المقالات

من وحي انتفاضة المهجر ... دروس و عبر


( بقلم : د. محمد الصالحي )

لا شك بأن انتفاضة المهجر باتت تشكل ظاهرة تستحق الدراسة والعناية من قبل المهتمين بالعمل الإجتماعي و الإعلامي و السياسي في المجتمعات العراقية المهاجرة. الظاهرة كانت عفوية إلى حد ما فالصرخات التي انطلقت من داخل و خارج العراق داعية إلى استنهاض الهمم و الجهود للدفاع عن العراق بوجه الموجة المتنامية من الإرهاب الأسود قد أحدثت حراكا فكريا و اجتماعيا في داخل مجتمعات المهجر العراقي حول أفضل الطرق و الوسائل التي يمكن من خلالها مؤازرة المرابطين في العراق اليوم.

انتفاضة المهجر تحولت إلى حركة اعتصامات و تظاهرات أمام السفارات السعودية احتجاجا على دعم حكومة المملكة السعودية للسلطات الدينية الوهابية و التي يعتقد كثير من العراقيين بأنها تقف وراء حركة التكفير الديني و التي أنتجت جزءا كبيرا من العنف و الإرهاب في العراق و الذي تركز على أبناء الأغلبية الشيعية في العراق حيث هناك إرثا دينيا من خطاب ديني و فتاوى قام بإصدارها مشايخ الحركة السلفية في السعودية تحرض على قتال المخالفين لمنهجهم الفكري و العقائدي بدعاوى الشرك و الكفر و الردة وغيرها دون تدخل أو ترشيد من قبل النظام السعودي و مؤخرا كانت الفتاوى الداعية لهدم المراقد المقدسة و هي تحريض خطير على مقدسات المسلمين و هي الدعوات التي تبعها الإعتداء الآثم على مرقد الإمامين العسكريين عليهما السلام و كذلك مرقد الشيخ عبدالقادر الكيلاني .

إذن ما هي الفوائد المرجوة من هذا التحرك و ما هي أهداف انتفاضة المهجر و كيف يمكن الإستفادة من قبل هذه الفورة العاطفية و الثورة الإجتماعية لمجتمعات المهجر؟؟. قبل البدء بالحديث علينا أن نعترف بأن مجتمعات المهجر العراقية لا زالت حديثة عهد بتنظيم شؤونها في المهجر كما أن العمل المؤسسي لا زال متخلفا بشكل كبير في مجتمعاتنا كما أن مستوى التنظيم في أوساط هذه الجاليات لا زال بسيطا لا يرقى لمستوى المرحلة و تحدياتها. كل هذه الامور ساهمت في إضعاف الموقف العراقي في الخارج إذا ما قورن بأنشطة جاليات و مجموعات إثنية و عرقية في المهجر و هو أمر ليس موضع بحثنا و لكن خطوة الألف ميل تبدأ بخطوة و هو ما تم عمله بالفعل من قبل النخب المنتفضة .

لعل من أهم النتائج الإيجابية لانتفاضة المهجر هي 1 - أنها أرجعت الجاليات العراقية في المهجر مرة أخرى في كل الحسابات المتعلقة بالعراق و هو أمر مهم حيث الحجم الكبير للجاليات العراقية المهاجرة التي من الممكن أن يفعل دورها بما يخدم الوطن الجريح.

2- بدأت الإنتفاضة تؤسس لعمل مؤسسي لعراقيي المهجر حيث يرى المراقبون لساحة المهجر بوادر إيجابية لم تكن مشهودة من قبل و هو الأمر الذي من المتوقع أن يرتقي بالعمل الإعلامي و السياسي للجاليات المهاجرة.

3- ظهور قادة جدد من الوجوه الشابة المتصدية للعمل التطوعي خلال الإنتفاضة و هو أمر يحتاجه المجتمع العراقي المهاجر حيث سيعمل ذلك على إضفاء حيوية على مجمل أنشطة الجاليات المهاجرة.

4- لا يمكن إغفال الضغط الذي تتعرض له الدولة السعودية خلال هذه الإنتفاضة مما سيعمل على التقليل نسبيا من دور هذه الدولة في ممارسة دورها السلبي المتمثل بمساعدة تنظيمات إرهابية في العراق تحت مسمى (مقاومة) و غيره في المقابل فإن الحكومة العراقية لا شك تشعر ببعض من الإرتياح لهذه التحركات التي خففت عن كاهلها بعضا من الضغوط الدبلوماسية من بعض دول الخليج و في مقدمتها السعودية التي بدأت للجوء للدفاع.

5- لا شك بأن أخبار إنتفاضة المهجر قد تركت انطباعا جيدا لدى عراقيي الداخل و أدخلت السرور في قلوب الكثير من أهالي ضحايا الإرهاب الوهابي حيث للمرة الأولى يتم الحديث عن المجازر و المآسي التي يتعرض لها شيعة العراق بعد أن كان الصمت و السكون هو السمة الغالبة لما يحدث قتل و تصفية على الهوية من قبل الجماعات الإرهابية.

ما هو المطلوب من إنتفاضة المهجر؟؟؟لا شك بأن ما تم عمله للآن هو إنجاز كبير بكل المقاييس المادية ناهيك عن القيمة المعنوية الكبيرة المصاحبة لهكذا تحركات حيث الشعور بالمسؤولية هو الدافع الأكبر لهؤلاء المنتفضين . لا شك بأن الإعتصامات المتواصلة قد شكلت أرقا للسياسيين السعوديين و خير شاهد على ذلك تصريحات وزير الداخلية السعودي الأخيرة و الدعوة لزيارة وفد أمني عراقي قام بها (مستشار الأمن القومي) للرياض.  إلا أن هناك الكثير مما ينبغي عمله خصوصا على الصعيدين الإعلامي و الدبلوماسي.

1- فالجاليات العراقية المهاجرة باتت مطالبة بإقامة علاقات مع وسائل الإعلام المحلية و العالمية و هذا أمر يحتاج لبعض الوقت و كثير من الجهود الخيرة بالإضافة لدعم مادي مطلوب ينبغي التفكير بكيفية الحصول عليه. كما ينبغي استثمار العلاقات الإعلامية المتوفرة في الوقت الحاضر.

2- لا بد من العمل على إقامة علاقات مع الأحزاب السياسية في الدول التي تتواجد فيها الجاليات العراقية و هو أمر مهم جدا و لا بأس بالإبتداء على مستوى شخصي من خلال حث أبناء الجالية على زيارة نواب البرلمان في دوائرهم الإنتخابية و هو أمر ليس بالصعب و لكن لا بد من التفكير بالتحرك تحت مسمى مؤسسة أو منظمة رسمية .

3- لا بد من اختيار تواريخ الإعتصامات لتتزامن مع مناسبات سنوية تجعل من وسائل الإعلام الأجنبية تبحث عن مادة إعلامية فيكون الإعتصام أو التظاهرة هدفا لتغطية صحفية و لا بأس هنا من إقتراح تاريخ 11/9 (تفجيرات نيو يورك) أو 7/7 (تفجيرات لندن) أو غيرها مع التأكيد على البعد الإنساني للقضية و هو أمر ينبغي الإنتباه له دون الخوض بقضايا طائفية أو عرقية.

4- التفكير بحملات إرسال الرسائل الإلكترونية لكل المؤسسات المهمة و هنا يمكن تعبئة كل الطاقات في المجتمع في هذه الحملة و لا بأس بكتابة هذه الرسائل بلغات مختلفة و الطلب من مستقبليها إرسالها للعناوين الخاصة بالمؤسسات و هنا يجدر بنا التفكير بدور المرأة العراقية التي أثبتت حضورا فاعلا في الإنتفاضة.

5- لا بد من إجراء تقييمات دورية للأعمال المنجزة بقراءة نقدية تحاول الإستفادة من الإيجابيات و تطويرها مع محاولة تفادي السلبيات.

بلا شك أن انتفاضة المهجر قد أحدثت نقلة نوعية في أوساط المجتمعات العراقية المهاجرة حيث الحراك الغير مسبوق و هنا لا بد من التأكيد على استمرارية هذه الإنتفاضة و أهميتها على كثير من الأصعدة كما أسلفنا و لكن علينا أن نحاول تطويرها بالوسائل و الطرق المتوفرة مع تبيان الأهداف النبيلة التي قامت من أجلها هذه التحركات المباركة لشبابنا في المهجر و هو أمر يحق لنا أن نفخر به.و الله من وراء القصد

د. محمد الصالحي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك