ورد اسم مدينة تكريت في العديد من الكتب التاريخية, وذكرها معظم الجغرافيين والرحالة الإسلاميين والعرب, وفي طليعتهم ابن بطوطة وابن جرذابة والإدريسي والمقدسي والهمداني وياقوت الحموي. وكان الأخير أكثر من كتب عنها في كتابه معجم البلدان.
اذ وصفها بانها تقع غربي دجلة واشتهرت بقلعتها التي تقع في أعلاها. وكان اول من بنى القلعة هو سابور بن أردشير بن بابك لما نزل في منطقة الهد وهي منطقة تقع مقابل تكريت.
واما سرّ تسميتها فيعود الى اسم بنت تدعى تِكريت بحسب الحموي. وتعود قصة التسمية الى ان احد قادة الفرس في القلعة التي كان يتحصن بها في مواجهة الروم, نزل احد الأيام يتصيد في الصحارى, فراى حيا من أحياء تلك البادية, لم يجد فيه غير نساء! فأعجب بأحداهن وعشقها عشقامبرحا,فدنا منهن وطلب الزواج منها. وبحسب رواية الحموي أن النساء رفضن طلبه لأنه مجوسي وهن نصرانيات, وان الفتاة ابنة سيد الحي.
لكن القائد الفارسي اعلن استعداده التخلي عن دينه, وبعد قدوم الرجال تمت الموافقة على طلبه في الزواج, ونقل الفتاة الى القلعة. وإكراما منه نقل عشيرة الفتاة وأسكنهم بالقرب من القلعة. ولما طال مقامهم قرب القلعة< بنوا مساكن لهم وأبنية واطلقوا على المنطقة اسم تكريت بحسب الحموي.
بقيت تكريت خاضعة لحكم الفرس وحتى افتتحها المسلمون عنوة على يد سعد ابن ابي وقاص في العام 16 للهجرة. فيما أوردي البلاذري في فتوح البلدان ان مسعود بن حريث فتح قلعتها صلحا في العام 20 للهجرة, وكانت تحكمها امراة من فارس تدعى داري.
عاد الفرس لإحتلالها عام 1508 عندما سيطر الصفويون عليها وخضعت لحكمهم وحتى خسارتهم لمعركة جالديران مع العثمانيين, التي انتصر فيها جيش السلطان سليم الأول , وخضعت لحكم العثمانيين وحتى الحرب العالمية الأولى.
لم يبرز منها سياسي في العهد الملكي سوى مولود مخلص, الا ان عددا من القادة العسكريين برزوا منها بعد ثورة الرابع عشر من تموز 1958, ومن أشهرهم الرئيس العراقي الأسبق احمد حسن البكر, ورئيس الوزراء الأسبق طاهر يحيى, ورشيد مصلح وحدان التكريتي وأخيرا صدام حسين.
تعاظم دور تكريت السياسي خلال سنوات حكم حزب البعث ومنذ انقلاب 1968 وبعد تولي البكر لمنصب رئيس الجمهورية. ولم تكن المدينة مشهورة بتعلم أبنائها أو ثقافتهم, ولم يكن لها نشاط سياسي يذكر أويوازي النشاط السياسي والثقافي لمدينة الموصل في العصر الحديث, بل وحتى مدينة سامراء المجاورة.
وقد اعترفت رغد ابنة المقبور صدام في احد اللقاءات التلفزيونية بذلك الواقع قائلة لقد كان أهل تكريت يحلم الواحد منهم أن يصبح فراشا او معلما, لكن أبي مكنهم من حكم العراق. كان لقب التكريت أيام حكم البعث, يثير الرعب ويعطي الحصانة لصاحبه ومهما ارتكب من جرائم, الا اذا خان زعيمها صدام, وحينها فجزاؤه الموت ولو كان ابن عمه او صهره, كما هوعليه مصير حسين كامل.
اشتهر من أبناءها علي كيمياوي, المعروف ببطشه وبرزان التكريتي وسبعاوي ووطبان اخوة صدام. ذاق العراقيون على أيدي هؤلاء الويلات طوال حكم البعث, وارتكبوا من المجازر بحق العراقيين ما تقشعر له الأبدان. الا ان الغالبية من ابناء العراق, لم يحاولوا الإنتقام من المدينة بعد سقوط صدام, وهي التي تخرج منها أعتى المجرمين والسفاحين في تاريخ البشرية.
أقام اهلها بعد اعدام صدام مزارا له, وتحولت المدينة الى حاضنة لقوى الإرهاب وخاصة تنظيم القاعدة. وبعد انحسار التنظيم انخرطت على استحياء في العملية السياسية ومن خلال بعض العشائر التي كانت على خلاف مع عشيرة صدام البيجات, وفي طليعتها قبيلة الجبور.
الا ان المدينة وجدت في احتلال تنظيم داعش الإرهابي لمدينة الموصل, فرصة تاريخية لإحتضان التنظيم, ممنين النفس بالعودة حكم العراق, واسقاط العملية السياسية. وكانت اول جرائمهم هي مجزرة القاعدة الجوية التي ذهب ضحيتها اكثر من 1700 من طلاب الكلية الجوية, وقد اظهرت الأدلة ان معظم من ارتكب تلك المجزرة هم من أبناء المدينة.
وهكذا وبالرغم من مرور قرابة 12 عاما على سقوط نظام صدام وانحسار حكم تكريت, وبالرغم الجرائم البشعة التي وقعت خلال فترة حكم أبناؤها في زمن المقبور صدام, فلازالت المدينة تشكل خطرا يهدد الشعب العراقي, ولازالت مركزا يخرّج أعتى المجرمين الذي يقل نظيرهم في التاريخ.
ولذا فإن عمليات رسول الله الجارية في تكريت اليوم , لن تتوقف حتى تقطع دابر الظالمين, ويزول خطر هذه المدينة على العراق والى الأبد.
https://telegram.me/buratha