( بقلم : سلام السرَّاي )
أحداث دامية وأجساد ممزقة وانتهاكات عديدة وتصرفات مشبوهة وحرائق من هنا وهناك.. ذلك هو المشهد الذي طغى عليه ليل الاثنين وصباح الثلاثاء قبل زيارة النصف من شعبان في اقدس بقعة في عراق الانبياء الا وهي كربلاء المقدسة وما بين حرمي الامام الحسين واخيه العباس(عليهما السلام).. فأبت تلك العصابات المسلحة المجرمة الخارجة عن القانون الا ان تعكر صفو الاجواء الامنية الهادئة التي رافقت الزيارة؛ في عمليات جبانة يندى لها جبين كل انسان شريف من اجل اشعال الفتنة الطائفية في مكان معظم لدى المسلمين، لتنطلق اوار تلك الفتنة في العراق كافة.
الجريمة التي وقعت في كربلاء كانت معدة سلفا بشكل دقيق ومستهدفة العتبتين المقدستين والاستيلاء عليهما، فكانت وراءها جهات تتمتع باختلال فكري وعقائدي واجرامي يذكرنا بحادثتين.. الاولى تلك التي قامت بها الجماعات التكفيرية في مكة المكرمة من القرن الماضي والتي راح ضحيتها آنذك المئات من الحجاج من جنسيات متعددة في حادثة مروعة، والثانية تلك التي قام بها النظام البائد وحدثت ابان انتفاضة شعبان عام 1991 والتي قصفت فيها العتبات المقدسة في النجف الاشرف وكربلاء المقدسة حتى وصلت الدماء الى داخل تلك المراقد الشريفة فضلا عن حبال المشانق التي علقت داخل الاضرحة المطهرة واعمدة الكهرباء التي انتشرت في النجف وكربلاء، مما يؤكد ان الاستهداف لم يكن غريبا من نوعه ولا مستغربا.. فتلك الاحداث تأتي وسط اصدار العديد من الفتاوى التكفيرية التي تحث على هدم قبور ائمة اهل البيت (عليهم السلام) فليس غريبا ان تكون تلك العصابات التكفرية قد تسللت الى العراق واستخدمت بعض العناصر الساذجة لتجندهم في تنظيمات سرية وارهابية بمعاونة الصداميين من اجل اشعال الفتنة الطائفية بين ابناء الدين الواحد، لا بل ابناء المذهب الواحد.
اضافة الى ذلك فان التقارير تشير الى معلومات استخباراتية مسبقة كانت تملكها الاجهزة الامنية المسؤولة في كربلاء، الامر الذي حدا بدولة رئيس الوزراء نوري المالكي ان يتعامل مع الموقف بشكل حازم يبين مدى الحرص على توفير الامن والحماية للمواطنين،فأمر بطرد قائد عمليات كربلاء وبعض المسؤولين الامنيين وتحميلهم المسؤولية الكاملة في تخاذلهم بالتصدي لتلك العناصر الاجرامية التي استغلت الحشود المليونية التي اصطفت ما بين الحرمين الشريفين رغم الاجراءات المكثفة من قبل الاجهزة الامنية التي رافقت الزائرين ابتداءً بمخارج محافظاتهم وانتهاء بكربلاء المقدسة.
زيارة السيد المالكي جاءت لتوضح ان الجرائم كانت يمكن ان تتطور وتستمر لولا هذا التدخل السريع من سيادته وتشكيله لغرفة عمليات اخذت على عاتقها تطويق الازمة بشكل فعال ومراقبة الأحداث عن كثب، فتم اعتقال الى الان 150 شخصا من المشتبه بهم، وما زال التحقيق جار لكشف الملابسات التي حصلت هناك.. فوجود الاستاذ نوري المالكي في كربلاء المقدسة اعطى انطباعا ملحوظا بأن كل المؤامرات التي تحاك لإسقاط حكومة المالكي ما هي الا صفقات سياسية لن ترى النور ابدا وتبقى دائما مقبورة في مهدها ما دامت تلك الحكومة جاءت عن طريق الشعب الذي منحها صوته النبيل.
https://telegram.me/buratha