منذ بزوغ شمس الحقيقة الداعية لعبودية الواحد القهار في الجزيرة العربية أحس بنو أمية الطلقاء خطورة زلزلة عروش سطوتهم على رقاب المستضعفين والجهلة والسذج والضعفاء من العرب وغيرهم من حدود اليمن جنوباً حتى بلاد الشام شمالاً؛ فعمدوا الى امتهان سياسة الخداع والتضليل والتزوير والتحريف عسى أن ينجحوا في مساعيهم بصد الناس من اللحاق بالوحدانية والدخول في الدين الاسلامي السميح .
تاريخ اسود له جذور تعود لقرون طويلة من حكم الجاهلية وتسلط القوي على الضعيف والاسترزاق من عمل البغاء والسطو على القبائل الاخرى وغارتهم ونهبهم وسبي نساءهم وخطف أطفالهم وفتياتهم وبيعهم في سوق الرق والدعارة الذي كانوا قائمين عليه في أطراف البيت العتيق منصبين انفسهم أسياد وأشياخ على العرب بقوة السيف والغدر والخيانة والتآمر خاصة مع ابناء عمومتهم اليهود الذين كانوا يقطنون أطراف المدينة آنذاك.
وتروي كتب العامة قبل الخاصة كيف شكل كبار زعماء بنو أمية وعلى رأسهم أبو سفيان الأحلاف مع يهود بني قريضة والقنيقاع بغية أخماد رسالة السماء الاسلامية عبر فرض الحصار والحظر تارة أو بالحروب والأغارة على المناطق التي كانت تدخل الاسلام هرباً من الشرك والظلام والضلالة وعبودية الأوثان والأصنام نحو الخالق المتعال والتنكيل بالمسلمين وذبحهم والتمثيل بأجسادهم وهي سياسة يمتهنها الآن أتباعهم وأحفادهم القابعون على رقاب المسلمين في الحكومات الموروثة أو ضمن المجموعات الارهابية المسلحة التي تعيث في بلاد المسلمين الفساد .
حرفوا تفاسير الايات القرآنية وأحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فيما كان نبي الرحمة والرأفة (ص) لا يزال على قيد الحياة، دون خجل أو أستحياء فتصدى (ص) لهم بقوة لكن ذلك لم يمنعهم من تكرار النفاق والتزوير والتحريف ما إن إالتحقت روح الحبيب بالمحبوب وأنتقلت الى جوار ربها راضية مرضية ليأتي دور الطلقاء وعبدة الدينار لدفع الأمة نحو الجاهلية والقبلية مرة اخرى كما هو قائم حالياً في الكثير من البلاد العربية خاصة بلدان مجلس التعاون بعيداً عن الحكمة والتعقل وما فرضه الله سبحانه وتعالى وأوصى به الرسول الأكرم محمد المصطفى (ص) .
فأخذ أئمة الهدى والهداية بدءاً بالوصي الامام علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه السلام وحتى آخر امام من أئمة الأنوار الالهية الأثني عشر القائم الموعود عجل الله تعالى فرجه الشريف الذين نصبهم الخالق الرحمن الرحيم (جل وعلا) أئمة على البشرية جمعاء وأوصى بهم خاتم المرسلين (ص) في حديث الثقلين بقوله: "أني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً" - رواه جلال الدين السيوطي الشافعي في كتابه "إحياء الميت"، وعبيد الله الحنفي في كتابه "أرجح المطالب" ص 337، والهندي في "عبقات الانوار" ج 1 ص 181، والسمهودي في "جواهر العقدين، وابراهيم بن محمد الحمويني الشافعي في "فرائد السمطين" ج 2 باب 33 وسليمان القندوزي الحنفي في "ينابيع المودة" ص 341 وكثير غيرهم لا يسع المقال ذكرهم ؛ على عاتقهم التصدي لكل هذه الأفكار والتوجيهات المنحرفة ومساراتها المزيفة بتوعية الأمة بأساليب تتوافق مع أغراض الرسالة السماوية السمحاء وليس تلك التي يرفعها أحفاد آكلة الأكباد وصاحبة الرايات الحمراء وسفهاء وجهلاء بنو أمية اليوم وينشرون الرعب وينثرون الحقد والبغض والعداء والقتل والدمار بين الشعوب، مهما كلف ذلك ثمناً .
فدفع كل واحد منهم عليهم الصلاة والسلام ثمناً باهضاً وغالياً كتبوه بدمائهم الطاهرة على لوح البشرية تقرباً لله سبحانه وتعالى بغية توعية الأمة وإبعادها من العودة نحو الظلمة والضلالة والشر والجاهلية وتعليمها النهج الصحيح للاسلام المحمدي وليس الاسلام الأموي اللآخذ بالاتساع يوماً بعد آخر بفضل الاعلام المقروء والمسموع الذي ملء باحاديث مزيفة ومزورة وانحرافية لا تنم للاسلام بصلة لا من قريب ولا من بعيد ابتعدعها عبدة الأوثان ودراهم القبلية الصنمية الأموية بفتاوى كفر وجهالة بعد أن منع كبار القوم في صدر الاسلام كتابة الحديث وهددوا الصحابة بالقتل والذبح إن نقلوا شيئاً منها لأحد .
وعاشت الأمة طيلة أكثر من أربعة عشرا قرناً مأساة مالها من مثيل حيث عانى ويعاني أنصار أئمة الحق والحقيقة وشيعتهم كما عانى سادتهم وقادتهم عليهم السلام، صنوف الذل والعذاب والتشريد والتقتيل والسبي والنهب والدمار والتفخيخ والبناء داخل أعمدة العمارات وهم أـحياء كما دفنوا في المقابر الجماعية إبان عهد الطاغية المعدوم "صدام" في العراق لا ذنب لهم سوى تمسكهم بخط الاسلام الصحيح، فكفرهم الآخرون واستباحة أموالهم وأعراضهم ونهب ثرواتهم بروايات مبثوثة في حنايا جزئيات ما كتب الله بها من سلطان صنعت لاهداف ومرامي قبلية وشخصية بعيدة كل البعد عن عبودية الله سبحانه وتعالى تخدمها آلية ثروات اليهود ألد أعداء الاسلام " لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا..- المائدة 82" وأبناء عمومتهم ببترودولارات الأمة لتنتقل من صفحات كتب الضلالة نحو فضائيات العهر والدعارة بيافطات دينية ذات أغلفة زاهية مغرية ومضمون قاتل لا يهدف سوى تمزيق الأمة ووحدة صفها وإبعادها كل البعد عن الأهداف الانسانية السامية التي جاء من أجلها الاسلام .
فطُبرت شمس الحقيقة وهي قائمة للصلاة في محراب مسجد الكوفة فيما عانت الآخرى مرارة الخيانة ومحاولات الاغتيال المتكررة حتى من أقرب الناس اليها ومنعوها من الدفن لجوار جدها الهادي الأحمد (ص)؛ وقد غاصت شمس الحرية والإباء والفداء وهي مضرجة بالدماء مقطعة الأوصال في نينوى كربلاء؛ وعاشت اخرى ظلمات قعر السجون لسنوات طويلة بعد أن غابت أخريات قبلها بدس السم من قبل حكام بنو أمية الطغاة .
ولم تقف ماساة أنوار الهداية والامامة الى هذا الحد وكان لبني العباس ايضاً نصيب كبير في تضييق الخناق واستخدام العنف والجبروت ضد شمس الحقيقة وأنصارها وشيعتها لن يقل قساوة وقمعاً عن بني أمية اللقطاء، فاستخدموا الاساليب ذاتها فقتلوها بسم الحقد والكراهية بعد أن رفعوا شعار الدفاع عنها ويالثارات دمها المراق في كربلا؛ فأحرقوا دار زعيم الطائفة ليعيدوا ذكريات حرق الخيام على يد جيش يزيد بن معاوية؛ وأبعدوا الآخرى عن الأهل وديار الأجداد نحو بلاد الطوس لتعيش الوحدة وألم الفراق ومكروا لها الخديعة بولاية العهد بعد أن أمتهنوا كأسلافهم بنو أمية مهنة التضليل وحرف الأمة وما إن فشلوا حتى دسوا لها السم ليتقطع كبدها ويمزق كما تقطع وتمزق كبد جدها الحسن بن علي عليه السلام في المدينة.. وسار الحال هكذا حتى أتى على شمسنا الحادية عشر في سامراء والتي لم ينجوا حتى مرقدها من حقد أحفاد أمية الطلقاء.
وكان لكل شمس مضيئة من شموس أهل بيت النبوة والامامة (ع) دور كبير في توعية الأمة والحد من تفكيك قوامها ومقوماتها وثوابتها ونبلها وكرامتها ودفعها نحو التواصل الحضاري والتطور العلمي والديني بعيداً عن سطوة وظلم الحكام والسلاطين والمؤسسات الدينية المنبطحة والمرتهنة بالدينار الأحمر لرغبة السلطة المنحرفة والظالمة الرامية الى إبعاد المسلمين عن سلك مسار العز والاستقلال والإباء والتضحية والفداء والكرامة وبناء الحضارة الاسلامية الشامخة كما هي وحقيقتها الناصعة .
ودفع كل نور من أنوار الهداية والامام (ع) بكل ما أوتي من العلم والمنطق والكلام والبلاغة للحد من التلاعب بعقول الأمة وأساليب حياتها ومعتقداتها ليبق نور الله سبحانه وتعالى يسطع في المعمورة ويتلألأ ينير طريق الضالين؛ ولولا تلك التضحيات الجسام التي كتبت باحرف من الدم لما تمكنت الأمة من الصمود والبقاء في المعمورة حتى يومنا هذا تصارع وتكافح وتجاهد شياطين الأنس قبل الجن أولئك الذين زرعوا بذور الحقد والكراهية والجهالة والضلالة والنفاق والعصبية والتزييف والتزوير بين ابناء الطوائف الاسلامية والتلاعب بالعقول فاحتلوا الأرض المقدسة ودنسوا قبلتنا الأولى وشقوا أنهاراً من دماء الابرياء بسلاح الطائفية الممطوربالمعلومات المسيسة المريضة المدمرة ذات المخلفات المريرة التي تحمل ربحاً كبيراً لأصحابها وخراباً ودمارناً لبلداننا وشعوبنا .
https://telegram.me/buratha