المقالات

المنحرفون قلبوا الفرحة إلى حزن


( بقلم : السيد عطا الله الموسوي )

من بغداد مع عدد من الأخوة المؤمنين كنت متوجهاً إلى مدينة كربلاء لأداء زيارة النصف من شعبان وكما هو متعارف عليه فإن الزائرين المشاة كانوا بالآلاف متوجهين إلى مدينة الحسين (عليه السلام) ولابد من الإشارة إلى التشكيلة للمشاة ولاحظت منهم يقوم بعمليات وحركات وهوسات لم أراها قبلاً لا أيام الطاغية ولا بعد السقوط حيث الرقص والهتافات التي لا تمت بالزيارة ولا بالحسين (عليه السلام) المتوجهين إليه وأما القسم الآخر وهو الغالبية العظمى فكان يسير بصمت أو ماسكاً كتاباً يدعو فيه هو وزملاءه الآخرين مقتدين بوصايا الإمام الصادق (عليه السلام) الخاصة بآداب الزيارة وصلنا كربلاء وكانت الطرق مزدحمة بالزائرين من النساء والشيوخ والأطفال والشباب وشاهدنا ظاهرة لم نشهدها من قبل وذلك في مدخل المدينة وداخلها وهي نصب الخيم للمواكب وكل خيمة وضعت مذياع وهناك من يقرأ القصائد الغريبة الكلمات على المناسبة والتي تهوّل وتعوّل على عبد من عباد الله مقترنة بالرقص المقترن بالهوسات وهي مجاميع من الشباب أعمارهم بين الرابعة عشرة والعشرينات.كنا خمسة أشخاص في مسيرتنا إلى كربلاء بدأنا نتسآئل بعضنا البعض هل هذه آداب الزيارة التي اوصى بها الإمام الصادق (عليه السلام) وإذا بمفاجأة أخرى نرى رجل يرتدي الزي الحوزوي وبيده عصا وهو يرقص ويهوس بين هذه المجاميع وهنا جلسنا للراحة ودار نقاش بيننا اتفقنا نحن الخمسة استخلاص رأي واحد لن نختلف عليه وهو ان هناك أمر خطراً داهم الطائفة وهذا الأمر يراد منه تغيير مسار العقائد التي نشأنا عليها والتي يراد منها التقليل من شأن شعائرنا المقدسة التي قدمنا من أجلها لأداء مراسيم الزيارة وكذلك التقليل من شأن مكان الأئمة الأطهار (عليهم السلام) وتحويل المناسبة من أهدافها للبناء الروحي والعقائدي إلى مسار جديد يهدف من وراءه الابتعاد إلى مسار جديد يريده ويعمل من أجله عشرات السنين النواصب والعلمانيون وذلك من خلال هدم هذه العقائد أو تحريفها في داخل نفوس أبناء الطائفة سيما الأجيال الحالية والقادمة وتحويل هذه الأجيال بغطاء إسلامي مزيف يحكم جهلهم إلى أدوات فاعلة وقاتلة للعقائد التي تؤمن بها الطائفة.

وهنا طرح سؤال نفسه علينا نحن الخمسة كيف بدأ ذلك ووصلنا إلى النتائج بعد قراءة تاريخية موجزة.(1) ما قام به النظام المقبور من اتباع وسائل وطرق عديدة وأساليب قذرة كان هدفها القضاء على كل الشعائر الإسلامية التي يقيمها أبناء الطائفة في أفراحهم وأحزانهم والتي باءت كلها بالفشل إلا وسيلة واحدة نجح بها وهي إفراغ الأسواق من الكتب العقائدية وإيقاف بل قتل حركة الدعاة والوعاظ للمذهب إلا القليل منها مما جعل هناك فراغ فكري عقائدي حتى على صعيد الناس العوام البسطاء.

(2) ظاهرة المرجعية الناطقة والمرجعية الصامتة بعد تبؤا الشهيد الثاني (قدس سره) المرجعية الأخرى اتجاه المرجعيات وغيرها الناطقة مقابل المرجعيات الصامتة كان في حينها اعتقاد أغلب الناس من أن هناك برنامج متفق عليه بين المراجع حيث استدل معظم المثقفين على ذلك بما كان عليه الإمام الصادق (عليه السلام) من عمل على نشر فكر آل البيت (عليهم السلام) مقابل ذلك الإمام زيد بن علي حيث رفع سيفه لمواجهة الحكم العباسي وإعلان ثورته مما اشغل الحكم في حينه بمواجهة الثورة المسلحة في حين أخذ مسار البناء الفكري والعقائدي لمذهب أهل البيت طريقة بإعداد آلاف العلماء والفقهاء إلا أن الأمر أصبح معكوساً بالنسبة للطائفة حيث الانشقاق أخذ مساراً آخر في عهد الشهيد (قدس سره) عندما بدأ بحملة مضادة على المرجعيات الأخرى وتوجيه الاتهامات لها.

وكان ذلك مساراً لم يكن يتوقعه معظم أبناء الطائفة حيث لم نرى مرجعاً اتخذ موقفاً مضاداً اتجاه المراجع الآخرين منذ ان قامت الحوزة العلمية منذ ألف عام مضت وبدأت حملة التضليل والتثقيف على ذلك مما سمحت إلى أعداء الطائفة من النواصب والعلمانيين بوضع وإعداد دراسات ومناهج تحت غطاء الحوزة الناطقة وذلك لتغير المسار العقائدي لأبناء الطائفة وشقها واشعال نار الفتنة والاقتتال بينها وعمل الأعداء بصرف الملايين من الدولارات لإظهار مرجعيات عديدة تحت هذا الغطاء ظهرت على الساحة والتي كانت لها ارتباطات سرية مع النظام المقبور وأخذت تعمل وبشكل علني بعد سقوط النظام المقبور على شكل تيارات سياسية ودينية وما حركة جند السماء إلا دليل على ذلك.

أعود إلى حوارنا نحن الخمسة حيث خلصنا إلى نتيجة واحدة لا يمكن الاختلاف عليها إن ما قام به الشهيد الثاني (قدس سره) على الرغم من تصديه إلى النظام المقبور وتقديم نفسه ونجليه شهداء في سبيل انقاذ العراق من حكم الطاغية الملعون إلا أنه وبنفس الوقت وقع في خطأ ستراتيجي لا يمكن معالجته بسبب ما قام به من تمهيد للأعداء من زرع الألغام المؤقتة وسط الطائفة وتحت ستار المرجعيات المزيفة التي أخذت من النهج الخاطيء الذي لا ينتهي إلا بهداية الرحمن أو ظهور الحجة القائم (عجل الله فرجه) وللرحلة.....والمقال تابع.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو النور العراقي
2007-09-08
اخي حياك الله على صراحتك ، واتمنى من كل الكتاب والنقاد ان يتكلمو بهذا الاسلوب وان ينتهجوا درب الامام الحسين عليه السلام في عدم المداهنة والتمويه على حساب الله ورسوله واهل بيته. اخواني الكرام الكثيرين يبررون هذه الافعال للتيار الصدري بحجة انهم حمو العراقيين ضد تنظيم القاعدة وبحجج اخرى ، ولكن احب ان اذكر ان ابليس عبد الله الاف السنين مخلصا وبمجرد ان رفض امر الله تعالى بالجسود لادم طرده من الجنة (والحليم تكفيه الاشارة
ابو احمد الشمري
2007-09-07
المقال الذي كتبه السيد عطا الله المحترم فيه تشخيص جريىء ووضع النقاط على الحروف ،ارجوا من كل الساده الذين يعنيهم الامر الانتباه لما جرى في المكان المقدس ووضع خطط لانتشال هؤلاء المعنيين الجهال من هذا الوضع الخطير الذي بات يهدد الطائفة كل الطائفة تحسبا لهم ومن يستغل جهلهم والله الموفق .
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك