرين عبر نقاط التفتيش وكان الزائرون منشغلين في الزيارة والدعاء .أما النوع الثاني: فكان يقوم بالهوسات والرقص وترديد الأهازيج البعيدة عن أجواء المناسبة الروحانية وان هذه المناسبة تعتبر من ناحية أهميتها الروحية بعد ليلة القدر.
فجأة انفجر الموقف واذا بهذه المجاميع تداهم نقاط التفتيش بالعصي والحجارة وكنا حينها قريبون من مرقد العباس (عليه السلام) حيث قامت بمداهمة السيارات التي كانت تقدم الخدمات للزوار كالماء ورفع النفايات.والأمر الذي أبكاني وجعلني اعتقد بان الوهابيون داهموا كربلاء هو قيام هذه المجموعات المنحرفة برمي الحجارة ...... والخ على باب مرقد أبي الفضل العباس (عليه السلام) وهنا قلت لأصحابي ان التكفيري بن جبرين نفذ جزء من فتواه القذرة وبدأ العمل بباقي الفتوى بهدف هدم أضرحة أئمتنا الأطهار .
لكن ماذا حصل هذه الفترة حيث تحولت الفرحة إلى حزن حيث الأطفال والنساء يتباكون وحائرون بأي اتجاه يذهبون قسم منهم التجأ إلى صحن الحسين (عليه السلام) والأخر إلى صحن العباس (عليه السلام) وهنا تذكرت واقعة الطف عندما استشهد أبطال الطف وبقيت العيال حائرة واليوم لا سلطة للقانون يحمي المقدسات والمواطنين من عصابات الوهابية الشيعة الجدد ولجأت انا و احد أصحابي إلى الروضة الحسينية من الباب المقابلة لمقام صاحب الزمان حيث كانت منطقة أمنة تقريبا وبعد الطلب من الخدم للروضة بالدخول سمحوا لنا بعد القيام بتفتيشنا حيث كان اهتمامهم منصب على إدخال النساء والأطفال والشيوخ .
وقد قام الخدم في الروضة الحسينية بتقديم الطعام لنا وكان الصحن مفروش بالسجاد والمراوح وبرادات الماء والخدمات الخاصة جعلوها لخدمة الزائرين لقضاء حوائجهم. وقبل صلاة الظهر ليلة الزيارة انفجر الموقف وبشكل اشد وقبل ذلك تركني صاحبي وأعداد كبيرة من الزوار غادروا الصحن الشريف متوجهين إلى مدنهم وقررت البقاء في كربلاء أملا في انتهاء الأمر واتصلت بأحد أقاربي بالموبايل الذي يسكن منطقة المتجاوزين في الحي العسكري وابلغني انه في الواجب وسوف يحصل على موافقة لاستقبالي وعند توجهي إليه شاهدت مجاميع موزعة وهي تحمل الأسلحة المتنوعة والمحمولة على السيارات وعند لقائي به قرب مركز للشرطة على الجهة اليمنى للمخيم الحسيني وعلى بعد (500م) اتضح لي بأنه آمر سرية لإحدى المليشيات وعندما أبلغته بما جرى اختصارا قال لي (لا يهمك ما هي الا ساعة ونحرر الروضتين من سيطرة أفراد حماية الحرمين العجم من أتباع مهدي الكربلائي واحمد الصافي !!! من هم هؤلاء لا اعرفهم وما علاقتهم بالروضتين لا ادري) .
بعدها طلب مني الذهاب إلى داره وأرسلني على دراجة نارية مع احد المسلحين وعند وصولي إلى داره استقبلتني زوجته وهي ابنة عمي وأخذت بالبكاء والشكوى من تصرفاته وقالت لي بالحرف الواحد "أنقذوني منه انه قاتل" وفوجئت لهذا الخبر وتحدثت لي الكثير عن انحرافات خلقه بعد ان كان إنسان بسيط وطيب القلب وكيف انقلب إلى مجرم وقاتل بعدما سار في خط هذه المليشيا وما هي إلا ساعات قليلة وفي منتصف الليل حتى حضر إلى الدار مرتبكا خائفا وطلب من زوجته إحضار ملابس له بعد أن خلع ملابسه السوداء وهرب الى منطقة قريبة من الحر حيث ابلغ زوجته بذلك وعندما سألته عن سبب ذلك قال لي بان قوة عسكرية دخلت كربلاء وسيطرت على الوضع وقد أوصى زوجته أيضا برفع صور ...... وإتلافها وإبلاغ السائل عنه بأنه مريض ويتعالج في البصرة عند أقاربه قبل سبعة أيام . وهنا حسمت المعركة بانتصار الحق على الباطل وهزيمته .وانا في طريقي إلى بغداد استخلصت ما جرى بحكم مرحلة سني البالغة (65) سنة، إن ما حصل جاء نتيجة ما يلي :
1- الخطأ الاستراتيجي الذي وقع فيه السيد الشهيد الثاني (قدس سره) وكما أسلفت .2- البناء الاستراتيجي الذي شيده الطاغية المقبور صدام حسين واستطاعته من اختراق الحوزة العلمية في النجف من خلال تشكيل مديرية امن الحوزة من قبل المجرم (مهدي) اذ دعوه لإعداد رجال دين مزيفين أمثال القرعاوي وغيره .3- استلام قيادة الخط الصدري من قبل عناصر أعدت لهذا الغرض والمشار إليها بالفقرة الثانية .4- العناصر الإيمانية الحقيقية داخل التيار تم تحجيمها مما دعا البعض إلى الانزواء في داره والأخر بقى للإصلاح ولا يزال ولكن لا أمر لمن لا يطاع .5- انشقاق التيار الصدري لعدة خطوط منها الخط الإيراني والخط الأمريكي والخط الممول من السعودية ودولة الإمارات والخط الذي يؤمن السراق والقتلة وعليهم الاعتماد بجعلهم القوة التي تعمل لاسقاط القانون لتحقيق أهداف بعض الخطوط داخل التيار والخط الأخطر هو الخط الصدامي داخل التيار الذي أوى عناصر المخابرات والأمن وفدائي صدام .
6 ـ خلصت بقناعة مع نفسي انه لا حل لهذا التيار (الازمة) الا بتخليص قياداته من العناصر المأجورة والمشار إليها بالفقرة السابقة والاستعانة بذلك بسلطة القانون .
وكانت هذه خاتمة الرحلة المأساوية إلى كربلاء والتي قلبها المنحرفون من فرحة إلى حزن وأقول أخيرا اتقوا الله واجعلوا البلد أمنا يأمنكم الله في بيوتكم وعيالكم وأرزاقكم واسأل الباري أن يهدي الجميع ويتذكروا وقفتهم أمام الخالق وما سيكون الرد حينه.والله من وراء القصد ...
https://telegram.me/buratha