( بقلم : بشرى أمير الخزرجي )
كانت في زيارة مع العائلة الى مدينة الإمام الحسين (ع) كربلاء المقدسة، هي لم تزرها من قبل .. فهذه هي المرة الاولى عندما اختارتها الجدة كي تكون ضمن قافلة الزائرين الذين أعدوا العدة منذ وقت لهذه الرحلة الإيمانية الروحية الاستجمامية .. كان يوم عيد عندما أخبروها بالنبأ السعيد، فلطالما حلمت بأن يأتي اليوم الذين تذهب فيه مع العائلة لزيارة العتبات المقدسة، لقد سمعت من أقرانها بنات الجيران وقريباتها عن سحر مدينة الحسين الجميلة المحيطة ببساتين الحمضيات وأسوار النخيل الباسقة وبأجوائها وألوانها وعطرها ونورها الحسيني والعباسي الذي يسلب الألباب وبالأخص أيام المناسبات الدينية وولادات أهل البيت عليهم السلام.
وصلت العائلة الى المدينة المقدسة عند المساء .. كان هذا في غرة شهر شعبان المبارك، وقد تهيأ أهل المدينة الطيبين لاستقبال قوافل الزائرين الذين قدموا من كل حدب وصوب، من داخل الوطن الحبيب وخارجه، وهم يحملون التهاني والأماني لصاحب العصر والزمان (عج) بهذه المناسبة العطرة .. نظرت البنت الجنوبية (زينب) ذات الربيع العاشر، من نافذة السيارة والفرح يغمر قلبها البض المتلهف الممتلىء حبا وشوقا الى مراقد آل رسول الله (ص) وقد لاحت المنائر الشامخات للحضرتين الحسينية والعباسية، والأنوار تنبعث منها الى عنان السماء.الأجواء أجواء فرح رسول الله محمد (ص) بولادة سبطه الإمام الحسين (ع)، انه يوم بشر النبي والبضعة الطاهرة فاطمة (ع) والصهر علي (ع) بالولادة الميمونة لسيد شباب الجنة .. لبست المدينة المقدسة جلباب الفرح وتزينت بأجمل حليها وهي تحتضن صاحب هذا اليوم، وأي يوم.. فيه ولد ريحانة النبي وسفينة النجاة سيد شباب أهل الجنة الذي بكاه جده وهو بلفافته يضمه إليه ويقبل موضع النحر الشريف منه.
توقفت السيارة وترجل الجميع ثم اتجهت العائلة نحو المرقد الحسيني الشريف .. كانت زينب تمشي وهي منتشية وعيونها ترنو نحو القبة الذهبية والفرح يغمر فؤادها المتسارع. يا الله ها أنا ذا اقترب من باب الصحن الشريف .. لقد تحقق حلمي وجئتك زائرة يا ابن البتول الطاهرة .. جئتكِ يا كربلاء والشوق قد سبقني إليك .. أنت ِ قطعة من الجنة كما وصفوك يا كربلاء .. انهمر الدمع من عينيها بلا استئذان وهي تسرق النظرات هنا وهناك لمدينة شهد طفّها أعظم ملحمة عرفها التاريخ .. تلك الملحمة التي انتصر فيها الدم على السيف .. والمظلوم على الظالم، خيّل لها أنها في مسرح الحدث، حيث قصص الأطياب والأصحاب الذين ذابوا حباً وعشقاً بريحانة رسول الله .. تناهى الى سمعها صوت الشهيد (عابس بن شبيب الشاكري) وهو يردد "حب الحسين اجنّني"، فأسرعت الخطى لتلحق بركب العاشقين وترتمي على أعتاب باب الجنة، تنهل من نعيمها .. رأت زينب الناس والبشر يعلو محياهم في يوم ولادة ابن المصطفى وهم يرددون: "ذاك اسمك حسين ساكن گلوبنا" .. "واحنا المحبين وانت محبوبنا" .. "عنوانك ورقم السكن ساكن گلوبنا" .. فبادلتهم زينب هذا العشق الحسيني الخالد المتجدد.
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)