يبدو أن رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي لم يستوعب الدرس ولازال مصرا على تحدي المرجعية الدينية الممثلة بآية الله العظمى السيد علي السيستاني. فقد ظل مصرا على تحدي دعوتها للتغيير ولعدم التشبث بالمنصب حتى أطاح به رفاقه الذين رفضوا مخالفة إرشادات المرجعية . إلا انه وبرغم تخلي 127 نائبا من كتلة التحالف الوطني عنه , فإنه بقي متشبثا بمنصبه معتبرا أن تكليف العبادي غير دستوري.
وبعد ان خضع للأمر الواقع وأعلن خضوعه لقرار أغلبية قوى التحالف وإعلانه رفضه للمناصب عاد يوم أمس ليكشف عن أحلامه التي لازالت تراوده في البقاء في منصبه. فقد دعا يوم أمس رئيس الوزراء المكلف الدكتور العبادي الى تشكيل حكومة أغلبية سياسية وعدم الرضوخ لمطالب القوى السياسية المختلفة! علما بأن الدكتور العبادي لم يمض على تكليفه بالمهمة سوى أسبوع واحد ولم يبدأ لحد اللحظة مباحثات جدية مع مختلف الكتل حول التشكيلة الحكومية.
غير أن المالكي يسارع الى إجهاض المفاوضات وهي مازالت في مهدها وذلك عبر إطلاقه لتلك الدعوة! وفي ذلك تحدي جديد لإرادة المرجعية الدينية التي أكدت مرارا وتكرارا على ضرورة تشكيل حكومة تحظى بإجماع وطني واسع! فمتى يرعوي هذا الرجل ويفهم بأن تحدي المرجعية سوف لن يؤدي به إلا الى الهاوية!
وأما الهدف من دعوته فهو بلاشك تسميم الأجواء السياسية في البلاد التي شهدت انفراجا بعد تكليف الدكتور العبادي الذي حاز على دعم محلي واقليمي ودولي قل نظيره ومنذ إنطلاق العملية السياسية في البلاد. فهو مازال يمني النفس في البقاء بمنصبه وذلك في حال فشل العبادي في تشكيل الحكومة ضمن المهلة الدستورية المحددة بشهر.
وبذلك سيضمن بقائه في منصبه ولحين تكليف رئيس وزراء جديد مع انعدام كافة حظوظه في ولاية ثالثة بسبب الرفض المحلي والاقليمي والدولي لذلك. وأما عن دعوته لحكومة أغلبية سياسية فنابع من رفض إئتلافه التخلي عن سلطاته الواسعة التي يتمتع بها اليوم. فما لدينا اليوم حكومة أغلبية سياسية بإمتياز بزعامة إئتلاف دولة القانون وقد أثبتت فشلها الذريع وعلى كافة الصعد.
فإئتلاف دولة القانون يستحوذ اليوم على رئاسة الوزراء وقيادة القوات المسلحة ومنصب نائب رئيس الجمهورية ونائب رئيس الوزراء , وكل من وزارات , التعليم العالي والنقل والنفط والمالية والاتصالات والشباب وحقوق الانسان والثقافة وشؤون مجلس النواب فضلا عن ووزارة الأمن الوطني وجهاز المخابرات وهيئة الإستثمار.
وبذلك فهو يهيمن على 15 منصبا حكوميا من ضمنها ثلاث مناصب سيادية واربع وزارات سيادية وكافة المؤسسات الأمنية علما بأن إئتلاف دولة القانون لم يمتلك سوى 89 مقعدا برلمانيافي الدورة الماضية! وهو الواقع الذي يثبت أن الحكومة الحالية هي حكومة أغلبية سياسية أثبتت فشلها فلم يريد المالكي تكرار ذات السيناريو؟
لا شك أن الهدف هو تمزيق العراق فالمالكي الذي مزّق التحالف الوطني العراقي في إنتخابات العام 2010 بسبب إصراره على الولاية الثانية فهو حاضر اليوم لتمزيق العراق من أجل الولاية الثالثة , غير انه نسي أن الله والمرجعية والقوى الوطنية والمجتمع الدولي له بالمرصاد ولن يسمح له أحد للعبث بالعراق مجددا.
https://telegram.me/buratha