المقالات

سراب المشاريع


( بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين )

ذهبت معظم التوقعات والتكهنات والقراءات التحليلية لواقع العملية السياسية الجارية في العراق خصوصاً في فصلها الأخير بعد عمليات الانسحاب والتعليق والتجميد من البرلمان والحكومة لبعض الكتل الى التسليم بحتمية انهيار التجربة وفرض البدائل المصنوعة في الغرف المخابراتية العربية الإقليمية على الإرادة الوطنية العراقية ومنجزها الذي تحقق بعد أكثر من نصف قرن من التضحيات والكفاح المضمخ بالدماء والآهات والقهر والحرمان.ويبدو ان هناك مَنْ كان يتصور بأن مجرد إعلان انسحابه التكتيكي من العملية السياسية او الإشارة الى وزرائه بعدم حضور جلسات رئاسة مجلس الوزراء كان كافياً للاطاحة بهذا الصرح النضالي الجهادي الكبير والواسع، غير متأمل لمسيرة التأسيس والبناء التي تجاوزت ازمات والتفافات كانت الاخطر في حينها كمحاولات تعطيل الاستحقاقات الانتخابية وعملية كتابة الدستور والتصويت عليه وصولاً الى انهاء الظاهرة الزرقاوية والصدامية في آن معاً.

تصنيفنا لتلك الازمات بأنها الأخطر يأتي من كون التجربة العراقية الجديدة لم تكن قد اكتسبت المناعة الكافية آنذاك مرة بسبب ضعف الخبرة وأخرى بسبب عدم اكتمال بناء مؤسساتنا الدستورية والتنفيذية والقضائية والأمنية والعسكرية والاقتصادية، لكن ان يعتقد البعض بأنه بات الان قادراً على مصادرة منجزاتنا تلك لمجرد انسحابه من الحكومة او تعليق عضويته في البرلمان فهذا ما يجعلنا غير عابئين من توصيفه بسراب المشاريع وسذاجتها بعد ان استطاعت تجربتنا الجديدة ان تتحول الى حقيقة سياسية دستورية شرعية إدارية أمنية اقتصادية دبلوماسية، أعادت للعراق هيبته وزادت في تأكيد مصاديق قوته وإصراره على استعادة استقراره وأمنه وتطوره وهو يقاتل نيابة عن النواميس البشرية أشرس إخطبوط إرهابي عرفه العالم القديم والمعاصر.

ان الحراك السياسي الذي تشهده ساحتنا العراقية خلال الأيام هذه اثبت بما لا يقبل الشك بأن التجربة العراقية الحديثة تمتلك من الأوراق الضاغطة والرابحة ما لم يمتلكه غيرها وهذا ما أفصحت عنه الاتفاقات التي وقعتها القوى السياسية العراقية الأساسية والتي تركت الباب مفتوحاً غير موصد أمام الراغبين للدخول في النادي الوطني الذي لن يسمح لنفسه بالهزيمة أمام جماهيره المليونية التي وضعت كل ثقتها وآمالها وطموحاتها فيه.وهنا نجد الفرصة ما زالت قائمة أمام الجميع دون استثناء لإعادة قراءة المشهد العراقي بدقة والتعامل معه على ضوء المعطيات التي أفرزتها مسيرة السنوات الخمس الماضية، وبغير ذلك فإن أية محاولة أخرى للالتفاف على منجزنا سيكون مصيرها كسابقاتها مع احتمال إغلاق بوابات الفرص التي أساء الغير فهمها واستيعابها.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك