بقلم : عدنان آل ردام العبيدي / رئيس تحرير صحيفة الاستقامة / رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين
مبدأ الازمات يكاد يكون طبيعياً في ظل ظروف تغيرية جذرية يعيشها اية بلاد خصوصاً عندما يأتي هذا التغيير بآليات سياسية ودستورية وادارية وامنية وعسكرية واقتصادية واجتماعية غير التي كانت سائدة في البلاد تلك.العراق نموذجاً آخر لهذه الظاهرة، وربما يعد النموذج الاكثر تمايزاً من بين النماذج الاخرى، ففي العراق توجد التعدديات السياسية والعرقية والمذهبية والثقافات المختلفة، وفي العراق ايضاً هيمنت قوة الفرد والقبيلة والمدنية والمنطقة والطائفة والقومية لعقود طويلة من الزمن، وهذه الهيمنة افرزت مقاومة سياسية وميدانية وثقافية واعلامية واجتماعية ربما كان للقمع والاضطهاد السبب الاساس في تناميها وبنائها بدل اجتثاثها ووأدها، وعلى سبيل المثال ممكن القول بان الدولة العراقية وبالرغم من كل صنوف القسوة والابادة والتهجير والتدمير الشامل الذي مارسته ضد الكرد العراقيين الا انها لم تستطع بالتالي الغائهم او اقتلاعهم من الارض العراقية، بل ان الكرد ونتيجة لذاك الاضطهاد ازدادوا تمسكاً بحقوقهم وهويتهم وحقهم كشريك اساس في هذا الوطن وقد يكون رئيس البلاد عراقياً كردياً مقبول من معظم المكونات العراقية بما فيها الاحزاب والحركات والاتجاهات الاجتماعية، ظاهرة ليست بالعادية، بل ان العراقيين لم يجمعوا على رئيس حكم بلادهم كاجماعهم على رئيسهم الحالي فضلاً عن أي رئيس للبلاد طيلة العقود الخمسة الماضية لم تتوافر فيه شروط الشرعية الدستورية كما توافرت بالرئيس الحالي.هذا الامر نفسه ينطبق على الاغلبية العربية العراقية التي واجهت نفس ما واجهه الكرد في الشمال حتى ان النظام المخلوع وصل به التطاول ان يرفع على ابراج دباباته ودروعه التي استباحت مدن الوسط والجنوب شعار (لا شيعة بعد اليوم) الا ان الشيعة واي مكون آخر لا يلفغى بالشعار ولا بالقتل ولا بالاضطهاد، بل وكما اسلفنا ان ذلك يزيد الامم تمسكاً بهويتها وحقوقها وشرعيتها.
من هنا نعتقد ان الازمات التي يشهدها العراق في ظل تجربته الجديدة انما هي تعود بالدرجة الاساس الى غياب ثقافة الشراكة عند البعض وتغذية هذا الغياب بمقومات الانفجار من قبل بعض القوى العربية والاقليمية وحتى المحلية بحجة التضامن مع الطرف الذي يعتقد بالظلامة والتهميش بالوقت الذي هو يسجل فيه حضوراً مكثفاً في السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية وفي المؤسسات الامنية والعسكرية.
ما نريد التأكيد عليه ان لكل طرف الحق ان يطرح رؤاه وافكار ومطالبيه ولكن هذا الحق ينبغي ان يمر عبر قنواته الشرعية والقانونية والدستورية بعيداً عن الاملاءات والتهديد، وعند ذاك سيكون الوصول الى المشتركات امراً يسيراً غير معقداً خصوصاً ان كانت تلك الرؤى والتصورات والافكار والمطالب تضع مصلحة البلاد في اولوياتها.الامر الاخر الذي ينبغي ان نشير اليه، هو ضرورة ان تستفيد الاطراف جميعاً من عودة الرمز الوطني زعيم الائتلاف سماحة السيد عبد العزيز الحكيم الى ارض الوطن فهو بالتأكيد من حصة الجميع وليست من حصته احد وهذا يزيدنا اطمئناناً ليست فقط على العملية السياسية انما على وحدتنا الوطنية المستهدفة وللاسف الشديد من بعض الشركاء والاشقاء على حد سواء.
https://telegram.me/buratha
![](https://telegram.org/img/t_logo.png)