ما أن أطلق رئيس الوزراء العراقي المتشبث بمنصبه نوري المالكي دعوته لرئيس الوزراء المكلف لتشكيل حكومة أغلبية سياسية, إلا وسارعت الأبواق المأجورة التي ساهمت في صنع الدكتاتورية المالكية الى تأييد دعوته معتبرة إن حكومة الأغلبية ينبغي أن تكون الخطة باء على أجندة الدكتور حيدر العبادي في حال فشل الخطة ألف وهي تشكيل حكومة شراكة وطنية.
وبداية لابد من الأشارة الى أن مثل هذه الدعوة تكشف زيف إدعاءات رئيس الوزراء العراقي واتباعه في إمتثالهم لأرشادات المرجعية الدينية التي أكدت مرارا وتكرارا على ضرورة تشكيل حكومة تحظى بإجماع وطني واسع وفي إشارة واضحة الى رفضها لإطروحة حكومة الأغلبية التي مانفك المالكي عن التلويح بها منذ زمن بعيد , ضاربا بعرض الحائط بإرشادات المرجعية بل ومتحديا لها.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن رئيس الوزراء المكلف لم يمض على تكليفه سوى 10 أيام ولديه متسع من الوقت إجراء مفاوضات مع القوى المختلفة للوصول الى صيغة حكومية تحظى بحد معقول من الإجماع الوطني. ولذا وفي ظل الأجواء التفاوضية اليوم فإن مثل هذه الدعوات تهدف الى تسميم الأجواء وإجهاض محاولة العبادي تشكيل الحكومة ضمن المدة الدستورية.
ولذا فإن المالكي وأتباعه ممن أصبحت مناصبهم على كف عفريت وخاصة في شبكة الإعلام العراقي التي تحولت الى بوق للمالكي بل وأداة لإثارة الفتن وكما فعلت صباح يوم الإثنين (11 آب) عندما زفت بشرى إعتبار المحكمة الإتحادية لكتلة دولة القانون على أنها الكتلة الأكبر , في محاولة للحيلولة دون تكليف العبادي ولتهيئة الرأي العام للوقوف ضده, فإن هؤلاء ربطوا مصيرهم بالمالكي وهم يعلمون علم اليقين أن يد القضاء ستطالهم حال سقوط المالكي ولذا فهم يخوضون معركتهم الأخيرة وان اقتضت تقسيم العراق.
وأمامطالب القوى السياسية اليوم وإن بدت عالية فهو أمر طبيعي قبل كل مفاوضات وبعد ذلك يتم التوصل لحلول وسطى أثناء التفاوض. كما وإن مطالب بعض القوى السياسية مشروعة لأنهاء حكم الأغلبية السائد في البلاد اليوم. ففي عراق اليوم حكومة أغلبية فاشلة برئاسة المالكي يهيمن فيها إئتلافه على معظم مناصبها السيادية.
فائتلاف دولة القانون يهيمن على ثلاثة مناصب سيادية واربع مناصب وزارية سيادية وخمس وزارات اخرى فضلا عن هيمنته المطلقة على الملف الأمني والمؤسسات الأمنية والهيئات المستقلة. وهو الواقع الشاذ الذي تسعى القوى السياسية الى تصحيحه . فمطالب الكتل الأخرى ليست عالية بل واقعية ومحقة تهدف لتصحيح المعادلة التي سادت في عهد المالكي.
فدولة القانون التي خسرت انتخابات العام 2010 واحتفظت برئاسة الحكومة تتمتع اليوم بمناصب حكومية تعادل 180 مقعدا برلمانيا اذا ما أردنا حسابها وفقا لنظام النقاط في حين أن مجموع مقاعده في الدورة السابقة لا يتجاوز ال 90 مقعدا برلمانيا. ولذا فإن عدم تخلي المالكي عن سلطة إئتلافه الغير مشروعة اليوم وإعادة توزيع المناصب السيادية والوزارية وبما يتناسب مع عدد مقاعد كل قوة سياسية سوف لن يؤدي الا الى تقسيم البلاد المقسمة عمليا. وهو الخيار الذي يدفع المالكي العراق نحوه , فمهر الولاية الثانية كانت تمزيق التحالف الوطني وأما تمزيق العراق فهو مهر ولاية المالكي الثالثة!
https://telegram.me/buratha