الى من تربطني به صلة الارحامالى من خطفه من بيننا الازلام الى من ظلمناه بعدم الكلام الى المدفون بوادي السلام الى العم محمود
اكتب لك اليوم مشاطرة عيون القراء وقلوبهم للكلمات التي اوجهها اليك رغم انني استطيع ان اقولها عند قبرك ليشهد عليها الله ومن تجاورهم ممن سبقونا واياك الى العالم الاخر ، وما لهذه المشاطرة من سبب الا مظلوميتك الكبيرة والتي سعى اليك بها الطغاة قبل ان تكمل نصف دينك وتترك لنا ابناء ربما لو اننا نظرنا عيونهم لصبرت قلوبنا على فراقك لذا وجدت ان اخط الكلمات ها هنا قبل ان اقولها عند قبرك لتصلك الرحمة من فاه قارىء هذه السطور والتي لابد لها ان تمس جراحه فالظلم قد طرق ابواب اغلب القلوب المؤمنة .
لا اتذكر لك ملامح ولا صوتاً الا صورة صغيرة في علبة أُحكم اغلاقها !! نفتحها بين الحين والاخر ولنسأل عن صاحبها فـُيقال انه عمكم محمود وهو مسافر ! ولتمر سنين قبل ان نعرف قصتك ايها الشهيد والتي شابهت قصص الكثيرين من ابناء الوطن الجريح والتي لا تتجاوز طرقة باب الدار لتجد جلاوزة بملابس مقيتة وليسألوا عن شخص ما قائلين ( تفضل ويانا للشعبة خمس دقائق !!!) وكانت هذه الخمسة دقائق ستة اشهر لم يعرف عنك احدٌُ شيئا ولتمر سحب الصمت لتغطي سماء السؤال عنك من الاهل والاقارب والذين هالهم الامر فأمر اعتقالك لاسبب له فهو مجرد استدعاء طال امره غير انه هذه السحب ما لبثت ان امطرت حزنا والما عندما رن هاتف المنزل وليسمع الاهل صوت ذات الجلاوزة ان تفضلوا استلموه !!!.
ذهبت معهم على قدميك ماشياً غير انهم ارجعوا الامانة مستلقية على ظهرها بانت عليها اثار التعذيب من تعليق وضرب تنخفض عندما تعددها اصوات من دفنوك كي لا تتألم النساء الاتي عرفن بامر رصاصتين قد نفذت الى راسك ايها الشهيد والتي لم يسمع صوتها احد فلقد كان الشارع العراقي راقصاً منتشياً بالنصر العظيم !! عند انتهاء الحرب العراقية الايرانية ولتكون انت الشهيد الاخير لقافلة شهداء الثمانينات ولتكون الشهيد الوحيد منهم الذي استلمنا له جثمان ولربما لان فرحة الجلاوزة بنصر قائدهم دفعتهم الى التخلص من جثمانك برنة هاتف !!! ولم تقف مظلوميتك عند هذا الحد وهذا ما يجعل قلبي يـُتعصر لاجلك لم يكتفوا بالتعذيب والضرب الذي لربما لم تعرف انت ذاتك لماذا ؟! ولم تطفأ الرصاصتين نار احقادهم بل تعدى الى ان ينهوا ذويك عن اقامة عزاء ولبس الحداد ولم يدفنك الا ثلاثة ممن يعتبر مشاركتهم في هكذا امر تهمة يخشوا ان يرموا بها !!! لم تعرف من كانت سبب وجودك في الدنيا أمر استشهادك كبرنا ونحن نرقبها تتحدث عن غربتك التي طالت وتلوم تهاونك في ارسال الصور ثم ما تلبث ان تلتمس لك الاعذار وتدعو الله لك بالموفقية الى ان اختارها الى جواره ولم تعرف منا فلقد تركنا أمر اخبارها بامرك لك !!!
تمنيت ان اجد لمظلوميتك حدا اقف عنده او زمنناً يطوي صفحة مظلوميتك المستمرة لعقود !!! لم تمر سنوات الا وقد ظلمك الطاغية مرة اخرى ايام الانتفاضة بأن جعل القبور شوارعاً وغطاكم بالاسفلت ومحا حتى اسمائكم التي حفرت على صخور الشهادة والتي كنا نغسلها بماء الورد وليضيع موضع قبرك ولناتي باحثين عنك في ذلك الشارع ولنقطع مسير السيارات اذا ما قرأئنا لك سورة الفاتحة وايدنا تحرقها حرارة الاسفلت ولتقاطع كلامنا معك منبهات السيارات التي تستعجل المرور فوق جسدك !! ولاقف عند حافة الشارع متأملة بين شارع وقبور وقبة لامير عادل تتلألأ انوارها ايمانا وتشع صبراً لقلوب المفارقين لم اكن قادرة على الكلام مع امير المؤمنين عن بعد لكني اكتفيت بالنظر الى قبته ثم الى الشارع ومن الشارع الى قبته وكأني بتلك النظرة الدامعة انقل مظلوميتك لاميرنا المظلوم !!! ، اليوم وقد سقط نظام البعث الغادر بكل ما هو جميل لكني اجد ان مظلوميتك تجدد مرة اخرى !! ومن من منا نحن اهلك وذويك !!!.
أيها الشهيد ، ها نحن نظلمك كما ظلمناك سابقاً !! نسينا ظلمنا لك ونحن نبكيك وحملنا الجريمة باكملها الى الطغاة واقنعنا انفسنا بأن لا حول لنا ولاقوة !! ظلمناك وانت تسحب من بين اهلك وسط صمتهم الباكي !!! ظلمناك ونحن نعتذر عن حضور مراسيم دفنك مخافة الظالم ، ظلمناك ونحن نخشى ان نصل قبرك في السنين الاولى ، ظلمناك ونحن نخترع الاكاذيب بشان كل من يسال عنك ما خلا المقربين ، ظلمناك ونحن نخفي عن اولادنا قصة عمهم المظلوم ، ظلمناك ونحن نكتب كلمة لا أمام سؤال هل لديكم معدوم ؟ في الورقة التي تأتي الى كل دار طلبا للمعلومات ، ظلمناك ونحن نتلكىء بالجواب حينما يسالون هل يقرب لكم محمود ؟ نسينا تلك المظلومية واوهمنا انفسنا اننا نقي نفسنا من شر البعث في حين ان الصمت لم يجلب الا المزيد من الموت والخوف ويكفينا ان ضمائرنا غفت حد ان بعضها لم يصحو عندما طرق باب الفرج صدورنا !!
واليوم ظلمناك كما اعتدنا ، ظلمناك ودارك الفت الطرق بعد عن ابتعد عنها الكثيرون سابقاً ، فلقد غدوت البطل الشهيد الان والكل يسأل عن الورقة التي كتب عنك فيها انك خائن !!، لقد وفدوا ليشاركوك فخراً اختاره الله لك بمفردك ، ها هم يصحبون تلك الورقة معهم في كل مكان قائلين اننا مضطهدون وهذا هو الدليل فها هي اسماء شهدائنا وان محمود هو قريبنا وشهيدنا وحبيبنا !!! بل ان الامر وصل الى ابعد من هذا الامر لمن اعتبر استشهادك سبباً في فصله سياسياً متناسياً انه هو من ترك العمل وليكذب الكذبة ويصدقها ويرويها للجميع !! فيالك من مظلوم يا محمود .
ولو كان من حقي المطالبة بحق الشهداء لطالبت ان يكون فخركم لكم وان لا يكرم الشهيد الا برمز او بان يحمل الشارع الذي يسكنه اسمه لا ان يتحول دمكم الى قطع اراضي وسيارات وعقارات كما فعلها القائد الضرورة ولتتمنى الام ان يستشهد ابنها في الجبهة كجارتها لتحصل على منزل !! كما حصل مع امهات باعوا حتى فلذات اكبادهم الى قائد الجرذان والعياذ بالله وليس اجحافاً لذوي الشهداء الذين فقدوا المعيل غير ان ما يجري الان من استغلال حق الشهداء من قبل من لا ضمير له هو من يدفعنا لهكذا مطالبة شخصية ليس الا . فمن الممكن عمل هوية تشريفية لذوي الشهداء تخفض له اجور المستشفيات والدوائر الرسمية وما شاكل .
والان يا عم محمود هل ستسامحني وانا أنكر ان لدينا معدوم من بيننا ؟ وهل تسامحني على صمتي قبل معرفتي بمظلوميتك وبعدها ؟ وهل تسامحني وانا استخدم اسماً غير اسمك في مخاطبتك واوقع باسم غير اسمي ؟ !! وهل يكفي انني لا اريد نسخة من تلك الورقة التي استنسخها الجميع !!! لاثبت لنفسي المتقاعسة انها لم تظلمك مجدداً ، أريد ان اصل قبرك شوقاً لا ان يثقلني ذنب الصمت ، اه يا عمي كيف احرر نفسي من هذا الاحساس الذي طبق عل صدري سؤال لطالما سالته الى اصحاب القبور التي تحرر اصحابها من هذا العالم المتعب .
الان فهمت يا عمي وعرفت جيداً انني لن استطيع الصمت اكثر من ذلك بعد الان ، نعم اخذت قراري وعزمت على الامر بأن اتكلم وأصرخ بمواقع وان اصمت ناطقة في مواقع اخرى !!! وبحسب ما يضمن الحفظ لمذهبي وكرامتي المستمدة من كرامته ورفعته تلك المعادلة التي لم اجد اصعب منها في الدنيا فموازنتها تعتمد على ضمائرنا فطرق الموازنة كثيرة على حسب مقدرة المرء غير انها تؤدي الى نتيجة واحدة هو اراحة من لا موقع له في اجسادنا ذاك هو الضمير غيران هذه المعادلة باهضة الثمن يا عماه فلقد تركنا لاجلها منازل واهلين وخسارنا اصدقاء لم يفهموا مظلوميتنا والتجئنا الى مواطن كثيرة في بلدنا ومن دار لاخرى ومن منطقة لاخرى كرحالة في أرض كلمة الصدق !! نعم يا عماه ادركت معنى ان تكون مسؤولاً عن قول كلمة حق !! عندها لابد للاستعداد لرياح شديدة تذرنا الى حيث لا نعلم !! ولكني رغم كل هذا الالم اشعر براحة كبيرة والله يشهد وها هو الشوق يهزني لبلوغ قبرك غير انني ساصبر ربما لليلة واحدة فقط ، وربما تسأل ماذا ؟ لانها الليلة الاخيرة للمجرم علي حسن المجيد وها منشغلة بالتفكير فيه وهو في زنزانته وزملائه المجرمين واتسائل هل تمر وجوهكم امام عيناه وانتم تستعجلونه الى العالم الاخر حيث تشكونه الى الباري عز وجل وأي حاكم اخترتم !!! انه الله الجبار المتكبر المنتقم من هؤلاء وهو الله الرحمن الرحيم الودود لمن اشترى رضاه بدمه ، انها الليلة الاخيرة له وليتها تكون الليلة الاخيرة للظلم غير انها ليلة تخمد نيران مظلوميتكم المستعرة في قلوبنا ، سأتأخر عنك قليلاً فهذا يوم انتظرته طويلاً وها انا احضر الحلوى منذ الان وساوزعها هناك عند قباب الرحمة وأسال الله ان أستطيع ان اطلق زغاريد لم استطع اطلاقها يوم اعدام الطاغية لان فرحتي لم تكتمل حينها فها هو سرب غربان الظلم يحلق نحو جهنم وبئس المصير فمن حسين كامل وصدام كامل وعدي وقصي وبرزان وصدام الى علي حسن المجيد فالحمد لله حمدا ً كثيرا على هذه النعمة التي تضمحل امامها كل النقم .
لا استطيع ان اصبر ليلة اخرى لارسل التهنئة بعد الاعدام لاني لا اضمن جلوسي امام الكمبيوتر حيث انني ساكون وسط المظلومين معبرة مثلهم عن فرحتي بصلاة وشكر للباري ومصافحة وقبلة لكل ام وزوجة وبنت لشهيد بطل وسورة فاتحة عند كل قبر وملبس انثره على روؤس اخوتي تحت قبة ال محمد في الجانب الاخر منها حيث ستصلهم مني قطع الملبس وانتظر منهم صلوات محمدية لا تنقطع ودعاء للامام الحجة عجل الله فرجه الشريف لتغمر قلوبنا الفرحة الكبرى التي لا نظير لها الله سهل لوليك الفرج ليملأ الارض عدلا بعد ان ملئت ظلما وجوراً.
واخيرا وليس اخرا تهنئة خاصة وخاصة جدا لابناء حلبجة البطل ولكل شهيد في تلك القرية التي قطعت مظلوميتها نياط قلوبنا وتهنئة لابناء ميسان والناصرية والبصرة ممن سلط الطاغية عليهم ايام الانتفاضة ذلك المجرم وتهنئة لكل عراقي مسه الضر في تلك الحقبة المظلمة وتهنئة للجبال والنخيل والانهار ونسال الله ان يمحو بقايا الظلمة التي لا زالت من عهدتهم بموتهم غير مأسوف عليهم .
اختكم المهندسة بغداد
https://telegram.me/buratha