تعود الجذور التاريخية لإستخدام لفظة الإنبطاح في غير المعنى الأصلي الذي وضعت له في مرحلة مابعد سقوط نظام صدام حسين, الى بدايات بروز ما يسمى بالمقاومة, التي اعتادت فصائلها على وصف الحكومات العراقية التي تشكلت بعد 9 نيسان 2003 , على انها إنبطاحية تخضع لإرادة المحتل الأمريكي, بحسب تعابير الجماعات الإرهابية وممثلين عن هيئة علماء المسلمين في العراق التي كان يرأسها حارث الضاري.
إلا ان تلك اللفظة أعيد استخدامها مرّة أخرى وبعد تولي الدكتور حيدر العبادي لمقاليد الحكم خلفا لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي. إذ استخدمها سياسيون واعلاميون وكتّاب, واصفين حكومة العبادي بانها انبطاحية على خلفية توقيعها لإتفاق مع حكومة اقليم كردستان حول العوائد النفطية, وعلى خلفية تعيين خالد العبيدي وزيرا للدفاع.
هذا الوصف لم ينطلق من اطراف معادية للعملية السياسية, بل من مشاركين فيها وبالتحديد من داخل التحالف الوطني. وتعتبر النائبة حنان الفتلاوي العضو في ائتلاف دولة القانون احد أبرز السياسيين الذي اعتاد على استخدامها, وهي معروفة بموقفها السلبي من تولي العبادي لمنصب رئاسة الوزراء خلفا للمالكي. وبغض النظر عن المبررات التي تُساق لإستخدام هذا اللفظي, فإن من يستخدم هذا اللفظ لوصف الحكومة فإنما يصف نفسه بالإنبطاحي! لأن معظم القوى الوطنية وبضمنها التحالف الوطني الذي يضم ائتلاف دولة القانون تشارك في الحكومة فإن كانت الحكومة الحالية إنبطاحية, فجميع المشاركين فيها انبطاحيون.
وإن كان المستهدف باللفظ الدكتور حيدر العبادي, فغيره اولى بهذا الوصف. فإن كان الإنبطاح يعني الإستسلام لإرادة الغير وشروطه, فإن الوصف ينطبق على رئيس الوزراء السابق نوري المالكي, الذي وقّع على اتفاقية اربيل التي قدّم فيها تنازلات للقوى الكردية والسنية من اجل احتفاظه بمنصب رئيس الوزراءعام 2010, الا ان احدا لم يصفه بالإنبطاحي.
وإن كان الإنبطاح يعني الإستسلام في ساحة القتال أمام الأعداء فإن رئيس الوزراء السابق نوري المالكي هو اكبر إنبطاحي, عندما هُزمت قواته العسكرية الفضائية امام حفنة من الأوباش القادمين من وراء الحدود, الذين كادوا يصلون الى مكتب القائد العام للقوات المسلحة لولا المرجع السيستاني حفظه الله الذي ردّهم على أعقابهم عبر فتواه الشهيرة.
إن من تحققت على يديه الإنتصارات في تكريت وجرف الصخر وديالى, هو آخر من يوصف بلفظ الإنبطاحي, فشتان بين من إنبطح أمام داعش وبين من بطحها!
https://telegram.me/buratha