ونحن نعيش سيل من الهموم والمحن المتلاحقة في وطن مـُزقت اوصاله بسكاكين خارجية وداخلية وجدت نفسي اصل لنقطة اللاتحمل فان شغلتني مصيبة تفجير منائر سامراء عن مصيبة الطفل المتفحم الذي سلب ما بقي لدي من قوة تحمل فاي مصيبة ممكن ان تشغلني عن مصيبة فتاوى اللعين أبن جبرين التي سلبت مني النوم وجعلتني في قلق دائم من عدو لا يرعى حرمة ومن نفس لا تملك الا ان تسأل بارئها ان يوفقها لتسلك درباً يقف عائقاً امام هؤلاء الاشقياء .
وبينما انا كذلك واذا الايام ترتدي وشاحاً اسوداً معلنة قرب ذكرى وفاة كاظم الغيض الامام الشهيد السابع موسى ابن جعفر عليه السلام ولتكون اول ذكرى تمر علي وانا خارج بغداد وان لم أوفق في كل عام من المشاركة بهذه الزيارة لكن وجودي في بغداد بحد ذاته كنت اعده مشاركة فأزداد المي الذي امتزج بالخوف من مصيبة يتربص بها اراذل الناس لزوار المظلوم سجين بغداد ، وبين احاسيس تأرجحت بين خوف وتحدي ويأس وأمل تلقيت دعوة من الامام الثامن علي ابن موسى الرضا لزيارته والذي استضافني في العام الماضي فما كان مني الا ان اتشرف بهذه الدعوة الدعوة والتي تزامنت مع نهاية شهر رجب والتي تكون فيها الزيارة للامام الرضا من حيث الثواب بألف حجة والف عمرة ووجدتها فرصة كبيرة لغسل روح بشرية اخذت وحشة الافكار تأخذ منها مأخذا كبيرا و لعرض مظلومية شيعة امير المؤمنين عند سلطان خراسان .
وفي طريقي الى خراسان متفكرة في امام قطع كل هذه المسافة ليصل الى هذه البقعة البعيدة وليكون غريباً للغرباء رحت اتذكر جوانب هذه الروضة المحمدية المقدسة والتي اسرت قلبي بجمالها وقدسيتها وزوارها والذين لا ينقطعون لا ليلاً ولا نهاراً ولا صيفا ولا شتاءاً بطريقة تجعل الناظر يستغرب كيف لا يتم اعتبار هذه البقعة من عجائب الدنيا وكيف لا وهي تجمع كل اشكال البشر من شتى الدول في حضرة يحتاج الزائر لخريطة للتجول في اروقتها !! انها دولة العقيدة لسلطان تسلم السلطة بعد موته!! ولعمري ما من شعب يكن محبة لسلطان دولته كما زوار سلطان خراسان الذين يتوافدون مثقلين بالهموم والاحزان والطلبات وليغادروا والسرور يملاْ ثنايا صدورهم .
وعندما لاحت قبة الامام امام ناظري وسط الجبال التي تحيطها وهي تتلألأ بنور الايمان القيت التحية بصوت بدأ يتخافت لقد صار الحلم حقيقة وانا هناك فعلا فما عساي ان اقول لامامي !! من اين أبدأ !! واي ضيفة انا والتي لا تجلب سوى الالام ! ففي العام السابق كنت هناك بخبر فجيعة سامراء وقد اخبرت امامي حينها باني لن اصبر على هذه المصيبة واني اتيت الى قبته والتي لا يرد فيها دعاء لاسال الله ان يجعل عذاب من فعل هذه الفعلة في الدنيا قبل الاخرى ولم تنتهي زيارتي الا وقلبي يسر بخبر مقتل ابو مصعب الزرقاوي وربما لسذاجة مني او ربما سوء تقدير لهول الهجمة ضد معتنقي المذهب الجعفري حسبت ان جزءا كبيرا من الشر قد ولى ورجعت مسبشرة وليمر عام رايت فيه من المصائب ما رأيت .
دخلت الى الروضة المقدسة سائلة الله ان يعينني على الطاعات والدعاء والتوسل باحب الخلق اليه واله بأن يحفظ شيعة أمير المؤمنين ، جلست هناك في دار الاجابة بعيدة عن شباك الضريح والذي يصعب الوصول اليه لكثرة الزائرين وحيث ان القبر الاصلي موجود في دار الاجابة اسفل الضريح المقدس كنت بحاجة لوقت لاستجماع قوتي والتوجه لامامي شاكية تحامل الزمان علينا ومرت ايام ولم اذهب لاقف امام شباك الضريح لم اكن اقوى على ذلك خشيت ان اطلب الدمعة فلا تستجيب لكونها نشفت في احداقي لكثرة المصائب خشيت ان اأوذي أمامي فمصيبة اباه كانت قد قربت .
حزمت الامر على ان اذهب ، سرت وانا اأخذ الوعود من قلبي ولساني بالصمت وما ان وصلت امام الضريح المقدس وصيحات الاستغاثة من شيعته تعلو المكان بحيث ان احد لا ينتبه لدمعة الاخر او كلامه هنا خان القلب واللسان العهد عندما وقعت عيني على طفلة تحملها والدتها على اكتافها لتمسك يداها الصغيرتان الضريح المقدس لتنفجر غصتي ودمعتي سيدي لقد احرقوا اطفالنا فلقد كانت مصيبة الطفل المتفحم اول ما اخبرت به امامي شاكية من حرملة جديد في زماننا نحبت طويلا قبل ان اخبره بان هناك فجيعة اكبر فلقد نسفوا ما بقي من حضرة حفيدك وأبن حفيدك على مراى ومسمع من العالم ، سيدي والفجيعة الاكبر والتي جئتك بخبرها لقد عقدوا النية علناً على ذبح الحسين ثانياً باعلان اللعين ابن جبرين للامر فأين اتجه بهذه المصيبة أأتجه لقباب مهدمة ؟! أم لباب الحوائج الذي حرمني منه قناصة الدليمي يا سيدي تلك الافعى التي لا اطيق سماع فحيحها ؟!! أم اتجه بها الى ذبيح كربلاء وما عساي ان اخبره اأخبره بأنه سيذبح ثانية !!! أم اتوجه لامير المؤمنين الذي ملىء قلبه قيحاَ .
قبل مجيء اليك سيدي قصدت العباس عليه السلام بطلبة ان لايغيب ناظره عن الحسين ع ذاك النظر الذي اطفائه الاشقياء وان يحميه بكفوفه القطيعة ولاتوجه اليك يا سيدي يامن لم تعد غريباَ لاسائل الله بجاهك ان يحمي زوار الكاظمية فلقد هربت من شاشات التلفاز معزية الامام الرضا ع بهذا المصاب وخوفا من فاجعة جديدة ولاسهر هناك في ليلة الوفاة لاشهد محبة الناس لهذا الامام الغريب فهيئات التعازي جاءت من كل ارجاء العالم والزوار من جميع الجنسيات وكم كان رائعا ونحن نقف لصلاة الجماعة لانتبه ان الصف يحوي الايراني و العراقي المتجنس بمختلف الجنسيات والباكستاني والافغاني والبحريني و... انه صف شيعي صف جعفري جلسنا تلك الليلة لنتعبد وندعو عسى ان يستجاب دعائنا ولاننا ربما اثقلت كواهلنا الذنوب توجهت للاطفال الذين التقيتهم صدفة من ضمن عشرات اللقائات بالمواليات واخترت منها لقائيين لطفلتين وما وقع اختياري لها الا لعفويتهما ونقائهما .
كان اللقاء الاول مع ام وثلاث بنات جلسن على مقربة مني ولادرك سريعاً انهم من العراق غير انني اثرت الاستمرار في القراءة غير ان حركة الطفلتين استوهتني لمراقبتهن وهن يتهامسن محدقات الى الانارة وجمال المنظر وقد اعتدن الظلمة !! ولتعتذر الام عندما احست اني ارقبهما وبدانا بتجاذب اطراف الحديث ولاعلم انهم من الكاظمية وقد استغربت الام من كثر الزحام عند غريب الغرباء لتخبرني بان الحضرة الكاظمية تمر عليها أياماً يعد فيها الزوار عداً وهنا اغرورقت عيناناً بالدموع مواسين بعضنا بان شيعة امير المؤمنين لن تقصر في يوم الوفاة واخبرتها بان قباب سامراء هي الغريبة وهنا جلست فرح ( طفلة في الصف الثاني الابتدائي ) تحدثني فالطفلة من اهالي الكاظمية الذين يتميزون بجمال الحديث وصار تسال وتسال وبعدها سالتها هل تذهبين لباب الحوائج فاخبرتني نعم انا ادرس هناك ( مخي ينفتح اهناك !!!) فبادلت الوالدة الابتسامة التي ارتسمت على وجهها ثم مر وقت من الصمت لانشغالنا بالعبادات الى ان استدرت الى فرح تحديداً دون الاخريات لاخبرها بأن لا تنساني من دعائها عند باب الحوائج وانا امسح على يدها واقبلها وهنا سالتني الام لماذا فرح ؟ ولم اجد جواباً لتخبرني الام ان هذه الطفلة لا تسال الله شيئا الا اعطاها في كرامة ذات تفاصيل كثيرة وهنا سالت فرح ان لا تنسى شيعة امير المؤمنين وان تسأل الله ان يحبط خطط من لا يخاف الله وكم كانت فرحتي كبيرة بفرح هذه الطفلة انعشت قلبي .
وفي لقاء اخر في احد الصحون المرفقة بالحضرة الشريفة خصص للعرب يسمى صحن الغدير وفي يوم الوفاة وصوت القصائد الحزينة والمناجات تملأ المكان وفي لحظة حزن عمقية وانا اتفحص معصمي لاتخيل امامي وهو يصلي مع القيود ولاستسلم لنحيب قاطعه جلوس عائلة من النجف الاشرف تجاذبوا الحديث مع من كان معي وكانت معهم نور بنت العشر سنين والتي اخبرتني بانها ستدعي الله الحفظ لشيعة امير المؤمنين وان يحفظ قباب ال محمد بينما كنا نذكر مصيبة تلك الفتاوى رجعت بعد ذلك للسماع الى المحاضرة الى ان انتبهت ان نورتحمل دفتراً وقلماً فطلبت منها ورقة وقلم ووجدت نفسي اكتب رسالة لامير المؤمنين واعطيتها لنور لتودعها شباك ضريح الامير مر الوقت وما ان هممت بالمغادرة توجهت لهم لوداعهم ولتفاجئني نور بورقة صغيرة قائلة هذه لباب الحوائج فذكرتها باني مهجرة من بغداد فقالت ( لا خالة ان شاء الله ترجعون لبيتكم وتزورين وتنطين الورقة لباب الحوائج ) لم افتح الورقة الا بعد ساعة واليكم نص ما كتبت تلك الطفلة حرفيا :( سلام عليك يا امام الكاظم اعذرنا انا اهل نجف ولا نقدر نوصل اليك انفجارات نعلت الله على الارهاب اعذرنا اللهم استجب دعائي واقبل ثنائي وجمع بيني وبين اوليائي نور ) .
انتهت زيارتي التي لم انسى فيها ان شاء الله احداً خاصة ابناء وكالة براثا من كتاب وقراء وشعراء ممن اسعفتني ذاكرتي باسمائهم انتهت بفرحة كبيرة لان الوفاة قد مرت بسلام بفضل الله وبفضل دعاء شيعة امير المؤمنين وبفضل دعاء هاتين الطفلتين التي جددتا في الامل فصمودنا وسجودنا سيكسر كل القيود .
فالسلام عليك يا رسول الله ويا علي ابن ابي طالب ويا فاطمة الزهراء ويا حسن بن علي ويا حسين بن علي وعلى اولاده التسعة عليكم مني سلام الله ابدا ما بقي وبقي الليل والنهار .
( دوت في سمانا يلجاري بدمانا .. يلكاظم امانة حنينا .. )
اختكم المهندسة بغداد
https://telegram.me/buratha