( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين )
تطالعنا التحليلات وبعض القراءات الساذجة لأحداث كربلاء على انها محاولة لأفساد طقس ديني اسلامي يجمع بين قدسية المكان وعظمة المناسبة، ولا ندري كيف تنجر بعض وسائلنا الاعلامية لهكذا افخاخ يراد منها تسطيح واستسهال ما حصل ليلة الخامس عشر من شعبان وكأن ما حصل فعلاً هو حماقة ارتكبتها بعض المجاميع الخارجة عن القانون او أي شيء من هذا القبيل. ان الذي حصل في تلك الليلة انما هو المشروع الأخطر والاكثر استعداداً وتنظيماً وتمويلاً وتحدياً للدولة واجهزتها وللتجربة وادواتها وللارادة العراقية وقراراتها.الذي حصل في كربلاء كان يمثل نقطة التقاء القرار السياسي الاقليمي بأجندات المخابرات التي اجتمعت في القاهرة قبل بضعة اشهر، بيسناريوهات القوى المحلية المناوئة للعملية السياسية العراقية والتي ما فتأت من تأكيد تصريحاتها الوقحة والصريحة الداعية الى اسقاط المنجزات التاريخية التي حققها الشعب العراقي خلال السنوات الخمس الماضية.
الذي حصل في كربلاء لا يمكن في كل الاحوال حصره في دائرة التخريب وحرق بعض المحال والاكشاك والكرفانات بحجة رفض بعض المجاميع الانصياع لإجراءات التفتيش، بل ان الخارطة السياسية والتعبوية التي اظهرتها تلك الزمر افصحت بشكل لا يقبل الشك او التأويل من انها كانت تمثل طلائع البعث -الذي ظنه البعض انه انكفأ الى غير رجعة- ترافقه كتائب التكفير والوهابية التي اوصلتها زمر الضد النوعي الى عقر بيوتنا وبوابات مراقد أئمتنا وصروحنا في واحدة من انعطافات التاريخ التي لا مثيل لها. الهدف الذي سعت اليه تلك الزمر ليس فقط اشعال فتيل الفتنة واراقة الدم الشيعي بسيف شيعي انما الهدف الاساسي من كل ذلك هو خوض منازلة عقائدية فكرية اجتماعية سياسية لتحقيق ما عجزت عن تحقيقه في كربلاء الاولى وعاشوراء الحسين.
الذي حصل ليلة النصف من شعبان، طف جديد تمثله في جانبه الاول المدرسة الاموية السفيانية فيما كان في الجانب الاخر نفس اولئك الذين مثلوا معسكر الامام الحسين كحبيب بن مظاهر ومسلم من عوسجة وزهير بن القين وعابس بن شبيب الشاكري.
من هنا تتبين حقيقة الذي حصل في كربلاء ليلة ولادة الامل الموعود ومن هنا نرى البعد الشاسع بين المعالجة السياسية والأمنية لهذا الفعل والفعل ذاته. حتى وان استطاعت اجهزتنا الامنية ان تفرض الهدوء في كربلاء في ظل منع للتجوال او القائها القبض على بضع عشرات من ادوات المشروع السفياني.. فماذا عن المشروع نفسه؟ وماذا عن الآلاف من جيوشه وزمره الذين تبخروا او انسلوا كالثعابين الى جحورهم دون خوف من سلطة ودون وجل من فعل او خطيئة او استهتار وحسبما اظهرته التقارير المصورة التي كشفت الاقنعة التي كانت تتخبأ وراءها تلك الوجوه. ماذا لو عاد الينا شبح المشروع السفياني غداً في النجف او بغداد او الديوانية او البصرة او أي مكان في بلادنا؟! وهل سنعالجه ايضا بقرارات منع التجوال؟!.
حكومتنا اليوم امام امتحان عسير خصوصاً بعد ان باتت الحقائق تتكشف والتقارير تتحدث والوثائق اظهرت بالصوت والصورة تلك الوجوه المارقة وهي تتطاول على بوابات سيد شباب اهل الجنة بنفس الحجارة التي اصابته بالجبين وبنفس السنابك التي داست ظهره وصدره الشريف. لا عذر للحكومة إلا بملاحقة اولئك المارقين ، وهذا سهل فيما اذا كان يسري في عروقنا دم كدم المختار الثقفي او قطرة من دماء اولئك الذين اعاروا الله جماجمهم على طول التاريخ.
https://telegram.me/buratha