كنت أحضر دورة في جامعة روتردام عن علاقة هولندا بالإسلام وكان المحاضر هو المستشرق الدكتور فان كونينجسفيلد أستاذا للدراسات الاسلامية وعلوم الاديان في جامعة لايدن وهو من المهتمين بأوضاع المسلمين في أوروبا وله دراسات بالعربية والانجليزية والهولندية عن فقه الاقليات المسلمة ومن كتبه (أسطورة الخطر الاسلامي) و(تاريخ الاسرى المسلمين في أوروبا في العصور الوسطى) . فاجئني وهو يتحدث عن نشوء حركة سماها ( بالحركة المهدية) فأثار هذا العنوان في داخلي تساولات عديدة وحين إنتهاء المحاضرة سئلت الدكتور عن هذه الحركة ولماذا أطلق عليها هذه التسمية فأجابني بقوله لمل رأيت من أوجه تشابه بينها وبين عقيدة الامام المهدي عن المسلمين الشيعة وأستطرد قائلا ً هناك في مدينة مونستر الألمانية العريقة قام خياط من مدينة لايدن(هولندا) في سنة 1520م بتأسيس مملكة خاصة بأتباعه مهمة هولاء هو إنتظار نهاية العالم وخروج المنقذ للبشرية من براثن الجور والفساد وتوسع إنتشار هذه الحركة وشهدت أمستردام العاصمة تمردا ًكبيراً, وكان أغلب أنصار هذا الرجل هم من أتباع حركة تجديد التعميد البرتستانتية والتي من بين ما تدعو هو تجديد التعميد للإنسان البالغ وأن تعميد الاطفال التي تمارسة الكنيسة الكاثولكية لا يحظى بشرعية وقد تم القضاء على هذه الحركة .
فقلت للأستاذ كوننكس فيلد وأنا أحاوره: ولكن البعض يوعزوا و يربطوا فكرة الإمام المهدي بالفكر الوضعي في بعده النفسي وهو الشعور بوضعية غير عادلة من حكم قائم بالفعل وخزين متراكم من حكام سابقين عاشوا مع شعوبهم على شكل قاهر ومقهور ، ومتسلط ومسحوق ، ورزحوا تحت نيز الظلم والطغيان ولذا كانت هذه العقيدة عند الشعوب الشرقية, كما يذكر ذلك الدكتور الوائلي في كتابه (هوية التشيع) فرد علي قائلا ليس هذا تماماً ولكن الفكر الديني الاوربي يحمل هذه الفكرة كذلك وقد ذكرها مفكرون كثيرون أمثال برتراند رسل حيث قال: ليس السبب في تصديق كثير من المعتقدات الدينية الاستناد إلى دليل قائم على صحة واقع كما هو الحال في العلم ، ولكنه الشعور بالراحة المستمد من التصديق فإذا كان الإيمان بقضية معينة يحقق رغباتي فأنا أتمنى أن تكون هذه القضية صحيحة وبالتالي فأعتقد بصحتها .
ثم أردف مستشهدا ً بالانجيل في الاصحاح الخامس والعشرون ولقد وردت في الإنجيل حكاية طريفة عن ضرورة الاستعداد للمجيء ..( أي التمهيد لظهور المخلص وهو الامام المهدي عج) ولقد وردت هذه الحكاية في إنجيل متّى ونصها: (حينئذ يشبه ملكوت السموات عشر عذارى أخذن مصابيحهن وخرجن للقاء العريس ، خمس منهن جاهلات وخمس حكيمات . فأخذت الجاهلات مصابيحهن ، ولم يأخذن معهن زيتا ، وأما الحكيمات فأخذن زيتا في آنيتهن مع مصابيحهن ، وإذ أبطأ العريس نعسن كلهن ونمن ، فلما انتصف الليل ، فإذا صراخ هو ذا العريس قد أقبل ، أخرجن للقائه ، حينئذ قامت أولئك العذارى جميعا وهيّأن مصابيحهن ، فقالت الجاهلات للحكيمات ، أعطيننا من زيتكن فإن مصابيحنا تنطفئ ، فأجابت الحكيمات وقلن: لعله لا يكفي لنا ولكنّ ، فالأحرى أن تذهبن إلى الباعة وتبتعن لكنّ ، فلما ذهبن ليبتعن وفد العريس ودخل مع المستعدات إلى العرس ، وأغلق الباب ، وأخيرا أتت بقية العذارى قائلات: يا رب افتح لنا فأجاب وقال: الحق أقول لكنّ أني لا أعرفكنّ ، فاسهروا إذن فإنكم لا تعرفون اليوم ولا الساعة التي يأتي فيها ابن الإنسان ..) ثم قال لي لستم ايها الشيعة تحلمون في المخلص ولكن كل الشعوب التواقة للحرية والعدل هي تنتظر ظهور الامام المهدي وهي حتمية سماوية . اللهم كحل نواظرنا بظهور الحجة .
https://telegram.me/buratha