( بقلم : ابراهيم الحسني )
لقد جعلتنا الصدف انا وزميلي الاستاذ الجامعي القادم من العراق على نفقة الحكومة الاسترالية لمدة ستة اشهر ان نلتق بالدكتور انجيدا ليما الباحث في علوم الهندسة الصناعية في أحد الجامعات الاسترالية. حيث انني اقوم بدراسة الدكتوراه، ومشروع بحثي هو معالجة اهتزاز ارضيات البنايات الناتج عن حركة الانسان وكانت فرصة مناسبة لي ولاساتذتي المشرفين على المشروع للاستفادة من وجود الاستاذ الجامعي القادم من العراق بحكم خبرته الطويلة في هذا المجال. وفعلا أكملنا الجانب النظري من مشروع البحث وكان علينا اعداد التجارب المختبرية لاثبات ما توصلنا اليه نظريا وقد احتجنا في تجربتنا الى فحص الخواص الهندسية لقطع البلاستيك وذلك باعداد نموذجا مصغرا لغرض استخدامه في جهاز فحص خواص القطع البلاستيكية. كان علينا ان نجد الة تقوم بقطع البلاستيك بشكل هندسي منتظم الابعاد حيث استثنينا الات القطع اليدوية لعدم دقتها وكذلك القطع بالليزر لانه يقوم بحرق السطح المقطوع وبالتالي تفقد المادة البلاستيكية خواصها الاصلية ولم يبق امامنا الا التفكير بالقطع بواسطة دفق الماء (Water Jet Cutting) .
وقد ذهبنا انا وزميلي القادم من العراق الى الدكتور انجيدا ليما الذي يستخدم هو وطلابه هذا الجهاز في تجاربهم المختبرية وبعد الترحيب والتعارف عرض علينا المساعدة فقمنا باعطاءه نبذة مختصرة عن بحثنا وحاجتنا الى جهاز القطع فذهب معنا الى المختبر حيث يوجد جهاز القطع لمشاهدته عن قرب وقد تبين لنا بان الجهاز لاينفعنا في اعداد النموذج المصغر فقفلنا راجعين وفي اثناء الطريق سالنا الدكتور انجيدا عن وضع العراق فابدينا له سرورنا وسرور جميع العراقيين بفوز المنتخب العراقي ببطولة كاس اسيا وكيف ان المنتخب العراقي قد وحد جميع العراقيين. فقال بالانكليزية ذات اللكنة الافريقية العذبة أتمنى ان يفوز العراق كل يوم لكي يتوحد العراقيون.
ولكن زميلي القادم من العراق أجابه باننا فقدنا أكثر من خمسين عراقيا كانوا يحتفلون بفوز فريقهم قد حصدهم غدر الارهاب وعندها بدأت عينا الدكتور انجيدا تترقرق بالدموع حزنا على هؤلاء الضحايا. لقد بدأ يعرف لنا عن نفسه أكثر وانه من أثيوبيا وقد قدم الى استراليا منذ أكثر من عشرين عاما وقال بانني استطيع ان اصف الجريمة ولكنني اقف عاجزا عن وصف دوافعها. كيف يمكن لانسان ان يقدم على قتل الابرياء وهم وذويهم لايعرفون لماذا قتلوا؟ وقال بانني اجهش بالبكاء ويتقطع قلبي الما عندما اشاهد صور ضحايا الشعب العراقي جراء العمليات الارهابية. وفي الختام شكرناه على مشاعره الطيبة تجاه الشعب العراقي وودعناه بحسرة ولوعة لما رأيناه منه وما نراه من غدر (الاشقاء).
فتحية للامة الاثيوبية التي انجبت مثل الدكتور انجيدا ليما الذي يتعاطف معنا ويتألم لمحنتنا رغم فرق الدين والعرق والقومية واللون وتعسا لقنوات العهر العربي وللامة التي نجتمع معها في الدين والقومية وتسمي قتل الابرياء بـ (المقاومة الشريفة).
ابراهيم الحسنياستراليا
https://telegram.me/buratha