( بقلم : علي حسين علي )
قد يطرح البعض ـ وقد طرح فعلاً ـ ما حدث في كربلاء في منتصف شعبان المعظم واثناء الزيارة الشعبانية المباركة، وكأنه تحركاً سياسياً او اجتماعياً قد اتسم بالعنف، او هو تصرف ارتدادي على استحقاقات شعبية لم تلبها الحكومة!! وهذا الاخير قد طرح مباشرة وعبر وسائل الاعلام وكان الغرض منه الدفاع عن العمل الاجرامي الشنيع من باب تهويل مسبباته، وذهب نفر قليل الى ان ما حدث في كربلاء مؤخراً ما هو إلاّ عمل عفوي قام به افراد غير منضبطين!.
مثل هذه الطروحات لا يمكن تبرأتها من التضليل، وهي في مجملها محاولة لحرف الانظار عن عمل لم يرتكب مثله إلاّ الطغاة المتسلطون الظالمون ابتداءً من يزيد الذي قتلت جيوشه الامام الحسين واتباعه الاطهار سنة(61هـ).. مروراً بالسلطان العباسي الذي هدم قبر سيد الشهداء والى الغزوة الوهابية في مطلع القرن العشرين التي استهدفت مراقد الأئمة الاطهار في النجف الاشرف وكربلاء المقدسة، وتلا ذلك صدام الكافر والظالم يوم أمر خادمه المجرم حسين كامل بتوجيه صواريخه ومدافعه لقصف مراقد الأئمة الاطهار في النجف وكربلاء.. وكان جماعة الزرقاوي قد قاموا بمثل هذا الفعل الاجرامي الشنيع عندما استهدفوا مرقد الامامين العسكريين بالتفجير والهدم قبل حوالي السنتين.
إذن، فإن كل من استهدف مراقد الأئمة الاطهار لم يكن ما قام به أمراً هيناً ويمكن وصفه بأنه عمل خسيس، اضف الى ذلك فإن تلك الاعمال السابقة كانت تدفعها الاحقاد وتسوقها الكراهية نحو احفاد الرسول الاعظم والأئمة المطهرين للمسلمين ورموز أهل البيت (عليهم السلام)، وكان القصد منها هو اطفاء هذا النور الهائل الذي به يهتدي المسلمون.. من هنا يمكن توصيف الفاجعة التي حلت بكربلاء المقدسة في منتصف شعبان بأنها انتهاك لحرمات ومقدسات وعقيدة المسلمين.
ان (غزية كربلاء) الاخيرة، قد تجاوزت كل المقدسات التي يؤمن بها اتباع أهل البيت وعموم المسلمين.وان توقيتها لا يقل سوءاً عن اختيار المرقدين المطهرين هدفاً للتدمير والتفجير.. فالتوقيت جاء في وقت يحتفل فيه اكثر من سبعة ملايين زائر بمولد الإمام المهدي(عجل الله تعالى فرجه الشريف)، وتلك شعيرة مقدسة ظل المؤمنون واتباع اهل البيت يحتفلون بها لأكثر من الف عام. ولا يمكن تفسير ما قامت به العصابات البعثية المقنعة من ترويع الزائرين فضلاً عن ضرب مراقد الأئمة الاطهار في كربلاء من دون ان يتبادر الى الذاكرة بأن هذا العمل الخوارجي هو امتداد لما قام به السلاطين الطغاة واتباعهم ضد الأئمة الاطهار في حياتهم وبعد استشهادهم، وهو نفس المخطط، وادواته نفس الادوات وان اختلف القائمون به والمنفذون له، ولكن الامر يزداد سوءاً والقلوب تعتصرها الآلام وتكاد تنفطر من هول الجريمة، حيث يقوم من يدعون الحرص على عقيدة أهل البيت بها.
إذن، لا يمكن تبرئة من قام بهذا العمل الشنيع، ولا يمكن ايجاد العذر له او الذريعة، وكل الأعذار والذرائع تتهافت امام حرمة وكرامة وقدسية المكان والزمان وأرواح عشرات المسلمين الذين قتلتهم عصابات البعث المقنعة في الزيارة الشعبانية، وفي يوم مولد الامام المهدي( أرواحنا لتراب مقدمه الفداء)، ولا يمكن ان يكون الامر عفوياً او تلقائياً، فالسلاح كان مكدساً في جوار الحرمين الشريفين، والشقاة كانوا وسط الزائرين، والهروات التي ادمت ظهور ورؤوس المؤمنين وهم يتوجهون الى مرقد الامام الحسين واخيه العباس(عليهما السلام)، كان المنافقون قد احضروها قبل تنفيذ الجريمة البشعة، واطلاق رصاص القناصة من السطوح كان يستهدف قبتي الامام الحسين واخيه العباس وزوارهما.
انها فاجعة، وهذا اقل ما يمكن وصفها به، وان كان أتباع يزيد وهارون وصدام قد سبقوا الى ارتكاب مثيلاتها، فإن الخارجين على الاسلام والقانون ايضاً قد اكملوا مسيرة السلاطين الظلمة والجائرين بعمل موجه الى الاسلام وعقيدة أتباع أهل البيت(عليهم السلام).
https://telegram.me/buratha