عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين
انعقد أمس الأربعاء في محافظة السليمانية بإقليم كردستان العراق المعرض الدولي الأول للاعمار تحت رعاية رئيس الجمهورية الدكتور جلال الطالباني وبمشاركة وفد كبير من الحكومة الاتحادية كان في طليعته السيد نائب رئيس الوزراء الدكتور برهم صالح والسيد وزير المالية المهندس باقر جبر الزبيدي ووزير التجارة السيد فلاح السوداني. وبالرغم من اننا لم نتابع فقرات المؤتمر كاملة إلاّ ان مراسيم افتتاحه تركت لدى المتلقي انطباعات هامة وايجابية وأخرى لا تخلو من السلبية المبررة.
اهم هذه الانطباعات ان المعرض او المؤتمر قد ابتدأ بعزف النشيد الوطني العراقي في إقليمٍ طالما تثار بوجهه هذه الإشكالية، ونعتقد ان هذه الخطوة وعلى بساطتها فإنها تركت اثراً ايجابياً نفسياً كبيراً لدى المتابعين، وقد شكلت بالوقت نفسه رداً صريحاً على الأصوات التي عادة ما تذهب الى التشكيك بالتوجهات الكردية العراقية الوطنية والمتهمة من قبل بعض الدوائر السياسية وقنوات اعلامية بالنزعة الانفصالية في محاولة للنيل من الارادة العراقية التي ترى بضرورة ان ينضم العراق الى النادي الفيدرالي الاتحادي.
النقطة الأكثر أهمية ان المؤتمر خاص بمحافظة السليمانية وكان لحضور السيد رئيس الجمهورية فيه تمثيلاً شخصياً اكثر منه رسمياً وبمعنى آخر ان السيد رئيس الجمهورية وهو يحضر المؤتمر كان حضوره يميل الى كونه شخصية قيادية سياسية كردية مشاركة في مناسبة كهذه، ومع هذا إلاّ ان السيد رئيس الجمهورية وعندما ألقى كلمة في المؤتمر ابتعد كثيرا عن اشكالية الشخصنة وانتقل الى موقعه كرئيس للبلاد. اما سهولة اقتفاء هذا التجسيد الوطني للمسؤولية الوطنية فانه يبدأ مع قراره بأن يتحدث باللغة العربية بالرغم من ان السيدة مديرة المؤتمر والسيد محافظ السليمانية الأستاذ دانا احمد مجيد كانا قد افتتحا المؤتمر باللغة المحلية الكردية، وتتضاعف أهمية كلمة السيد رئيس الجمهورية عندما اكد على محاور اساسية وهو يتناول الحيف والظلم الذي وقع على الشيعة خلال العهود الغابرة وحتى عند بعض الجماعات العربية الإسلامية التي تسميهم بالروافض والكرد وكيف يصطلح عليهم بالخونة والسنة وكيف ينعتون بالمرتدين.
السيد الرئيس ربما وجد في المؤتمر فرصة اخرى لتقديم انموذج العراق الجديد الغني بشعبه وثرواته وطاقاته وقدراته واصراره على انهاء ظاهرة الدكتاتورية والارهاب الوافد والمقنع وسعيه الى ترميم علاقاته مع الجوار والمحيط القائم وتأكيد سيادته على الوجه الحضاري الديمقراطي الاتحادي للعراق الجديد الذي استمد شرعية نظامه من اكثر من 12 مليون ناخب عراقي انجزوا مشروعهم الوطني ببناء مؤسساتهم الديمقراطية واعلان حكومتهم المنتخبة.
الطالباني توقف كثيراً عند اصرار القوى التي خاضت في زمن المعارضة العراقية كفاحاً مريراً ضد اعتى نظام ديكتاتوري ليطل من تلك الوقفة على الصرح العراقي الجديد الذي يُراد تثبيت دعائمه عبر بناء عراق حرٍ ابي مستقر ليكون نقطة ارتكاز استراتيجية لاستقرار وأمن المنطقة برمتها.
لا شك ان السيد الرئيس اضاف بموقفه هذا الى رصيده موقفاً وطنياً مخلصاً كما عهدنا ذلك بشخصيته دوماً وربما نستطيع القول بعد الآن أن العراق وضمن موقعه الإقليمي بأت يمثل الشرعية والدستورية التي تفتقر اليها العديد من التجارب المجاورة، وهذا هو ما يجعل بلادنا عرضة لعدم الاستقرار من قبل غير الدستوريين وأعداء الشرعية.
https://telegram.me/buratha