في مثل هذه الإيام من العام الماضي كان العراق على موعد مع إحتلال جديد لايقل في وحشيته وهمجيته عن إحتلال هولاكو للبلاد. إذ زحفت غربان من يسموا أنفسهم بالمجاهدين والمدافعين عن عقيدة التوحيد ,نحو مدينة الموصل الحدباء, ليجدوا بعدها الطريق معبّدة نحو العاصمة بغداد.
كان الحاكم حينها منشغل في حياكة المكائد وتقديم الإغراءات لهذه الكتلة او تلك, وبتقديم قروض الطاعة لهذه الدولة أو تلك, سعيا للحصول على ولاية ثالثة, وبعد نجاحه المنقطع النظير في ولايته الأولى والثانية في وضع العراق ملكا على عرش الفساد العالمي وبلا منازع او مدافع. فيما كان أصحابه واتباعه منهمكين في وضع الخطط لتوزيع المناصب والإمتيازات بينهم.
حتى وقع مالم يكن في الحسبان, واذا بالمدن العراقية تتساقط واحدة تلو الأخرى كتساقط اوراق الخريف, حتى وقف اتباع هولاكو البغدادي على مشارف العاصمة! واما القائد العام للقوات المسلحة فكانت طائرته في حالة إنذار وتهيؤ للإقلاع في أي لحظة, فيما جمع رهطه كل ماخف حمله وغلا ثمنه استعداد لمغادرة العراق. وأما الجيش فتبين انه فضائي لا وجود له الا على اوراق دفع الرواتب!
8 سنوات من حكم القائد الضروري أنفق خلالها 200 مليار دولار على المؤسسة العسكرية والأمنية, الا انه فشل في اعداد فرقة مقاتلة واحدة تقف بوجه خوارج العصر, لم ينجح الدكتاتور في بناء جيش عقائدي من 100 الف مقاتل عراقي على الأقل من مجموع سكان العراق البالغ أكثر من 30 مليون نسمة. كان همه بناء قوات عسكرية تدافع عن سلطته وعن حكمه المتهريء.
عطّل جميع مرافق الحياة بحجة محاربته للإرهاب, لكنه في النهاية هزم شر هزيمة امام حفنة من الإرهابيين. خيانة مابعدها خيانه وفشل مابعده فشل. كانت بغداد ومحافظات الجنوب على موعد مع أسراب الموت القادمة من اعماق التاريخ, والتي تركت كل قضايا الأمة المقدسة ولم يعد لها سوى قضية مقدسة واحدة, ألا وهي هدم قبور الأنبياء وأهل بيت النبي وصحبه. لم تعد قضية فلسطين تحرك شعرة من لحية أبي بكر البغدادي واتباعه, ولم يهتز ضميره للمجازر التي ارتكبت بحق المسلمين في ميانمار, فهدم قبر النبي يونس ونبش قبر الصحابي حجر بن عدي أكثر ثوابا من نصرة المسلمين.
لكنه خاب وخابت مخططات من يقف وراءه, ولكن ليس على يد سياسيي الصدفه, ولا على يد الفاشل الفاسد والخائن نوري المالكي, ولا على يد أصحابه الذين استولوا على الدولة العراقية, ولا على يد جيشه الفضائي, بل على يد رجل لايملك من سلاح سوى سلاح الكلمة.
أطلق آية الله العظمى السيد علي السيستاني كلمة واحدة سارع الآلاف من العراقيين لتلبيتها, فتشكل جيش في بضع أيام فشل المالكي في اعداد مثله في عدة سنوات, إنه الحشد الشعبي الذي يضم مختلف شرائح الشعب العراقي. إنها فتوى تعادل اكثر من 200 مليار دولار أنفقها المالكي طوال سنوات حكمه المشؤومة على الأمن, الا انه فشل في اعداد جيش يعتد به.
فتوى قلبت المعادلات في العراق و انقذت حاضره ومستقبله, لكن المالكي وصحبه الذين اسكرههم حب السلطة لازالوا يحيكون المؤامرات من اجل مصادرة الإنتصارات التي حققها الحشد الشعبي, فتارة يدعو ان المالكي أسسه وليس المرجع السيستاني, وتارة اخرى يحاولون تجيير الحشد الشعبي لصالح المالكي, ونسي هؤلاء او تناسوا أن الكلمة العليا للمرجع السيستاني وليس لنوري المالكي, وكل من يتاجر بالحشد الشعبي وانتصاراته فإن مصيره سيكون كمصير المالكي.
وإن كل من يحاول استغلال الحشد ليغسل عار فساده فلن يفلح, فالحشد الشعبي فصيل يجاهد في سبيل الله جهادا أصغرا, واما من فشل في الجهاد الكبر عندما كان وزيرا في عهد المالكي , فإن الجهاد الأصغر لن يسقط عنه الجهاد الأكبر الذي تخلى عنه عندما نهب الدولة العراقية . كل محاولات تسييس الحشد الشعبي ستبوء بالفشل , لإن الحشد لا قائد له سوى آية الله العظمى علي السيستاني, وكل من ينافسه في قيادته أو لايخضع لتوجيهاته فمصيره كمصير طريد المرجعية!
https://telegram.me/buratha