المقالات

الأوطان لا تهزم أمام أسراب الجراد

2287 2015-05-25

الإصرار، شيء جميل و صفة حسنة، إذا ما كان إصرار المرء على حق، أما التمسك برأي يخالف الصواب، فهو دناءة القلب وإنحطاط العقل ولؤم التفكير، يؤدي بصاحبه إلى التهلكة، وعندها سيفقد إصراره رويداً رويدا.

أصرت الحكومة العراقية السابقة، وتبعتها اللاحقة، على تجاهل القراءات الواقعية للمتغيرات، نبع هذا التجاهل من التكبر الذي رافق وجوه الحكم، إلا إن الزمن صفع كليهما على وجه تكبره، فالأول أصبح نائحة تجوب الشوارع مستجدية اللقطة التلفزيونية، والأخر غط بكابوس الإستقالة.
منذ ما يقرب الثلاث أعوام، والسيد عمار الحكيم يحذر من خطورة الوضع في سوريا، مع بداية سيطرة الجماعات التكفيرية، يطرح مخاوفه علناً ويبعث برسائل، لكل دول العالم ومنها العراق، تحمل قلقه من تنامي التكفيريين في الجارة سوريا.

مع إنه حذر حينها، إلا إنه تنبأ بنتائج الحرب بين النظام السوري والخارجين على القانون، مؤكداً إن الحل في سوريا لا يمكن له إلا أن ينحني للحوار، وهذا ما يحدث الآن ، فثلاث سنوات مرت، ولم يحسم أحدٌ منهما المعركة، فيما تخلل هذه الفترة، إنعقاد جنيف واحد وأثنين، محاولةً لإيجاد حل سياسي.
في العراق، ورغم إن الحكومة تعرف جيداً من هو الحكيم، وأنه لا يتكلم لمجرد الكلام، فمعروفٌ عنه درايته بالتحليل، والتنبؤ بالأحداث وفق معادلات محسوبة، إلا أن عقلها المريض، كان صاحب التأثير في القضية، فتجنبوا حديثه، ولم يكلف دولة الرئيس حينها، إرسال وفد عسكري يناقشه، والسبب معروف، فالحالة الأمنية وقتها كانت سلعة إنتخابية باهظة الثمن، ورئيس الحكومة أصغر من أن يجنبها حربه الإنتخابية.
أخيراً، وبعد وقت قصير نسبياً، تحققت مخاوف الحكيم على الأرض، والأنبار أصبحت ميداناً لصراع الفتوى والتجمهر غير المشروع، ليصنع تجاهل الحكومة البالية لتحذيرات القائد الشاب، أول مدخل للأموال القطرية-السعودية، ضخت الأموال نقداً وأزدهر عمل الحوالات المصرفية، ومعها أستوردت الأنبار فتاوى، لو كتبت على أوراق لغطت صحراءها!
الآن، هل صدق الرئيس العقيم ما قاله الذكي الحكيم؟
نعم، لكي لا نظلم الرجل، نؤكد أنه صدق تحليل العمامة الحسنية، لكن.. بعد خراب مالطا! فبدأ يرعد ويتوعد ويشمر بالجمل الكلامية وليدة اللحظة، فقاعة، أسحقهم، شرذمة من الناس، لكن.. ماالذي جنيناه من كل ذاك البرق الأعور؟!
ما جنيناه ياسادة، هو أن الفقاعة أنفجرت على أبنائنا فأردتهم شهداء، وشرذمة الناس سحقت أخضرنا قبل اليابس، ليس لشجاعة يمتلكونها، بل لغباء مفرط يتمتع به دولة الرئيس المتجاهل.
مع تصاعد الأحداث، عاد الحكيم بمبادرة الحل والخلاص (أنبارنا الصامدة)، لكن طفولة عقل القائد العام لم تكن بلغت شبابها بعد، فأهمل المبادرة، وتجاهل الحل مرةً أخرى، بحجج واهية أهونها.. تخوف دولته من تسليح العشائر، سيدي الرئيس أبشر.. فقد أخذت العشائر سلاح جيشك، برضاك وغصباً عنك.

اليوم، عاد الحكيم بتحليله، صدقوه هذه المرة أن شئتم، وأن أبيتم، فقولوا لنا حتى نحضر العدة لأستقبال نازحي بغداد.
لا يمكن لأسراب الجراد أن تهزم وطناً، إذا ما تمتع جيشه بالعقيدة، وتخلصنا من سياسيي الفنادق والمؤتمرات، وتمتعنا برد حازم على المتقولين على الحشد، ووحدنا الإعلام والتوجه، حينها فقط سننتصر، بتضحيات أقل ووقت أقصر.
 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك