المقالات

حسينية الكاظمية في البي بي سي !


( بقلم : علاء الزيدي )

أكثر من مرة ، نبـّهنا ، ونبـّه العديد من الكتـّاب ، من يعنيهم الأمر ، إلى أن إذاعة بي بي سي العربية تلعب دورا ً وتمارس عملا ً وفق أجندة خاصة ، لاعلاقة لها بالتوجـّه العام لهيئة الإذاعة البريطانية العريقة . وأوضحنا ، في تلك التنبيهات ، أن الأعراب القائمين على مختلف شؤون الإدارة والتحرير في القسم العربي للبي بي سي ، إنما يمثـّلون المزاج العام الأعرابي ، الرسمي والشعبي ، المناوىء عادة ً للعراقيين في واقعهم الجديد . أي ، أن الصياغات وأساليب التحرير والتعديل والتشذيب والإضافة و " التتبيل " ( إضافة التوابل والبهارات التي تخدم الهدف المـُلاحـَق ) للقصص الخبرية التي تبثـّها إذاعة بي بي سي العربية ، لاتخرج عن الإطار العام الذي نراه ونشهده ونحسـّه في كل وسائل إعلام الأعراب الأخرى ، رسمية وشعبية ، إزاء الحدث العراقي . يعني أن المتلقـّي لايستطيع التفريق عادة بين قناة جزيرة أو عربية ، أو إذاعة قاهرة أو رياض ، أو جريدة شرق أوسط أو أهرام ، فكلهم في الهمِّ سواء ، وكأنـّنا قذى في عيونهم ، أو خازوق في مكان ما من أجسامهم ، مهما تنازلنّا لهم عمـّا لدينا من ثوابت . هم يبتعدون عنـّا بمقدار مانقترب منهم ، هذه هي الحقيقة التي لاينكرها إلا مكابر .بي بي سي العربية ، هذا رأيي النهائي ، وتلفزيونها القادم في أيلول ، أعرابيان بكل معنى الكلمة ، أي حقودان ، ناصبيان ، سخيفان إلى درجة التقيـّؤ ، إن عففت بأسماع وأذواق قرائي ولم أقل التغوّط !

في تقريرها الخبري الرئيس لهذا اليوم ، قالت إذاعة الأعراب في البي بي سي ، بالحرف الواحد :بدأت السلطات العراقية تطبيق عملية أمنية كبرى في العاصمة بغداد لحماية أكثر من مليون زائر يتوقع تدفقهم لاحياء سنوية الامام موسى الكاظم.  وانتشر حوالي 2000 من الشرطة وعناصر الامن لحماية (( حسينية الكاظمية )) شمال العاصمة، وحظرت حركة السيارات في المنطقة.  يذكر أن أعدادا هائلة من الزوار الشيعة يتدفقون كل عام لزيارة ضريح الامام موسى الكاظم الذي عاش في القرن الثامن الميلادي.  ونشرت السلطات المئات من الشرطة، بعضهم بملابس مدنية حول المسجد، الذي يعد أحد أقدس الاماكن الدينية لدى الشيعة. وأقيمت حواجز تفتيش جديدة في المنطقة في محاولة لمنع أي هجمات محتملة من جانب المسلحين الذين يسعون لتفجير أنفسهم وسط التجمعات الكبيرة.  يذكر أن الامام موسى الكاظم، الذي توفي عام 799 ميلادية، هو الامام السابع من بين الائمة الاثني عشر لدى الشيعة.

(( ويتوقع أن يشارك في المناسبة حوالي مليون شخص يقوم عدد كبير منهم بضرب أنفسهم بسلاسل حديدية أو جرح جباههم بالسيوف. ))  (( وكانت شعائر التعازي الحسينية هذه محظورة في عهد الرئيس السابق صدام حسين.))  (( لكنها تمارس حاليا باعتبارها استعراضا للقوة من قبل شيعة العراق، بحسب مراسلنا.))

المتلقي لهذا التقرير الملغوم ، لايحتاج إلى كثير تمعـّن وتتنقيب ، ليدرك أن صايغ الخبر ليس أكثر من ناصبي أعرابي جلف . فهذا الأسلوب الهجومي والازدرائي ليس متناغما ً مع طبع الإنكلوسكسوني الهادىء والرصين والمسالم . فضلا ً عن أن النخبة الإنكليزية المثقفة تعرف الكثير ، ولكن بأسلوب علمي ، عن الفروقات القائمة بين الطوائف المسلمة . فهم إلى الآن مثلا ً ، ومن خلال متابعتي المتواصلة للإعلام هنا ، لم يطلقوا تسمية " حسينية " على أي مسجد شيعي . لذلك فهذا المصري الخائب الذي صاغ خبر بي بي سي العربية ( التي ملأها مواطنه حسام السكري مدير القسم العربي بمحسوبيه وأقاربه وجيرانه ومواطنيه ) إنما يعبـّر عن المفهوم المريض السائد في بلده الأصلي ، إذ يعتقدون هناك أن مساجد الشيعة تدعى " حسينيات " ، دون التفات إلى أن المسجد هو المسجد ، عند الشيعة والسنـّة على السواء ، كما أن قرآنهم واحد ، ونبيهم واحد ، وربهم هو رب العالمين جميعا ً لاشريك له . أما " الحسينية " فهي ليست إلا شيئا ً مشابها ً لدار المناسبات في مصر ، ألتي تقام فيها الاحتفالات الدينية والاجتماعية ومناسبات الأحزان والأفراح ، بفارق واحد أن الحسينية مخصصة في الغالب لأفراح أهل البيت وأحزانهم ، وهذا لايمنع من أن تقام فيها مراسيم الفاتحة والتأبين لعموم الناس . هذا كل مافي الأمر . أما لماذا " حسينية " ؟ فمن غير لماذا ! ألا يستحق سيد الشهداء تكريمه بتسمية دار مناسبات باسمه ؟ وحتى هذه ليست مشكلة ، فلدينا " حيدرية " أيضا ً منسوبة لحيدرة الكرار أمير المؤمنين علي بن أبي طالب . ولا أرى ضيرا ً أن تكون لدينا " كاظمية " و " عسكرية " و " رضوية " و " باقرية " مادامت هذه الأسماء المقدسة تصيب من قلوب أعداء أهل البيت مقتلا ً ! وعلى العموم ، فلأي غبي لا يريد أن يفهم أقول ، إن سبب بناء الحسينيات الأساس ، هو أن المسجد لايستطيع أن يدخله بعض الناس لأسباب خاصة ، مثل الذي عليه جنابة ( قام بالجماع ) ولم يغتسل بعد ، أو الحائض ، أو ... ولو اقتـُصر على إقامة المناسبات على المساجد ( وبعضها لايمكن أن يقام أصلا ً في المساجد ) لحرم الناس من المشاركة ، وهو خلاف العقل والحكمة ، لكن من أين للأغبياء العقل والحكمة !ثم ، إن الروضة الكاظمية المطهـّرة ليست حسينية ، بل هي مسجد بكل ماللكلمة من معان ، بل هي ، فوق ذلك ، من أشرف المساجد وأفضلها ،وهي من تلك البيوت التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه .

أما الكلام السخيف اللاحق حول " الشعائر الحسينية " والسلاسل وضرب الجباه بالسيوف ، فهذه ليست شعائر حسينية أولا ً ، فالشعائر الحسينية هي تلك الخاصة بإحياء ذكرى عاشوراء ، أما هذه التي تجري في الخامس والعشرين من رجب من كل عام ، فهي خاصة بتأبين وتكريم ذكرى الإمام موسى الكاظم ( موسى بن جعفر الصادق ) الذي دسّ له هارون العباسي السم ّ في سجنه الذي دام أربعة عشر عاما ً ، ثم أمر جلاوزته بوضع جثمانه الطاهر على جسر ببغداد ، مدّعين أنه رجل غريب مات وهم لايعرفونه . وحينما سمعت القواعد الشعبية الموالية لأهل البيت بالأمر ، نادى مناديهم في الكرخ ببغداد أن جنازة الطيب بن الطيبين ، موسى الكاظم ، ستشيع ، ودعا الناس إلى المشاركة في التشييع ، فكانت هذه الجنازة المليونية التي نرى انعكاسا ً لها اليوم بعد العديد من القرون . هل فهم أغبياء البي بي سي العربية أم يحتاجون إلى نعال تترى على رؤوسهم لكي تفهمهم وتدفعهم إلى أن يرعووا ويكفـّوا عن هذا الهراء !

ولأهلنا الحزاني نقول : يا أهلنا ، كلما رشـّدتم تأبينكم لأئمتكم ، وجعلتموه على ذات الصورة التي كان عليها ، نقيـّا ً ، هادفا ً و بعيداً عن المظاهر الدموية أو الشاذة ( التي لاتشهدها عادة ذكرى الخامس والعشرين من رجب وكلام أعراب البي بي سي محض افتراء ) ألقمتم أعداء آل محمد حجرا ً ولطمتموهم على وجوههم الكالحة كوجه عدنان الديلمي !

ولمسؤولي هيئة الإعلام والإرسال العراقية أقول ، إذا لم تسارعوا إلى تقنين بث ّ هذه الإذاعة المغرضة ( البي بي سي العربية ) التي تستحوذ على أفضل ترددات باند الأف أم في مراكز المحافظات الوسطى والجنوبية ، كما فعلتم مع قنوات الشرقية والجزيرة اللتين لاتتفوقان عليها في الخبث و العداء ، فإنـّي أخشى أن يأتي ذلك اليوم الذي يبادر فيه الناس إلى فعل ذلك بأيديهم ، وبشكل فوضوي ، خاصة بعد الإنسحاب الوشيك لقوات الإحتلال البريطانية من البصرة !

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
السيد ابو عبدالقدوس
2007-08-10
طيب الله انفاسك وبارك الله فيك لانك نبهت امت المسلمين الى شيء يجهلة اغلب العموم من المستضعفين
skphad
2007-08-10
أتعرفون من هم ضيوف ال بي بي سي من (الاساتذة المحللين العراقيين في زمنهم الاغبر!!) انهم هارون محمد الصدامي العتيد وعلي الكليدار هو الاخر يعبر عن صداميته بوقاحة متناهية!! وأمثالهما من اللذين يمجدون الارهاب والقتل في وطننا وضد ابناء شعبنا المظلوم.... العتب كل العتب على مثقفينا الوطنيين واعلامنا الغائب وبرلماننا المجاز وليس على هذه المؤسسة الارهابية (ال بي بي سي) وضيوفها من المجرمين المساندين للأرهاب!! أين انتم يا أقلام العراق الشرفاء لتخرصوا هذه الابواق الشريرة المعادية لتطلعات شغبنا في الحرية!!
احمد حسن الهاشمي
2007-08-10
اخي صاحب المقال شكرا جزيلا لهذه الالتفته لكن لاتعتبر الاعلام البريطاني نزيها لهذه الدرجه فبريطانيا التي خربت وعاثت فسادا لاتتحول الى ملاك باليلة وضحاها وارجو ان تعرف ان حتى جند السماء لديهم ارتباط بريطاني لذلك ليس من الغريب ان تعبر هذه الاذاعه عن الراي الحكومي
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك