( بقلم : حسن هاني زاده )
رغم نفاق الكتاب العرب بتصنيف الشيعة الى عرب وغير عرب ولكن تاريخيا فان هذه الامة هي "خير امة اخرجت للناس" وعقيدتها واحدة وانتمائها الى آل البيت يجعل مصيرها مشتركا رغم اختلافها جغرافيا. والاحداث التاريخية التي وقعت بعد حادثة سقيفة بني ساعدة المؤلمة والتي كانت انطلاقة لشق الاسلام الى فسطاطين تركت اثرا بالغا على نفوس محبي آل بيت رسول الله (ص).
فمن تداعيات حادثة سقيفة بني ساعدة كان ارتداد شريحة من الاعراب الى جاهليتهم والشريحة الاخرى من ناصر آل البيت عليهم السلام , وهذا الحادث هو الذي دفع شيعة آل رسول الله (ص) الى نزع ثوب العروبة المزيفة المتسمة بالتقاليد الجاهلية البالية.
فالاحداث الدامية التي وقعت في عام واحد وستين من الهجرة والتي استشهد خلالها الامام الحسين عليه السلام و72 من صحبه الغر الميامين على يد شلة من العرب الاجلاف في كربلاء آنذاك قد زادت من الهوة بين اتباع آل البيت وعربان الجاهلية وما زالت هذه الفجوة باقية بل ازدادت توسعا يوما بعد يوم. واستفحل العداء بين ادعياء القومية العربية والشيعة بعد ان دأب الاستعمار البريطاني على زرع المذهب الوهابي الحاقد على اتباع آل البيت (ع) في الجزيرة العربية في القرن التاسع عشر للميلاد.
وقامت هذه الفئة الضالة والمنحرفة على تزييف الاحاديث والروايات لتشويه سمعة الشيعة والتشكيك بمعتقداتهم المذهبية ذات الطابع الانساني والاصلاحي. وبعد استلام البعثيين الحكم في العراق عام ثمانية وستين عبر انقلاب عسكري حاول البعثيون بث الخلافات بين الشيعة والسنة في العراق اذ قام النظام الصدامي بتهجير آلاف العوائل من شيعة العراق الى ايران بسبب انتمائهم المذهبي متهما اياهم بانهم من اصول ايرانية.
وخلافا لما يتخيل بعض الكتاب العرب المنافقين والحاقدين فان التشيع لم يأت من البلدان الاخرى الى العراق وانما العكس فقد دخل البلدان المجاورة من العراق وانتشر بسرعة بسبب تسامحه وانفتاحه على الآخرين وخلوه من النزعة القومية. ورغم المساعي الخيرة والانسانية التي قام بها المراجع الاجلاء في ايران والعراق لردم الهوة بين الطوائف الاسلامية لكن هذه المساعي لم تفلح بسبب النزعة العنصرية الكامنة في نفوس الفاشيين وحقدهم الدفين تجاه الشيعة.
وبعيدا عن كل المجاملات فانه لا توجد اي صلة او وشيجة تربط الشيعة بادعياء القومية العربية بل ان هذه الطائفة في حد ذاتها امة واحدة ولدت من رحم الاسلام الاصيل نأت بنفسها عن تقاليد الجاهلية العربية وشكلت كيانا دينيا لا يشوبه شائبة.
وحاليا يحاول الكتاب العرب ان يحشروا الشيعة في بوتقة القومية العربية المزيفة التي اكل الدهر عليها وشرب ولا محل للاعراب فيها لدى الشيعة. اذن بعد كل النكبات والاضطهاد التي عانى منها الشيعة على مدى القرون الماضية سيما من خلال الفتاوي التكفيرية التي يطلقها الوهابيون بين حين وآخر ضد الشيعة لم تبق اي صلة تربط هذه الشريحة بالقومية العربية المزيفة.
ولا بد هنا ان نضع حدا فاصلا بين العروبة المزيفة وبين الشيعة في البلدان العربية اذ ان الشيعة قبل انتمائهم الى هويتهم القومية ينتمون الى مذهبهم الانساني وبالتالي لا توجد حدود جغرافية بين اتباع هذا المذهب الانساني الاصيل ولا يمكن تصنيفهم ضمن دعاة القومية العربية المنافقين .
حسن هاني زاده – صحفي ايراني
https://telegram.me/buratha