المقالات

لا فض فوك يا ( أبا إسراء )


( بقلم : د.محمد الصالحي )

 الزيارتان الأخيرتان لرئيس الوزراء نوري المالكي إلى إيران و سوريا أثارتا لغطا و جدلا في الأوساط الأمريكية التي رأت في هذه التحركات خروجا عن الإرادة الأمريكية و عن سياساتها في العراق ا. التصريحات الأمريكية جاءت من الطرفين الجمهوري و الديمقراطي حيث دعا بعض أعضاء الكونغرس إلى إبدال المالكي برجل آخر ترضى عنه واشنطن . الرئيس الأمريكي هو الآخر قد أدلى بدلوه حين انتقد الحكومة الأمريكية بالأمس و حين أشار حينها إلى أن زيارة إيران و العلاقات مع نظامها ( لن يمر دون ثمن).

زيارات المالكي كانت رسالة من رئيس وزراء العراق (المنتخب) لواشنطن و التي جاءت بعد تطورات ميدانية و إقليمية مهمة فعلى الصعيد الميداني:1- فإن الأخبار الواردة من بغداد تشير إلى تأزم في العلاقة بين المالكي و قائد القوات الأمريكية (بتريوس) حيث قام الجيش الأمريكي بعمليات ضد أهداف في تجمعات سكنية في بغداد دون استشارة الحكومة العراقية و قد أدت هذه العمليات التي اشترك فيها سلاح الطيران الأمريكي إلى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا من المدنيين خصوصا في مدينة الصدر ذات الغالبية الشيعية. هذا (الإسراف في العنف) دون الأخذ بعين الإعتبار الطبيعة السكانية للمنطقة قد أثار الكثيرين في بغداد ، و أزم الأوضاع بشكل كبير سياسيا .2- في نفس الوقت تقوم القوات الأمريكية بتسليح عشائر سنية دون الرجوع إلى الحكومة العراقية – بحجة محاربة القاعدة – و هو الأمر الذي أثار غضب المالكي و الإئتلاف الشيعي حيث لم يتم تزويد الحكومة العراقية باسماء أو عناوين هؤلاء (المتطوعين) السنة ، الأمر الذي اثار الكثير من التساؤلات عن طبيعة هذه المجاميع و الدور المنوط بها خصوصا و أن الكثير من أفراد هذه الجماعات ينتمون لجماعات مسلحة قريبة من (القاعدة) عقائديا و لوجستيا 3- المباحثات الأمريكية مع أطراف بعثية لا زالت مستمرة وسط حديث عن ضغوط أمريكية على التحالف الشيعي – الكردي لإرجاع البعثيين للحكم في نطاق ما يسمى بالمصالحة الوطنية.

على الصعيد الإقليمي:1- فإن التصعيد الإعلامي من دول الحلف (السعودي – الأردني – المصري) و انضمام دول خليجية أخرى ضد المالكي جاء مصحوبا بضغوط سياسية ، مارستها هذه الدول على المالكي بهدف اسقاطه حيث قامت دول هذا المحور - كما يقول مقربون من رئيس الوراء العراقي - بالإيعاز لجبهة التوافق (السنية ) بالإنسحاب من حكومة (الوحدة الوطنية) . يأتي هذا قبيل موعد التقرير الذي سيقدمه (بتريوس) إلى الإدارة الأمريكية حول التقدم في العراق بعد تنفيذ الخطة الأمنية .2- و في سياق آخر لا بد هنا من الإشارة إلى اللقاءات الأمريكية – الإيرانية المستمرة في بغداد و التي يصرح الطرفان على أنها تدور حول أمور أمنية محضة و لكن الطرف العراقي يبدو لكثير من المراقبين مهمشا و لا دور سوى البروتوكولي فيها.

رسائل المالكي:

1- أن رئيس الوزراء إنما جاء لهذا المنصب عبر صناديق الإقتراع و دون منة من أحد و أن الشعب الذي اختاره لهذا المنصب هو القادر على إزاحته و هو الأمر الذي انعكس على تصريحات الرئيس الأمريكي اليوم حين قال (إنه سيواصل دعمه له) مؤكدا في الوقت نفسه أن بقاء المالكي أو مغادرته منصبه أمر لا يعود إلى السياسيين في الولايات المتحدة2- أشار رئيس الوزراء العراقي ضمنيا إلى أن المواقف الأمريكية الغير نزيهة تجاه غالبية الشعب العراقي قد تدفع بهم أي(العراقيين) باتجاه البحث عن أصدقاء جدد و هو تلويح بورقة (إيران) و (سورية) .3- رسالة المالكي للجوار العربي و لمحور (سعودية – مصر- أردن) كانت واضحة و صريحة و هي أن سياسات هذه الدول ستدفع بشيعة العراق إلى الحضن الإيراني فيما إذا استمر هذا العداء الغير مبرر.

لقد كان المالكي موفقا جدا في اختيار الزمان و المكان لتصريحاته و التي نعتقد بأنها ستعود عليه بالفائدة على أكثر من مستوى 1- كان ظهور المالكي قويا و صلبا و صريحا في خطابه مع الطرف الأمريكي و هو الأمر الذي لاقى ارتياحا كبيرا في أوساط الغالبية الشيعية في العراق حيث لم تخفي هذه الأوساط امتعاضا من اللين الغير مبرر في الخطاب السياسي للكثير من ساستهم (الشيعة) و لا شك بأن هذا الإرتياح يمتد للكثيرين من أبناء الشعب العراقي من الطوائف و القوميات الأخرى حيث يحظى المالكي بشعبية لا يستهان بها .2- التراجع الأمريكي و الذي عبر عنه بوش اليوم يشكل دعما في الوقت المناسب للمالكي و ذلك في خضم المباحثات الجارية في بغداد بين الكتل السياسية العراقية للخروج من الجمود السياسي بعد خروج كتلة التوافق مؤخرا من الحكومة.3- على صعيد العلاقات مع الولايات المتحدة فإن المالكي قد أثبت أنه رجل قوي و جدير بالإحترام و الثقة و لعل تصريحات بوش اليوم تشكل نوعا من التراجع عما سمي بالجدول الزمني لبعض الإملاءات السياسية الأمريكية لبغداد و هو الأمر الذي سيشكل إحباطا كبيرا لأعداء المالكي.

في هذه الجولة خرج المالكي منتصرا و كان رجلا بحق كما عهدناه و قدم نموذجا يحتذى به في الوطنية بعيدا عن الشعارات و الكلام المنمق و قدم درسا للمتخاذلين و الجبناء و اللاهثين وراء الكراسي ف(لا فض فوك أبا إسراء) .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
مؤمنه من العراق المظلوم
2007-08-26
قال رسول الله ص ياتي زمان الصادق كاذب والمجرم بريء والحرامي امين طبعا الجعفري والمالكي وعمار وال الحكيم والجلبي وامثالهم الشرفاء المظحين والمخلصين لشعبهم وهم اهل الغيره يناطحونهم امثال الخونه الحراميه قطاع الطرق واللصوص مثل صدام الكافر الفاجر واولاده الفجره واعوانه ومن يدافع عنه الحراميه امثال شعلان وعلاوي والهاشمي والدليمي هالشكولات صاروا ابراس العراقيين شرفاءههههههههههههههههاللهم اجعل كلمتهم تحت احذيه المالكي وربعه الشرفاءامين بحق نبيك محمد واله امين يارب
عماد عبالعزيز
2007-08-24
نعم هكذا عرفناك بطل من يومك يااستاذنا الفاظل الاخ الاستاذ نوري المالكي
عراقية
2007-08-23
يحتقرون الذي يجاملهم لأن يعتبروه ضعف وليس ادبا وهذه صفة ألأنكلو ساكسون أي ألأنكليز والأمريكان .
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك