قاسم العجرش
لم تَخِبْ خطابات التأزيم لحظة واحدة، منذ أن أنتقلنا بقدرة قادر، من الإنغلاق الإعلامي قبل عام 2003، الى فضاءات الحرية المنفلتة، التي طبعت واقعنا، منذ ذلك التأريخ، وستبقى كذلك الى زمن ليس منظور!
خلال هذا الزمن، وبكل تلافيفه وطياته، شهدت ساحتنا الإعلامية، شحنا عدائيا مركبا، لا يلبس عليه رداء، في تفاصيله الفنية والتوصيفية.
في حالتنا؛ غالبا ما تتجه المسارات الإعلامية، ومنها تصريحات الساسة، نحو شخصنة الحدث وإرتداداته، ولذلك فإن المنتج الإعلامي، غالبا ما يطبع بطابع الإتجاهات الشخصية، محملا بكم هائل من إنتقاص الخصم أو المنافس، بل لا يسلم من ذلك حتى الشريك، ولنا في المتشاركين بالتحالف الوطني، مثلا على هذا الواقع!
في هذا الصدد أيضا، نجد أن الساسة، لا سيما من إرتدى منهم، عباءة الحصانة البرلمانية، لا يتورعون عن الردح السياسي، وما يتفرع عنه من إدمان، على ثلم شخصية هذا السياسي أو ذاك الآخر، وهو أسلوب في الخطاب السياسي، ينم بوصف واضح عن قلة أدب.
مثل هذا المسار في العلاقات، يمثل أخطر مراحل العمل السياسي، إذ أن يتخلى "أحدهم" أو "إحداهن"، عن أخلاقيات العمل السياسي نهائيا، فهذا يخرجه (هـأ) من صفة السياسي، ويلحقه ( هـأ) بصفة رداحي الحواري.
الردح السياسي؛ بات السمة الغالبة مع الأسف، لعدد كبير من الساسة، المتعطشين لرؤية أنفسهم على الفضائيات، أو في صفحات الجرائد، أو واجهات المواقع الالكترونية.
الردح السياسي؛ ممارسة أو صفة، ليست من السياسة في شيء، لأن السياسة جاءت من فعل "ساس" ومضارعه "يسوس"، وهو فعل يدل على الرفق بالتعامل، والهدوء وطول الأناة، والصبر على الأحداث ومواجهتها.
هذه الصفات باتت مفقودة بشكل خطير، لدى من لا يستحقون أن نسيمهم ساسة، بل يستحقون أي أسم خلا هذا الاسم النبيل..
النبل أهم عناصر تشكيل شخصية السياسي، نبل الأخلاق نبل التصرفات، ونبل التصريحات أيضا..
هذا الواقع سيجرنا إلى منزلقات خطيرة جدا، فتحول الصراعات السياسية، إلى صراعات شخصية أدواتها النيل والشتيمة والثلم، لن يؤدي إلا إلى إتمام مشهد؛ سقوط الساسة في أعين العراقيين، ومعظمهم قد سقط، إلا من نأى بنفسه عن المشاركة في عرس الواوية..
كلام قبل السلام: من قلة الخيل نسرج على الكلاب. وسيأتي يوم، من قلة الخيل والكلاب، سنسرج فيه على الفئران..!
سلام..
https://telegram.me/buratha