قضت محكمة إسرائيلية قبل أيام بسجن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، إيهود أولمرت، 8 أشهر لإدانته بالفساد وخيانة الأمانة. وثبت للمحكمة أن أولمرت تلقى 150 ألف دولار من رجل أعمال أمريكي. وتأتي هذه الإدانة بعد حكم بالسجن 6 أعوام صدر عليه العام الماضي. وأرغمت اتهامات الفساد أولمرت على تقديم استقالته وانهاء حياته السياسية بعد ان حكم اسرائيل لمدة 3 سنوات فقط !
يلاحظ ان تهم الفساد تتعلق بمبالغ جدا تافهة وفقا للمقاييس العراقية, فمبلغ 150 الف دولار يمكن ان يتقاضى أبسط فراش في مكاتب المسؤولين في الدولة العراقية, إلا ان هذا المبلغ يعتبر مؤشرا على خيانة الأمانة وفقا للمقاييس الأخلاقية في الدولة العبرية, التي ننادي بسقوطها وبسقوط قيمها كل يوم, فما هو نظامنا البديل لنظامها؟ وماهي منظومة قيمنا التي تحل محل منظومة قيمها؟
وهل يمتلك إسلاميوا العصر وخاصة حزب الدعوة الإسلامية منظومة قيمية بديلة للمنظومة الإسرائيلية والغربية؟ أم انهم يمثلون منظومة هي واحدة من أسوأ المنظومات القيمية التي عرفها التاريخ الإسلامي؟ وإذا عدنا الى قضية أولمرت فنلاحظ أولا أنه قدّم استقالته من رئاسة الوزراء بعد توجيه الإتهامات اليه عام 2009, وقبل صدور قرار من المحكمة.
وأما في عراق الدعاة الذين يحكمونه منذ العام 2005 عندما تولى الأمين العام السابق لحزب الدعوة الدكتور الجعفري رئاسة الوزراء فيه والى اليوم, فلم يوجه حزب الدعوة اي اتهامات لأعضائه بالفساد مع ان الفساد بلغ مستويات قياسية لا مثيل لها على صعيد العالم الإسلامي أو على صعيد عالم الكفر.
اذ يبدو ان القيم الإنسانية لاعلاقة لها بالدين, فهي التي تدفع رئيس وزراء كوريا الجنوبية البوذي الى الإستقالة بسبب حادث غرق عبارة, وتدعو الزعيمة السابقة للحزب الإشتراكي في السويد منى سالين المسيحية الى الإنسحاب من الإنتخابات بسبب فضيحة شرائها لبسكويت من اموال الدولة, وهي التي أجبرت رئيس الأرجنتين على الإستقالة بعد خسارته لحرب الفوكلاند, إلا ان القيم الإسلامية لم تدفع خائنا واحدا للأمانة ولا فاشلا وفاسدا في الدولة العراقية الى تقديم استقالته.
سقط ثلث العراق بيد تنظيم داعش الا ان رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة ووزير الداخلية والدفاع والمشرف على جهاز المخابرات السيد نوري المالكي لم يقدم استقالته, بل كان مصرّا على بقائه في منصبه لولاية ثالثة, رافضا محاسبة أيا من قادته الفاشلين والفاسدين, ورفض كذلك أن يحضر الى قبة البرلمان للمسائلة, وكل ذلك يعكس المنظومة القيمية في الحكم لحزب الدعوة الإسلامية الذي لا زال يرؤسه المالكي.
لم يعترف بتقصيره بل اتهم الجميع بالخيانة بدأ من اهل الموصل وانتهاءا بالبرزاني, الا انه لم يجب لحد اللحظة على سؤال محوري وهو أين الجيش العراق الذي انفق عليه قرابة 200 مليار دولار طوال سنوات حكمه؟ وإن كانت قطعات الجيش في المحافظات السنية خائنة فأين قطعات الجيش التي يغلب عليها الشيعة في عشر محافظات عراقية؟ لماذا يتولى الحشد الشعبي اليوم مقاتلة قوى الإرهاب ان كان هناك جيش عراقي؟ كان هناك جيش عراقي وهمي في عهد الفاشل نوري المالكي, جيش لاوجود له الا على قوائم الرواتب في كل المحافظات العراقية, حيث يتقاسم رواتبهم قادة الجيش ومكتب القائد العام كما صرح بذلك قادة عسكريون.
صفقات فاسدة من الأسلحة الجيكية والصربية والروسية بمليارات الدولارات, عقود لإنشاء محطات كهربائية وهمية, فساد بالمليارات في وزارة التجارة وخاصة في عهد الداعية فلاح السوداني, وفي وزارة الكهرباء في عهد كريم وحيد وفي وزارة الدفاع في عهد العبيدي وفي وزارة النفط وغيرها من الوزارات التي اشرف عليها ائتلاف المالكي, ولكن لم ترفع قضية فساد واحدة ضدهم.
ثراء فاحش لنجل المالكي المدلل حمودي الذي اصبح الأمر والناهي في المنطقة الخضراء وكذلك صهريه اللذان اصبحا عضوين بفضل اموال الدولة التي سرقاها حتى تفوقا على القيادي التاريخي في حزب الدعوة علي الأديب وفي مسقط رأسه كربلاء, علما بان لا ميزة لهما سوى مصاهرة المالكي , فرحم الله الخليفة الثالث عثمان ابن عفان الذي قرب صهره مروان وأخاه بالرضاع عبدالله بن أبي سرح, الا انه لم يعطهما أموالا وسلطات كتلك التي اعطاها المالكي لأبنه وصهريه.
ألف مليار دولار اهدرها المالكي طوال سنوات حكمه, وقصر رئاسي استولى عليه وقصور وهبها لأبنه وصهريه ولابن خالته وبقية اتباعه, الذين وزع الدولة العراقية بينهم, واليوم يتم تكريمه ليصبح نائبا لرئيس الجمهورية. إن كان حزب الدعوة صادقا في سيره على هدى الإسلام وسيرة اهل بيت النبي عليهم السلام فعليه ان يزيح المالكي من أمانة الحزب وان يقدمه للمحاكمة, واما إن لم يفعل فهو يقدم دليلا قاطعا على متاجرته بالدين وبانه حزب تاجر بدماء الشهداء العراقيين ودمّر العراق من اجل عيون العديد من قادته الفاسدين الذين أثبتوا انهم لا يملكون معشارا من القيم الإنسانية التي يتمتع بها قادة الدولة العبرية واحزابها.
https://telegram.me/buratha