( بقلم : جعفر الحكيم )
في خضم تزايد موجة العنف المؤطّر بإطار إسلامي ووصوله إلى مستويات غير معقولة من الوحشية والهمجية بل واللا إنسانية،أصبح الكلام عن القيم العربية الأصيلة أو التذكير بمكارم الأخلاق –التي مابُعث النبي محمد(ص) إلا ليتممها- أصبح لا يعدو كونه نوعا من أنواع البطر الفكري !فالعنف الأصولي الذي يلبس تارةً رداء المقاومة،وتارةً أخرى يرتدي رداء الثورة ضدّ الأنظمة ،لم يدّخر وسيلة ومهما بلغ مستوى وضاعتها إلا وأستخدمها خدمةَ لأجندته التي باتت مكشوفة لكل ذي لب،وهي تتمحور حول هدف مركزي واحد ألا وهو السيطرة على العباد والبلاد وبأي وسيلة ومهما كلّف الثمن.فقد صارت جرائم مهولة، قد نهى الإسلام عنها اشّد النهي ،من قبيل قتل الأبرياء من المدنيين وتفجير الأسواق والباصات ودور العبادة وذبح الأطفال والتسليب والنهب أصبحت هذه الأفعال الشنيعة فتوحات إسلامية وغزوات مباركة وانتصارات مؤزرة يمنّ الله بها على المجاهدين !!بل صارت ظواهر مثل ذبح الأسرى ممن أوقعهم حظهم العاثر بمخالب تلك الوحوش الكاسرة عملا جهاديا بامتياز !والأدهى والأمر إن اختطاف النساء والتهديد بقتلهن والمساومة عليهن يعتبر بعرف الجهاديين من الأعمال البطولية والرجولية على الرغم من كل ما يحمله هذا الفعل من نذالة وجبن ومخالفة للأعراف والقيّم والأخلاق .إن هذا الانحدار الأخلاقي الرهيب لهؤلاء القتلة لا ُيثير مطلقاً الاستغراب أو الدهشة،إذ انه في حقيقة الأمر ماهو إلا إنجلاء لطبيعة القوم الهمجية بعد سقوط كل الأقنعة عن وجوههم القبيحة،لكن ما يثير الاستغراب والذي يصل إلى مستوى الصدمة هو موقف أدعياء الدين والتنظير الاسلاموي او القومجيون إزاء كل هذه الجرائم المقززة،كذلك موقفهم من تلكم الطغمة المنحرفة التي ولغت في دماء عباد الله
فدائما ما نراهم يلوذون بالصمت عند كل جريمة يرتكبها الإرهابيون وكأن الأمر لايعنيهم وعندما ُيحصروا في زاوية الأسئلة عنها نراهم يتمتمون بكلمات تبدو خجولة عن إستنكارهم للجرائم التي تطال المدنيين لكنهم وبنفس الوقت نراهم يمجّدون مرتكبي هذه الجرائم ويطلقون عليهم صفة المقاومة او الجهاد في تناقض عجيب ينمّ عن فقدان للمصداقية وازدواجية مخجلة.
وهم غالبا ما يعللون دفاعهم عن قتلة الأبرياء هؤلاء بأنهم يقاومون الاحتلال أو لأنهم يتصدون للمشروع الأمريكي وكأن المقاومة تعطي الحق للإنسان بأن يتحول إلى حيوان مفترس متحلل من كل ما يمتّ للإنسانية بصلة.أن الكثير من الأمم والشعوب مرت بمراحل عانت فيها من وطأة الاحتلال وشرعت بمقاومته بشتى الوسائل السلمية او المسلحة لكننا لم نقرأ في تاريخ أي منها ولو معشار الجرائم التي ترتكبها مقاومتنا الباسلة بحق أطفالنا ونسائنا ومرضانا، فهؤلاء البواسل من مفجري الأسواق وقتلة الأطفال مصرّين على إفناء نصف الشعب قربانا للتحرير والنصر المؤزّر!
إنّ هذا المنطق المتهافت أو شبيها له هو ما يتنطّع به علينا الكثير من أدعياء العلم كالقرضاوي وشلة الجزيرة أو أدعياء الوطنية أو القومجيون من الذين يطلّون علينا من الفضائيات العتيدة مطبلين وممجدين للقتلة والإرهابيين،وعندما ُيسألون عن الجرائم الفظيعة التي يرتكبها هؤلاء الإرهابيون لانجد لديهم إلا جوابا واحدا وهو إدانة واستنكار الأعمال الإجرامية، لكن دون إدانة مرتكبيها بل على العكس الاعتزاز والافتخار بهم.
ومما يقع في خانة هذا المنطق السخيف ما قاله محامي الجماعات الإسلامية- منتصر الزيات- في فضائية العربية وضمن برنامج(نقطة نظام) حيث صرّح هذا المدلّس الظلامي بما معناه:
(إنني لا أقر الأعمال والجرائم التي قام بها أبو مصعب الزرقاوي ضد المدنين لكنني اعتبره إماما ومجاهدا وأحتسبه عند الله شهيدا لأنه قاتل الأمريكان) هكذا وبكل وقاحة وعدم مراعاة لمشاعر من فقدوا أحبتهم نتيجةً لجرائم الزرقاوي يستخف الزيّات بعقول المشاهدين ويمنح صفة الشهادة لمجرم يعترف هو بجرائمه ولايقرّها.....فهل بعد كل هذا من تهافت وانحدار في القيم والأخلاق لقد هوى هذا الظلامي ومن على شاكلته الى مستوى الحضيض بانتهازيتهم وتناقضهم المفضوح،وحري بكل منصف أن يضع هؤلاء المطبلين للإرهابيين في خانة واحدة مع من يبرر للمحتل أعماله فهم جميعا يشتركون بصفة وضيعة وواطئة واحدة.... وهي التبرير لجرائم المجرمين.
د.جعفر الحكيمرئيس تحرير جريدة المهاجر/الولايات المتحدة
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)