زيارة المالكي الأخيرة لطهران التي وصفها بالناجحة , وتقييمه للدور الإيراني في العراق بأنه بنَاء, واجتماعه مع الرئيس أحمدي نجاد ولقاؤه مع المرشد الأعلى للثورة الإسلامية سماحة السيد الخامنئي , وتأكيد إيران دعمها للحكومة واستعدادها لتقديم المساعدة الأمنية والاقتصادية والخدمية والمشاركة في إقامة المشاريع في مجال الكهرباء وقطاع النفط وذلك للخبرة الطويلة للإيرانيين في هذه المجالات . وتنديد ايران بالمؤامرات التي تحاك ضد الحكومة والشعب , ووصف الرئيس الايراني الأطراف المعارضة للحكومة بأنها باعت عزتها وشرفها للأعداء . وسعي البلدين أن تكون العلاقات المتبادلة متميزة نظرا لتبادل المصالح المشتركة بينهما اكثر من اي دولة من دول الجوار التي لعبت أدواراً سلبية كثيرة ضد مصلحة البلد والشعب وكل ما يحدث في العراق من مشاكل سببها هذه الدول بمحاولاتها المتكررة لإسقاط الحكومة والعودة الى نظام الدكتاتورية من جديد . فمن مصلحة البلدين (ايران والعراق)ان تكون هناك علاقات صداقة طيبة بينهما لما يربط البلدين من حدود طويلة ومشتركات واحدة ومصالح متعددة, فتحسين العلاقات مع الجارة ايران يصب في مصلحة أمن واستقرار العراق بالدرجة الاولى .أما موقف أمريكا من هذه الزيارة فاختلف اختلاف جوهريا مما حدث نظرا لاختلاف طبيعة العلاقات بين واشنطن وطهران والتي انعكست بتحذيرات من الدور الذي تلعبه ايران في العراق , ففي المؤتمر الصحفي الذي عقده بوش في البيت الابيض رد بوش على سؤال لأحد الصحافيين حول ما إذا كان المالكي يشاركه الرأي حول إيران "هل إن سبب زيارة المالكي إلى إيران هو لحثها على لعب دور إيجابي في العراق؟ أفترض أنه يفعل ذلك. لكن رسالتي له هي: عندما يثبت لنا انك تلعب دورا غير بناء فإن هناك ثمنا سيدفع". كما أضاف الرئيس بوش بأنه لا يشترك مع المالكي في تقيمه لدور ايران في العراق " لم أر التقارير الصحافية التي نقلت عن المالكي شكره لإيران. إذا كانت رسالة المالكي أن دور ايران في العراق بناء، حينها سيكون لي كلام صريح مع صديقي المالكي، لأنني أختلف معه في هذا الرأي. ولا أعتقد أن المالكي في داخله يعتقد أن إيران تقوم بدور إيجابي في العراق".الطريقة الامريكية في التعامل مع الملف العراقي تنفي شرعية الحكومة التي انتخبها اكثر من اثنى عشر مليون عراقي جازفوا بحياتهم وسط الارهاب البعثي التكفيري لانتخاب ممثلين لهم , والخروج بحكومة شرعية دستورية من رحم الشعب . على الولايات المتحدة أن تحترم إرادة الشعب العراقي متمثلة بحكومته الوطنية, وما تقوم به لصالح البلد لأن أهل العراق أدرى بشعابهم , فلو تركت الأمور في داخل العراق للحكومة العراقية وقواتها الأمنية دون تدخل امريكي في ملفها الأمني على وجه الخصوص , لحققت الحكومة الأمن والاستقرار بشكل أفضل من تخبط الامريكان الذي نراه الآن من خلال تسليحها لعشائر ومجاميع ارهابية أساءت للشعب بحجة القضاء على تنظيم القاعدة ، إضافة إلى حمايتها لمعاقل الارهاب في محيط بغداد الطائفي وافتعالها لعدو مفترض بعيد عن هؤلاء والذي تسميه مليشيا جيش المهدي لغاية في نفسها وهي ربط موضوع هذا العدو بإيران , وحصوله على إمدادات المال والسلاح منها حسب الادعاء الامريكي . وما تقوم به من هجمات على مدينة الصدر بين الحين والآخر وقتل أعداد من المدنيين أو محاصرة الأحياء الشيعية ، وحملات المداهمات للبحث عن اسلحة وعبوات ناسفة شديدة الانفجار تشك الولايات المتحدة بانها تهرب من ايران رغم انه لا يوجد اي اثبات لذلك حسب تصريح لقائد عسكري امريكي "لا تستطيع الولايات المتحدة إثبات تورط الحكومة المركزية في طهران بتزويد المسلحين بالأسلحة".كما انه لم يُلقَ القبض على أي انتحاري إيراني ، أو زارع عبوات ، أو مصنع لتفخيخ السيارات أو أي دليل ملموس في يد الأمريكان حول ما يهولون به الأمور أو بالدور السلبي الذي تلعبه ايران في العراق؟؟؟ وإن حصل وتم إلقاء القبض على أحد العناصر يذكرون : "يعتقد انه له صلات مع ايران " أي لا شيء يمكن إثباته إلى الآن , ويتغاضون عن الأدلة الملموسة والثابتة والتي يعثر عليها يوميا مثل إلقاء القبض على أعداد كبيرة من الإرهابيين , والأسلحة وملايين الدولارات وشاحنات الأسلحة المتطورة التي يستخدمها الارهابيون لقتل الابرياء والتي تدخل بعلمهم أو بغير علمهم عبر الحدود إضافة إلى الأشرطة المسجلة التي تقطع الشك باليقين في تورط دول عربية كالسعودية وسورية واغلب الدول العربية ودورها القذر في العراق كالإمارات والأردن ومصر باستضافتهم لأزلام النظام وتبنيهم لجميع المؤامرات التي تحاك ضد شعب العراق وحكومته . لماذا تتغاضى الولايات المتحدة عن كل ما يحصل من هذه الدول وتضع في حسبانها مجاميع ذاقت من ظلم النظام السابق الشئ الكثير؟ . خلافات امريكا مع ايران الظاهرية بشأن الملف النووي الايراني الذي أثار مخاوف أمريكا وحلفائها المقربون أمثال السعودية وإسرائيل لا يجب ان تنعكس سلبا على ما يحدث في العراق ويصبح العراق ساحة لتصفية الحسابات الدولية . والضحية هم الابرياء من أبنائه ! وكذلك دول الخليج التي كانت تضخ المليارات لنظام صدام اثناء حربه مع ايران لتبقى رحى الحرب دائرة لتبيد الطرفين الجاريين وتبقى هي المتفرج وفي مأمن مما يحصل , وهذا الهدف ما زال قائما بتأثير القرار السعودي على امريكا من خلال علاقاتها الوطيدة رغم ما ظهر في الفترة الأخيرة من اتهامات أمريكية للسعودية .الطرف الامريكي يدرك تماما طبيعة الدور السعودي السلبي في العراق ، وما صرح به مندوب أمريكا لدى الأمم المتحدة خليلزادة نشرته نيويورك تايمز (فيما يتعلق بالاحتجاج الذي اصدره زلماي خليلزادة للسعوديين بوثائق مزورة وزعت في بغداد تزعم أن المالكي عميل ايراني وقد أبلغ رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر بنية الولايات المتحدة شن حملة على مليشيا جيش المهدي .) لم يأت من فراغ رغم تراجعه عن هذا التصريح في اليوم التالي وأثناء زيارة وزيرة الخارجية الامريكية ووزير الدفاع للسعودية في بداية شهر اب , حيث وصف السعودية بالحليف العظيم والصديق للولايات المتحدة !!! . والانتقادات الامريكية العلنية ومن خلال تقارير والتصريحات الصحفية لمسؤوليين أمريكيين بأن واشنطن مستاءة من السعودية وتعتبر انها تعمل على إعاقة عمل الحكومة العراقية من خلال خداعهم بالوثائق المزورة ولا يخفى علينا دور بندر بن سلطان وتأثيره على اصحاب القرار في الولايات المتحدة , ورصد مجلس الامن القومي السعودي مبلغ مقداره عشرين مليار دولار، وضعت تحت تصرف الأمين العام لهذا المجلس، بندر بن سلطان بن عبد العزيز، لكونها ذات نتائج خطيرة على زعزعة الامن وزيادة التوتر وخلق النزاعات وسعيهم بدعم الجماعات السنية المسلحة في العراق لانها من نفس المذهب وتعارض الحكومة لانها من مذهب اخر وان 40% الى 50% من الانتحاريين من الجنسية السعودية , واخفاق السعودية في وقف سيل الانتحاريين العابرين للحدود . كل هذا تدركه امريكا تماما والتي حاولت امتصاص التوتر الحاصل من خلال زيارة وزيرة الخارجية ووزيرالدفاع للسعودية.هذا الموقف يعكس طبيعة ما يربط من علاقات بين الدولتين فامريكا يمكن لها أن تضحي بأي شيء في سبيل مصالحها حتى ولو كانت على حساب العراق وشعبه , أمريكا لها أهدافها ومصالحها في المنطقة , وأمن إسرائيل يأتي في الدرجة الأولى , فاتخاذ موقف من السعودية من أجل العراق سوف يضر بموافقة السعوديين بالانضمام الى مؤتمر التطبيع مع إسرائيل الذي سيعقد في الخريف المقبل والذي تتبناه امريكا ! . وصفقة الاسلحة الامريكية المزمع عقدها مع السعودية مرتبطة بموافقة الأخيرة الاشتراك والجلوس مع الاسرائيليين على طاولة مفاوضات واحدة شأنهم شأن مصر والاردن والسلطة الفلسطينية . وكذلك هي محاولة للحصول على دعم وتعاون سعودي في كثير من المسائل, وبالرغم من مواقفهم المشتركة المعادية لإيران كان لزاما على أمريكا أن تغض الطرف عن الكثير من إجرام السعودية داخل العراق كتسليح الجماعات الارهابية والدعم المالي لهم بحجة خلق توازن مع من يسلحهم الجانب الإيراني المُدعى عليه للمليشيات الشيعية .. إضافة إلى فتاوى التكفير التي يصدرها شيوخ ال سعود ودورها المدمر داخل العراق والتي لم تجد ضغوطاً من الجانب الامريكي لوقفها . وتأثير السعودية واضح على القرار الامريكي في العراق فهم يضغطون على الاميركيين للبقاء في العراق,وفي الوقت نفسه يقدمون الدعم للقوى العراقية التي تسعى لاسقاط حكومة المالكي التي تساندها الولايات المتحدة حسب ما أشار إليه مساعد وزير الدفاع الامريكي السابق... هكذا أصبح العراق محط صراعات بين دول المنطقة وأمريكا .خابوا وخسئوا .. سيخرجون من العراق هم وعملاؤهم من مرتزقة النظام البائد .. وفلول القاعدة ... فاستعدوا يا أبطال العراق .. فالمرحلة القادمة هي من أخطر المراحل التي تمر بها قضيتنا .. فإما أن نكون أو لا نكون .. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ..عراقيـــه