( بقلم : علاء الزيدي )
أستمع ، بشكل يومي تقريبا ً ، إلى العديد من الإذاعات ، العراقية والعربية والإيرانية والعالمية ، سواء ً على الإنترنت ، عبر راديو الواي فاي الخاص ، أو عبر الستلايت . ومن الإذاعات التي أحرص على الاستماع إليها ، إذاعة القاهرة ، لوجود العديد من البرامج الثقافية الجيدة فيها ، ولخلوّها ، إلى حد ٍّ ما ، من الكم ّ الهائل الذي تتميز به إذاعات أخرى ، من الثغاء والرغاء والنهيق ، الذي يدّعون أنه أغان ٍ . لكن الذي يغيظ المستمع ويثير اشمئزازه ، في هذه الإذاعة ، سيطرة الطائفيين على إدارة وتحرير قسم الأخبار . أو هذا ، على الأقل ، مالمسته من خلال مواكبة طويلة ومستمرة لنشرات الأخبار التي تقدمها هذه الإذاعة العريقة . إلى درجة أنني أستطيع القول ، أن محرري الأخبار في إذاعة القاهرة يصوغون الأخبار ويكتبون التعليقات ، بالضبط وبتعديلات وتحويرات طفيفة ، وفق أسلوب الكاتب الصحفي الطائفي عبد الله كمال ، المخبر ورئيس التحرير ، لمجلة " روزاليوسف " . الذي بات أشهر من نار ٍ على علم ، في ديوان المناوئين للشيعة ، بدون سبب ظاهر ومقنع ، إلا ما تفرضه عليه وظيفته المخابراتية .
في نشرة أخبار الظهيرة ( الساعة الحادية عشرة والنصف بتوقيت غرينتش ) لهذا اليوم في الإذاعة المصرية ، كان ثمة خبران ، صيغا بأكبر قدر من الخبث وسوء الطويـّة .الخبر الأول : كانت قصته تتعلق بالقصف الجوي الأميركي الأخير لحي ّ الشعلة البغدادي . فقد جاء في الخبر القاهري ّ أن " القوات الأميركية قصفت المليشيات الشيعية في حي ّ الشعلة ببغداد ، وقتلت عددا ً من مقاتلي جيش المهدي التابع لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر " دون إشارة إلى مانقلته الوكالات من أن سكان المنطقة وأطباء المستشفيات قالوا أن هناك العديد من المدنيين من نساء وأطفال ممن راحوا ضحية هذا القصف .إذاعة القاهرة هذه نفسها ، كانت عندما تتحدث عن هجوم القوات المشتركة على مناطق تجمع الإرهابيين في محافظة ديالى ، تركـّز على أن الهجمات أسفرت عن " استشهاد " كذا عراقيا ً " رغم أن إرهابيي ديالى هم عرب وافدون في الغالب ، وليسوا مدنيين ولا هم يحزنون .والخبر الثاني : كان يتعلق بوفاة الرئيس العراقي الأسبق عبد الرحمن عارف العاني في عمـّان ، عن عمر ناهز التسعين عاما ً . فقد نقلت مذيعة أخبار إذاعة القاهرة النبأ بحسرة ، تكاد تأخذ شكل النحيب ، أسفا ً على " شباب " المرحوم العاني ، الذي قـُطفت زهرته قبل الأوان . ثم ، أتبعت الخبر بالآية الكريمة : إنـّا لله وإنـّا إليه راجعون ، التي لاتتناسب مع الحياد المفترض لخبر يتصل بوفاة رئيس أجنبي أسبق ليس غير .من حق ّ الإعلام الرسمي المصري أن يبكي ، بدموع من دم ، الرئيس المرحوم عبد الرحمن عارف العاني . فالأخوان عارف – وخاصة ً الطائفي المقبور عبد السلام – كانا أول من فتح أبواب العراق على مصراعيها للنفوذ المصري ، على مختلف الصـُعـُد ، الاقتصادية والسياسية والمخابراتية والإعلامية والديموغرافية وغيرها . ولكن ينبغي لهذا الإعلام أيضا ً ، أن يلتزم بموضوعية المحايد ، إزاء الأخبار التي تتناول أغلبية شعب ، احتضنت ملايين المصريين دون تأفـّف ، في عقد الثمانينات ، رغم علم نخبتها الأكيد أنهم مستوردون لتخريب التوازن السكاني ، مذهبيا ً ، على المديات البعيدة والقريبة أيضا .وإذا جاز لهذا الإعلام ، أن يتعامل بهذه الانتقائية المغرضة مع الشأن العراقي ، جاز لإعلاميينا كذلك ، ومنهم كاتب هذه السطور ، أن ينقـّبوا في أوراقهم القديمة والحالية ، عن مئات الأمثلة التي تصلح للانتقاء ، طائفيا ً ودينيا ً وقوميا ً ، لزرع عوامل التفجير في الداخل المصري .بيوت من زجاج .. وحجارة تـُرمى .. وعجبي !
https://telegram.me/buratha