المقالات

" أمرلي" المُعجزة

7363 01:45:41 2014-08-28

يبدو إننا دخلنا عالم الغرائب والعجائب، عندما نقف عند واقعة مدينة مهددة بالإنقراض في أي لحظة، ونرى العكس تماماً، بأن أعدائها إنقرضوا نتيجة إستبسال ساكنيها بتنوع فئاتهم وأعمارهم، أنها من معجزات الحروب الحديثة فعلاً. 
ينساق الى الذهن؛ تساؤل، ماهو سر بقاء هذه المدينة، وهي محاطة بحلقة الدواعش، هل أناسها خارقون بقوتهم، كما يحصل في بعضِ أفلام" الأكشن" والخُدع البصرية؟! أم لهذه المدينة جداراً يحيط بها، يفوق جدار" برلين" مما أرهق الإرهاب، ومنعهم من التسلل الى أروقتها؟! أو قد تكون معجزة من معجزات العصور الحديثة، يهلك من يعتدي على حدودها؟!
إنها مدينة فاضلة في عالمنا الحديث؛ لكن لم تُكتشف جذورها على يد" أفلاطون" هذه المرة، ليضع ملامحها طِبقاً لِأحلامه الجامحة؛ بل ولدت من رحم الجهاد نفسه، لِتُصبح فاضلة، بصمودها، وجهادها، وتوحد سكانيها في السراء والضراء، والمقاومة بأسلحة بسيطة، وشحة المؤن من الغذاء، والمستلزمات الحياتية، والعزلة في بقعة محددة، دون الإتصال بالعالم الخارجي، ولا من ناصر ومعين. 
ثمانون يوماً من الصمود، تُسجل في تأريخ" أمرلي" ولازال المجتمع الدولي طيلة هذه الأيام المريرة؛ غائباً عن الحالة المأساوية لهذه المدينة المحاصرة بطوق الدواعش، ولازال" البنتاغون" في نعاس عميق، وليس بعيداً أن يكون مُستقصداً، أزاءها، فهي ليست من مُدن الحرب بإعتقادهم، ولم ينزح منها المئات الى مغارات الجبال، خوفاً، و رعباً من صوت القنابل، والرصاص المُمطر على رؤوسهم!
كوارث متلاحقة، كانت، ولازالت صناعة أميركية؛ ترائت مخططاتها بصمود" أمرلي" وغيابها عن أنظار المجتمع الدولي، ولانعلم أن" أوباما" إعتنق الإسلام، ويمثل طائفة معينة! فكيف تناقلت حالة سنجار إليه، والدموع تحت سقف مجلس النواب، ونزوح الآلاف إلى مُعسكر" خازر" ومدن الجنوب، ولم تنتقل حالة أمرلي، وفدائية سكانها الأصلاء..!
من تدفع ثمن هذه الكوارث، فهي الولايات المتحدة الأمريكية، فهذا هو نتاج ديمقراطيتها المزيفة، التي ولدت الإنقسام، والتجزئة، فالفوارق التي يضعها المجتمع الدولي، بين سنجار وغيرها من المدن التي عانت وطأت عصابات داعش، وأمرلي المحاصرة منذ أكثر من شهرين ونصف، ماهو إلا دليل على التطرف المصطنع الذي جاءت به" أمريكا" الى الشرق الأوسط.
قد تكون" أمرلي" عراق مصغر، يحيط به الخطر من كل حدبٍ وصوب، وفي الوقت الذي تحاصر به هذه المدينة؛ فهنالك بلدٌ محاصر، بوكلاء الإرهاب، ممن يصدرون الدواعش، لتسفك الدم، وتقتل الإنسانية، في بلد الإنسانية، ليتحقق هدف أربابهم. لكن الفرق المقاومة، والتوحد، ومحاربة النعرات الطائفية، التي تُجزأ البلد، وتعصف به الى الهاوية.
قد يكون صمود" أمرلي " معجزة في بلدٍ، تغيرت بوصلت أحداثه، و بدأ يشعر بخطر الإنقسام، والتجزئة، ونزوح ساكنيه في وقتٍ ليس بالحسبان. 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك