دخلت الثورة البحرانية اليوم عامها الخامس على التوالي. ففي صبيحة يوم 14 شباط/فبراير من العام 2011 , خرجت جموع من الشباب يقودهم مفجر الثورة الإستاذ عبدالوهاب حسين, في مسيرة تطالب بإنهاء عقود من هيمنة عائلة آل خليفة على مقاليد الحكم في البحرين واستئثارها بموارد البلاد الإقتصادية.
السلطات تعاملت مع الإنتفاضة بقوة مفرطة , إذ فتحت نيران أسلحتها على المتظاهرين العزل حتى سقط اول شهيد في الثورة في يومها الأول, ثم توالي مسلسل سقوط الشهداء وحتى اليوم. فيما اكتضت السجون بالمعتقلات التي يقبع فيها اليوم قرابة 4000 معتقل سياسي وفي طليعتهم قادة ورموز الثورة كالإستاذ عبدالوهاب حسين والأستاذ حسن مشيمع والشيخ محمد حبيب المقداد وعبدالهادي الخواجة وابراهيم شريف وغيرهم.
وتعرض المدافعون عن حقوق الإنسان الى حملة شرسة, وفي طليعتهم نبيل رجب رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان والشقيقتين زينب ومريم الخواجة, إذ صدرت بحقهم أحكام مختلفة بالسجن على خلفية نشاطهم الحقوقي وتوثيقهم لجرائم النظام. فيما اعتقلت السلطات زعيم أكبر جمعية سياسية في البلاد الشيخ علي سلمان أمين عام جمعية الوفاق وعدد آخر من قيادي الجمعية. وأصدرت كذلك أحكاما بسلب الجنسية البحرانية عن العشرات من الصحفيين والإعلاميين والناشطين السياسيين البحرانيين.
واليوم وبعد مرور أربعة سنوات على انطلاق ثورة الرابع عشر من فبراير تبدو البحرين كسجن كبير يحرم فيه المواطنون من حقوقهم الأساسية في التعبير عن الرأي وحرية التجمع السلمي. الا ان السلطات وبالرغم من لجوئها للسلاح لقمع الإنتفاضة وبالرغم من استعانتها بالجيوش الخارجية كالجيش السعودي وقوة امواج الخليج وقوات من الدرك الأردني, إلا انها فشلت فشلا ذريعا في احتواء الثورة التي تزداد عنفوانا يوما بعد آخر,كما ظهر خلال الإيام الماضية إحياءا لذكرى الثورة.
إذ عم البحرين اضراب شامل وقطعت الطرقات وتحولت البحرين الى ساحة حرب بسبب استخدام القوات الحكومية للأسلحة المحرمة دوليا وللغازات الخانقة بشكل مفرط. ولايبدو ان السلطات في وارد الإستجابة لمطالب الشعب المشروعة والتي تتمحور حول إنهاء سياسات التمييز الطائفي بحق المواطنين الإصليين, وانهاء هيمنة عائلة واحدة على السلطة, فالبلاد يحكمها رئيس وزراء أوحد هو خليفة بن سلمان الخليفة ومنذ استقلالها عام 1971, وبالمشاركة في ثروات البلاد وانهاء سياسات التجنيس السياسي التي تهدف الى تحويل البحرانيين الى أقلية في بلادهم.
ومما يعزز موقف السلطات الرافض لكافة الحلول هو الدعم الذي تحظى به من لدن السعودية فضلا عن كونها مقرا للإسطول الخامس الأمريكي, كما وانها أعطت بريطانيا امتيازا لإنشاء قاعدة عسكرية بريطانية في البحرين هي الأولى في المنطقة ومنذ الإنسحاب البريطاني قبل أكثر من أربعة عقود. ولذا فإن نجاح سلطات البحرين في شراء صمت الدول الكبرى عبر صفقات التلسح والإتفاقيات العسكرية, اغراها بالإستمرار في سياساتها القمعية للشعب ورفض الإستجابة لمطالبه.
غير ان سلطات آل خليفة الحاكمة نسيت بأن جميع الحكام الذين سبقوها في المنطقة تخلت عنهم الدول الكبرى حال انتهاء مفعولهم , ولذا فإن ذات المصير الذي انتهى اليه صدام والقذافي وبن علي سوف تنتهي إليه عائلة آل خليفة, ففي السياسة لايوجد عدو أو صديق دائم بل هناك مصالح مستدامة.
ولايبدو أن الشعب البحراني الأعزل آبه لإختلال موازين القوى في صراعه مع النظام, كما ولايبدو معوَّلا على العامل الخارجي لأحداث تغيير في البحرين, فرهانه اليوم على قواه الذاتية وعلى حيوية شبابه المتجددة وهو مؤمن بأن النصر حليف الشعوب مهما طال الزمان او قصر.
https://telegram.me/buratha